(نِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ تَصِحُّ دِيَانَةً) إجْمَاعًا، فَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: نَوَيْت مِنْ بَلَدِ كَذَا (لَا) يُصَدَّقُ (قَضَاءً) وَكَذَا مَنْ غَصَبَ دَرَاهِمَ إنْسَانٍ فَلَمَّا حَلَّفَهُ الْخَصْمُ عَامًّا نَوَى خَاصًّا (بِهِ يُفْتَى) خِلَافًا لِلْخَصَّافِ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: مَتَى حَلَّفَهُ ظَالِمٌ وَأُخِذَ بِقَوْلِ الْخَصَّافِ، فَلَا بَأْسَ.
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبُ نِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ تَصِحُّ دِيَانَةً لَا قَضَاءً خِلَافًا لِلْخَصَّافِ
(قَوْلُهُ نِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ تَصِحُّ دِيَانَةً لَا قَضَاءً) هَذِهِ الْجُمْلَةُ بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ وَلَوْ ضَمَّ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا أَوْ ثَوْبًا دِينَ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ إذَا ضَمَّ ذَلِكَ يَصِيرُ نَكِرَةً فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ، وَالْعَامُّ تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ، لَكِنْ لَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَعُمُّ وَلَا يَتَنَوَّعُ كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِأَنَّ الْعُمُومَ لِلْأَسْمَاءِ لَا لِلْفِعْلِ هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ سِيبَوَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِهِ لِلْفَارِسِيِّ.
قُلْت: وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْخُرُوجِ وَالْمُسَاكَنَةِ وَالشِّرَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ كَمَا مَرَّ إنَّ التَّنَوُّعَ هُنَاكَ لِلْفِعْلِ بِوَاسِطَةِ مَصْدَرِهِ لَا أَصَالَةً تَأَمَّلْ.
[تَنْبِيهٌ]
قَيَّدَ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْعَامِّ بِالْعُرْفِ يَصِحُّ دِيَانَةً وَقَضَاءً أَيْضًا، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى اللَّفْظِ بِالْعُرْفِ فَلَا تَصِحُّ كَمَا أَوْضَحْنَا ذَلِكَ أَوَّلَ بَابِ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، بَقِيَ هَلْ يَصِحُّ تَعْمِيمُ الْخَاصِّ بِالنِّيَّةِ؟ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ لَمْ أَرَهُ.
قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَعْمِيمَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى اللَّفْظِ، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِالْعُرْفِ فَلَا تَصِحُّ بِالنِّيَّةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْعُرْفَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ النِّيَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا يَصْدُقُ قَضَاءً) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصْدُقُ دِيَانَةً، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ آنِفًا لَا الصِّفَةِ كَكُوفِيَّةٍ أَوْ بَصْرِيَّةٍ أَيْ أَنَّهُ لَا يَدِينُ فِيهَا كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ بَلَدِ كَذَا لَا يَصْدُقُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ يَصْدُقُ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى جَوَازِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِالنِّيَّةِ فَالْخَصَّافُ جَوَّزَهُ وَفِي الظَّاهِرِ لَا، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَخَذَ مِنْهُ دَرَاهِمَ وَحَلَّفَهُ عَلَى أَنَّهُ مَا أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا وَنَوَى الدَّنَانِيرَ فَالْخَصَّافُ جَوَّزَهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَالْفَتْوَى عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِذَا أَخَذَ بِقَوْلِ الْخَصَّافِ فِيمَا إذَا وَقَعَ فِي يَدِ الظَّلَمَةِ لَا بَأْسَ بِهِ. اهـ.
قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْقَضَاءِ أَمَّا فِي الدِّيَانَةِ فَنِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ صَحِيحَةٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَقَدْ مَرَّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ نِيَّةَ تَخْصِيصِ الْعَامِّ تَصِحُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ دِيَانَةً فَقَطْ، وَعِنْدَ الْخَصَّافِ تَصِحُّ قَضَاءً أَيْضًا وَهَذَا إذَا كَانَ الْعَامُّ مَذْكُورًا وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ تَخْصِيصِهِ أَصْلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَقِيلَ يَدِينُ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْ الثَّانِي وَأَنَّهُ اخْتَارَهُ الْخَصَّافُ فَصَارَ حَاصِلُ مَا اخْتَارَهُ الْخَصَّافُ أَنَّهُ فِي الْمَذْكُورِ يَصْدُقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَفِي غَيْرِهِ دِيَانَةً فَقَطْ (قَوْلُهُ مَتَى حَلَّفَهُ ظَالِمٌ وَأُخِذَ بِقَوْلِ الْخَصَّافِ فَلَا بَأْسَ) أَقُولُ: الْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ أُخِذَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ أَيْ وَأَخَذَ الْقَاضِي إذْ لَا مَعْنَى لِأَخْذِ الْحَالِفِ بِهِ قَضَاءً لِأَنَّ أَخْذَ الْحَالِفِ بِمَا نَوَاهُ غَيْرُ خَاصٍّ بِقَوْلِ الْخَصَّافِ.
مَطْلَبُ إذَا كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا يُفْتَى بِقَوْلِ الْخَصَّافِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ حَلَّفَهُ ظَالِمٌ فَحَلَفَ وَنَوَى تَخْصِيصَ الْعَامِّ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَعَلِمَ الْقَاضِي بِحَالِهِ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ؛ بَلْ يُصَدِّقُهُ أَخْذًا بِقَوْلِ الْخَصَّافِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَظْلُومًا فَلَا يُصَدِّقُهُ فَافْهَمْ. قَالَ فِي الْفَتَاوَى