للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَاحِدُ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ، وَلَوْ قَيَّدَهَا بِوَقْتٍ فَمَضَى قَبْلَ الْفِعْلِ حَنِثَ إنْ بَقِيَ الْإِمْكَانُ وَإِلَّا بِأَنْ وَقَعَ الْيَأْسُ بِمَوْتِهِ أَوْ بِفَوْتِ الْمَحَلِّ بَطَلَتْ يَمِينُهُ كَمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ زَيْلَعِيٌّ.

(حَلَّفَهُ وَالٍ لَيُعْلِمَنَّهُ بِكُلِّ دَاعِرٍ) بِمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ مُفْسِدٍ (دَخَلَ الْبَلْدَةَ تَقَيَّدَ) حَلِفُهُ (بِقِيَامِ وِلَايَتِهِ) بَيَانٌ لِكَوْنِ الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ تَصِيرُ مُقَيَّدَةً بِدَلَالَةِ الْحَالِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ يَمِينِهِ بِفَوْرِ عِلْمِهِ وَإِذَا سَقَطَتْ لَا تَعُودُ، وَلَوْ تَرَقَّى بِلَا عَزْلٍ إلَى

ــ

[رد المحتار]

أَوْ نَاسِيًا أَصِيلًا أَوْ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ، وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ لَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الْحِنْثِ حَتَّى يَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ الْفِعْلِ، وَذَلِكَ بِمَوْتِ الْحَالِفِ قَبْلَ الْفِعْلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِالْكَفَّارَةِ أَوْ بِفَوْتِ مَحَلِّ الْفِعْلِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ زَيْدًا أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ فَمَاتَ زَيْدٌ أَوْ أُكِلَ الرَّغِيفُ قَبْلَ أَكْلِهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَيَّدَهَا بِوَقْتٍ) مِثْلُ لَيَأْكُلَنَّهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ وَقَعَ الْيَأْسُ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ أَوْ بِفَوْتِ الْمَحَلِّ) هَذَا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فَتْحٌ.

مَطْلَبُ حَلَّفَهُ وَالٍ لِيُعْلِمَنَّهُ بِكُلِّ دَاعِرٍ

(قَوْلُهُ تَقَيَّدَ حَلِفُهُ بِقِيَامِ وِلَايَتِهِ) هَذَا التَّخْصِيصُ بِالزَّمَانِ ثَبَتَ بِدَلَالَةِ الْحَالِ وَهُوَ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الِاسْتِحْلَافِ زَجْرُهُ بِمَا يَدْفَعُ شَرَّهُ أَوْ شَرَّ غَيْرِهِ بِزَجْرِهِ لِأَنَّهُ إذَا زَجَرَ دَاعِرًا انْزَجَرَ آخَرُ، وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِي حَالِ وِلَايَتِهِ لِأَنَّهَا حَالَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يُفِيدُ فَائِدَتَهُ بَعْدَ زَوَالِ سَلْطَنَتِهِ، وَالزَّوَالُ بِالْمَوْتِ وَكَذَا بِالْعَزْلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ بَعْدَ الْعَزْلِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ يَمِينِهِ بِفَوْرِ عِلْمِهِ) هَذَا بَحْثٌ لِابْنِ هُمَامٍ فَإِنَّهُ قَالَ وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ ثُمَّ إنَّ الْحَالِفَ لَوْ عَلِمَ بِالدَّاعِرِ وَلَمْ يُعْلِمْ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا إذَا مَاتَ هُوَ أَوْ الْمُسْتَحْلِفُ أَوْ عُزِلَ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ إلَّا بِالْيَأْسِ إلَّا إذَا كَانَتْ مُؤَقَّتَةً فَيَحْنَثُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ مَعَ الْإِمْكَانِ اهـ وَلَوْ حُكِمَ بِانْعِقَادِ هَذِهِ لِلْفَوْرِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا نَظَرًا إلَى الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْمُبَادَرَةُ لِزَجْرِهِ وَدَفْعِ شَرِّهِ، وَالدَّاعِي يُوجِبُ التَّقْيِيدَ بِالْفَوْرِ أَيْ فَوْرِ عِلْمِهِ بِهِ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْمِنَحِ وَاُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَفِي الْعِنَايَةِ وَلَيْسَ يَلْزَمُهُ الْإِعْلَامُ حَالَ دُخُولِهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ الْإِعْلَامَ إلَى مَا بَعْدَ مَوْتِ الْوَالِي أَوْ عَزْلِهِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. اهـ.

قُلْت: قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ: رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ: أَوْ عَزْلِهِ أَيْ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّ الْعَزْلَ كَالْمَوْتِ فِي زَوَالِ الْوِلَايَةِ خِلَافًا لِمَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا نَقَلْنَاهُ سَابِقًا عَلَى الْفَتْحِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْفَوْرِ عِنْدَ قِيَامِ الْقَرِينَةِ حُكْمٌ ثَابِتٌ فِي الْمَذْهَبِ. فَصَارَ حَاصِلُ بَحْثِ ابْنِ الْهُمَامِ أَنَّ الْوَالِيَ إذَا كَانَ مُرَادُهُ دَفْعَ الْفَسَادِ فِي الْبَلَدِ وَحَلَّفَ رَجُلًا بِأَنْ يُعْلِمَهُ بِكُلِّ مُفْسِدٍ دَخَلَ الْبَلَدَ، فَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنْ يُخْبِرَهُ بَعْدَ إفْسَادِهِ سِنِينَ فِي الْبَلَدِ بَلْ مُرَادُهُ إخْبَارُهُ بِهِ قَبْلَ إظْهَارِهِ الْفَسَادَ فَهَذَا قَرِينَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ يَمِينُ الْفَوْرِ الثَّابِتِ حُكْمُهَا فِي الْمَذْهَبِ، فَمَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَالْعِنَايَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ قِيَامِ قَرِينَةِ الْفَوْرِ، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْهُمَامِ مَبْنِيٌّ عَلَى قِيَامِهَا فَحَيْثُ قَامَتْ الْقَرِينَةُ عَلَى الْفَوْرِ حُكِمَ بِهَا بِنَصِّ الْمَذْهَبِ وَإِلَّا فَلَا فَلَمْ يَكُنْ بَحْثُهُ مُخَالِفًا لِلْمَنْقُولِ بَلْ هُوَ مَعْقُولٌ مَقْبُولٌ فَلِذَا أَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْفُحُولُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَإِذَا سَقَطَتْ لَا تَعُودُ) أَيْ إذَا سَقَطَتْ بِالْعَزْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا مَرَّ لَا تَعُودُ بِعَوْدِهِ إلَى الْوِلَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَقَّى بِلَا عَزْلٍ إلَخْ) هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْفَتْحِ، بَلْ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا بِقَوْلِهِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا عُزِلَ مِنْ وَظِيفَتِهِ، وَتَوَلَّى وَظِيفَةً أُخْرَى أَعْلَى مِنْهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَسِّكًا مِنْ إزَالَةِ الْفَسَادِ أَكْثَرَ مِنْ الْحَالَةِ الْأُولَى. اهـ.

قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فَاصِلٌ بَيْنَ عَزْلِهِ وَتَوْلِيَتِهِ، بَلْ الْمُرَادُ تَرَقِّيه فِي الْوِلَايَةِ، وَانْتِقَالُهُ عَنْ الْأُولَى إلَى أَعْلَى مِنْهَا وَلِذَا عَبَّرَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ تَرَقَّى بِلَا عَزْلٍ أَمَّا لَوْ عُزِلَ ثُمَّ تَوَلَّى بَعْدُ مَثَلًا فَقَدْ تَحَقَّقَ سُقُوطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>