مَنْصِبٍ أَعْلَى فَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ لِزِيَادَةِ تَمَكُّنِهِ فَتْحٌ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَسَائِلُ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (كَمَا لَوْ حَلَّفَ رَبُّ الدَّيْنِ غَرِيمَهُ أَوْ الْكَفِيلُ بِأَمْرٍ الْمَكْفُولَ عَنْهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا بِإِذْنِهِ تَقَيَّدَ بِالْخُرُوجِ حَالَ قِيَامِ الدَّيْنِ وَالْكَفَالَةِ) لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَصِحُّ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْمَنْعِ وَوِلَايَةُ الْمَنْعِ حَالَ قِيَامِهِ (وَ) مِنْهَا (لَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ تَقَيَّدَ بِحَالِ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ) بِخِلَافِ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ مِنْ الدَّارِ لِعَدَمِ دَلَالَةِ التَّقْيِيدِ زَيْلَعِيٌّ.
(حَلَفَ لَيَهَبَنَّ فُلَانًا فَوَهَبَهُ لَهُ فَلَمْ يُقْبَلْ بَرَّ) وَكَذَا كُلُّ عَقْدِ تَبَرُّعٍ كَعَارِيَّةٍ وَوَصِيَّةٍ وَإِقْرَارٍ (بِخِلَافِ الْبَيْعِ) وَنَحْوِهِ حَيْثُ لَا يَبَرُّ بِلَا قَبُولٍ وَكَذَا فِي طَرَفِ النَّفْيِ وَالْأَصْلُ
ــ
[رد المحتار]
الْيَمِينِ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ (قَوْلُهُ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ) أَيْ جِنْسِ مَا تَقَيَّدَ بِالْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فِي اللَّفْظِ (قَوْلُهُ أَوْ الْكَفِيلُ بِأَمْرٍ الْمَكْفُولَ عَنْهُ) كَذَا وَقَعَ فِي الْبَحْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْفَتْحِ وَالنَّهْرِ لَفْظَ الْأَمْرِ، وَلِذَا قِيلَ إنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ أَقُولُ أَيْ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَهُ وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ عَلَى الْكَفِيلِ سَوَاءٌ كَانَ كَفِيلًا بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَوْ لَا لَكِنَّ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَفِيلَ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى غَرِيمِهِ وَلَفْظُ أَمْرٍ مُضَافٌ إلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْكَفِيلُ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ وَلَفْظُ أَمْرٍ بِالتَّنْوِينِ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ مَنْصُوبٌ عُطِفَ عَلَى غَرِيمِهِ مَفْعُولِ حَلَّفَ وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُ كَافِي النَّسَفِيِّ أَوْ الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ الْمَكْفُولَ عَنْهُ، وَعَلَيْهِ فَالتَّقْيِيدُ بِالْأَمْرِ لَهُ فَائِدَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَهُ بِالْأَمْرِ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ رَبِّ الدَّيْنِ فَلِذَا كَانَ لِتَحْلِيفِهِ الْمَكْفُولَ فَائِدَةٌ وَيَتَقَيَّدُ تَحْلِيفُهُ بِمُدَّةِ قِيَامِ الدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ رَبِّ الدَّيْنِ فَافْهَمْ وَفِي الْخَانِيَّةِ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا حَلَّفَ الْأَصِيلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَلْدَةِ إلَّا بِإِذْنِهِ فَقَضَى الْأَصِيلُ دَيْنَ الطَّالِبِ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ وَوِلَايَةُ الْمَنْعِ حَالَ قِيَامِهِ) أَيْ قِيَامِ الدَّيْنِ وَمُفَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا إذْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ وَلَا مُطَالَبَتُهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَفِيمَا إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ لِرَبِّ الْمَالِ إذْ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ نَعَمْ لَهُ مُلَازَمَتُهُ أَوْ حَبْسُهُ إذَا لُوزِمَ الْكَفِيلِ أَوْ حُبِسَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ دَلَالَةِ التَّقْيِيدِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْإِذْنَ فَلَا مُوجِبَ لِتَقْيِيدِهِ بِزَمَانِ الْوِلَايَةِ فِي الْإِذْنِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا بِغَيْرِ إذْنِك فَطَالِقٌ، فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهَا طَلُقَتْ لِأَنَّهُ لَمْ تَتَقَيَّدْ يَمِينُهُ بِبَقَاءِ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَقَيَّدُ بِهِ لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَسْتَفِيدُ وِلَايَةَ الْإِذْنِ وَالْمَنْعِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ. اهـ. فَتْحٌ أَيْ بِخِلَافِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ يَسْتَفِيدُ وِلَايَةَ الْإِذْنِ بِالْعَقْدِ وَكَذَا رَبُّ الدَّيْنِ، كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ: امْرَأَتِي تَدُلُّ عَلَى التَّقْيِيدِ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ لَمْ تَبْقَ امْرَأَتَهُ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ لَا لِلتَّقْيِيدِ، بَلْ لِلتَّعْرِيفِ كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ إنْ قَبَّلْت امْرَأَتِي فُلَانَةَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَقَبَّلَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ يَحْنَثُ فَافْهَمْ، وَانْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي التَّعْلِيقِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ.
مَطْلَبُ حَلَفَ لَيَهَبَنَّ لَهُ فَوَهَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ
(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَالْإِجَارَةِ وَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّهْنِ وَالْخُلْعِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي طَرَفِ النَّفْيِ) فَإِذَا قَالَ: لَا أَهَبُ حَنِثَ بِالْإِيجَابِ فَقَطْ بِخِلَافِ لَا أَبِيعُ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ الْهِبَةَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ، فَيَتِمُّ بِالْمُتَبَرِّعِ أَمَّا الْبَيْعُ فَمُعَاوَضَةٍ فَاقْتَضَى الْفِعْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَعِنْدَ زُفَرَ الْهِبَةُ كَالْبَيْعِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ أَوْ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ، فَلَمْ تَقْبَلْ وَقَالَ بَلْ قَبِلَتْ فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبَيْعِ تَضَمَّنَ الْإِقْرَارَ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَعَلَى الْخِلَافِ الْقَرْضُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْقَبُولَ فِيهِ شَرْطٌ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ وَنُقِلَ فِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ وَالْإِبْرَاءُ يُشْبِهُ الْبَيْعَ لِإِفَادَتِهِ الْمِلْكَ بِاللَّفْظِ وَالْهِبَةَ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: إنَّهُمَا كَالْهِبَةِ وَقِيلَ الْأَشْبَهُ أَنْ يُلْحَقَ الْإِبْرَاءُ بِالْهِبَةِ وَالْقَرْضُ بِالْبَيْعِ، وَالِاسْتِقْرَاضُ كَالْهِبَةِ بِلَا خِلَافٍ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَانْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ الْيَمِينِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
[فَرْعٌ]
فِي الْفَتْحِ لَوْ قَالَ الْعَبْدُ إنْ وَهَبَك فُلَانٌ مِنِّي فَأَنْتَ حُرٌّ فَوَهَبَهُ مِنْهُ إنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَاهِبِ لَا يَعْتِقُ سَلَّمَهُ لَهُ أَوْ لَا وَإِنْ كَانَ وَدِيعَةً فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إنْ بَدَأَ الْوَاهِبُ فَقَالَ وَهَبْتُكَهُ لَا يَعْتِقُ قَبِلَ أَوْ لَا، وَإِنْ بَدَأَ الْآخَرُ فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute