للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلَفَ لَيُصَلِّيَنَّ هَذَا الْيَوْمَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِالْجَمَاعَةِ وَيُجَامِعُ امْرَأَتَهُ، وَلَا يَغْتَسِلُ يُصَلِّي الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِجَمَاعَةٍ ثُمَّ يُجَامِعُهَا ثُمَّ يَغْتَسِلُ كُلَّمَا غَرَبَتْ وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِجَمَاعَةٍ فَلَا يَحْنَثُ.

(حَلَفَ لَا يَحُجُّ فَعَلَى الصَّحِيحِ مِنْهُ) فَلَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ (وَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَةَ عَنْ الثَّالِثِ) أَيْ مُحَمَّدٍ (أَوْ حَتَّى يَطُوفَ أَكْثَرَ الطَّوَافِ) الْمَفْرُوضِ (عَنْ الثَّانِي) وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ لِلْعَلَّامَةِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُقَيْلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ كَانَ مِنْ كِبَارِ فُقَهَاءِ بُخَارَى وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ سَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَلَا يَحْنَثُ فِي الْعُمْرَةِ حَتَّى يَطُوفَ أَكْثَرَهَا.

(إنْ لَبِسْت مِنْ مَغْزُولِك فَهُوَ هَدْيٌ) أَيْ صَدَقَةٌ أَتَصَدَّقُ بِهِ بِمَكَّةَ (فَمَلَك) الزَّوْجُ (قُطْنًا)

ــ

[رد المحتار]

مِنْ أَغْلَظِهِمَا وَإِنْ اسْتَوَيَا فَمِنْهُمَا، وَقَدْ وَجَدْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مِنْهُمَا فَرَجَعْنَا إلَى قَوْلِهِ اهـ مُلَخَّصًا وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ: لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ الرُّعَافِ فَرَعَفَ ثُمَّ بَالَ فَتَوَضَّأَ حَنِثَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ بَالَ أَوَّلًا ثُمَّ رَعَفَ وَتَوَضَّأَ فَعَلَى قَوْلِ الْجُرْجَانِيِّ لَا يَحْنَثُ وَعَلَى ظَاهِرِ الْجَوَابِ وَقَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ يَحْنَثُ تَتَارْخَانِيَّةٌ: قُلْت: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ يُصَلِّي الْفَجْرَ إلَخْ) كَذَا أَجَابَ ابْنُ الْفَضْلِ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ إلَخْ قَالَ ح: وَفِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ بَقِيَّةَ النَّهَارِ إلَى الْغُرُوبِ فَكَيْفَ يَبَرُّ بِثَلَاثِ صَلَوَاتٍ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا يَشْمَلُ اللَّيْلَةَ بِقَرِينَةِ الْخَمْسِ صَلَوَاتٍ، فَمَا الْحَاجَةُ إلَى مُجَامَعَتِهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ بِجَمَاعَةٍ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْأَلْغَازِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.

قُلْت: لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ يَمِينَهُ بِظَاهِرِهَا مَعْقُودَةٌ عَلَى بَقِيَّةِ النَّهَارِ، وَبِذِكْرِهِ الْخَمْسَ احْتَمَلَ أَنَّهُ أَرَادَ مَا يَشْمَلُ اللَّيْلَ فَإِذَا جَامَعَ وَاغْتَسَلَ نَهَارًا يَحْنَثُ يَقِينًا وَكَذَا لَوْ جَامَعَ وَاغْتَسَلَ لَيْلًا لِأَنَّهُ وُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ لِأَنَّهُ فِي النَّهَارِ لَمْ يُجَامِعْ وَفِي اللَّيْلِ قَدْ اغْتَسَلَ وَقَدْ حَلَفَ أَنَّهُ يُجَامِعُ وَلَا يَغْتَسِلُ.

أَمَّا إذَا جَامَعَ فِي النَّهَارِ وَاغْتَسَلَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَإِنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْمُرَادِ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْحِنْثِ، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْآخَرِ وُجِدَ فَلَا يَحْنَثُ بِالشَّكِّ، وَأَمَّا التَّقْيِيدُ بِالْجَمَاعَةِ فَهُوَ لِتَأْكِيدِ كَوْنِ الْخَمْسِ هِيَ الْمَكْتُوبَةَ.

ثُمَّ ظَهَرَ لِي جَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا انْعَقَدَتْ عَلَى النَّهَارِ فَقَطْ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ أَدَاءُ الْخَمْسِ فِي النَّهَارِ انْصَرَفَتْ إلَى مَا يُتَصَوَّرُ شَرْعًا وَهُوَ أَدَاءُ الْكُلِّ فِي أَوْقَاتِهَا كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى تَزَوُّجِ مَحْرَمِهِ فَتَزَوَّجَهَا حَنِثَ لِأَنَّ يَمِينَهُ تَنْصَرِفُ إلَى مَا يُتَصَوَّرُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَبَرُّ إلَّا إذَا صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا وَجَامَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَاغْتَسَلَ بَعْدَهُ إذْ لَوْ جَامَعَ وَاغْتَسَلَ نَهَارًا حَنِثَ لِأَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَغْتَسِلَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَإِنْ كَانَا فِي اللَّيْلِ حَنِثَ أَيْضًا لِأَنَّهُ حَلَفَ أَنْ يُجَامِعَ فِي النَّهَارِ وَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ هُوَ الْمُرَادُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْإِيرَادُ فَافْهَمْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَحُجُّ

(قَوْلُهُ حَلَفَ لَا يَحُجُّ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ حَجَّةً أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ عَنْ الثَّالِثِ) أَيْ أَنَّ هَذَا مَرْوِيٌّ عَنْهُ (قَوْلُهُ عَنْ الثَّانِي) أَيْ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ) جَزَمَ بِهِ أَيْضًا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِأَنَّ الْحَجَّ عِبَارَةٌ عَنْ أَجْنَاسٍ مِنْ الْفِعْلِ كَالصَّلَاةِ فَتَنَاوَلَتْ الْيَمِينَ جَمِيعَهَا وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ إلَّا بِأَكْثَرِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ.

فَإِنْ جَامَعَ فِيهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحَجِّ الْقُرْبَةُ فَتَنَاوَلَتْ الْيَمِينُ الْحَجَّ الصَّحِيحَ كَالصَّلَاةِ شَرْحُ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ فِي الْعُمْرَةِ) أَيْ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَعْتَمِرُ.

مَطْلَبُ إنْ لَبِسْت مِنْ مَغْزُولِك فَهُوَ هَدْيٌ

(قَوْلُهُ أَيْ صَدَقَةٌ أَتَصَدَّقُ بِهِ بِمَكَّةَ) ذِكْرُ ضَمِيرِ بِهِ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ بِمَعْنَى الْمُتَصَدَّقِ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>