للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْرِ حَشَفَةٍ مِنْ ذَكَرِ (مُكَلَّفٍ) خَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ (نَاطِقٍ) خَرَجَ وَطْءُ الْأَخْرَسِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِلشُّبْهَةِ. وَأَمَّا الْأَعْمَى فَيُحَدُّ لِلزِّنَا بِالْإِقْرَارِ لَا بِالْبُرْهَانِ شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ (طَائِعٍ فِي قُبُلِ مُشْتَهَاةٍ) حَالًا أَوْ مَاضِيًا خَرَجَ الْمُكْرَهُ وَالدُّبُرُ وَنَحْوُ الصَّغِيرَةِ (خَالٍ عَنْ مِلْكِهِ) أَيْ مِلْكِ الْوَاطِئِ (وَشُبْهَتِهِ) أَيْ فِي الْمَحِلِّ لَا فِي الْفِعْلِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ؛ وَزَادَ الْكَمَالُ (فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) لِأَنَّهُ لَا حَدَّ بِالزِّنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ (أَوْ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ) بِأَنْ اسْتَلْقَى

ــ

[رد المحتار]

أَنَّ مَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مِنْ تَعْرِيفِ الزِّنَا بِمَا مَرَّ تَعْرِيفٌ لِلشَّرْعِيِّ الْأَعَمِّ، فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْقُيُودِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ لِلْأَخَصِّ الْمُوجِبِ لِلْحَدِّ، عَلَى أَنَّ الْقُيُودَ الْمَذْكُورَةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا شُرُوطٌ لِإِجْرَاءِ الْحُكْمِ كَمَا فِي النَّهْرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ قَدْرِ حَشَفَةٍ) أَيْ حَشَفَةٍ أَوْ قَدْرِهَا مِمَّنْ كَانَ مَقْطُوعَهَا، لَكِنْ صَرَّحَ بِالْخَفِيِّ وَسَكَتَ عَنْ الظَّاهِرِ لِعِلْمِهِ بِالْأُولَى اخْتِصَارًا، أَوْ أَقْحَمَ لَفْظَ قَدْرِ لِإِفَادَةِ التَّعْمِيمِ لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ نَفْسِ الْحَشَفَةِ فَإِيلَاجُ بَعْضِهَا غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَطْئًا وَلِذَا لَمْ يُوجِبْ الْغُسْلَ وَلَمْ يُفْسِدْ الْحَجَّ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَأَشَارَ بِسُكُوتِهِ عَنْ الْإِنْزَالِ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ (قَوْلُهُ مُكَلَّفٍ) أَيْ عَاقِلٍ بَالِغٍ، وَلَمْ يَقُلْ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ فِي حَقِّ الْجَلْدِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِالْإِشَارَةِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ لَا بِالْبُرْهَانِ) ذَكَرَ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ أَنَّهُ رَآهُ فِي نُسْخَتِهِ الْخَانِيَّةِ، وَذَكَرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ: يَعْنِيَ ابْنَ وَهْبَانَ خَصَّ ذَلِكَ بِالْأَخْرَسِ.

أَقُولُ: الَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ الْخَانِيَّةِ هَكَذَا: وَلَوْ أَقَرَّ الْأَخْرَسُ بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ أَوْ إشَارَةٍ لَا يُحَدُّ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِالزِّنَا لَا تُقْبَلُ.

الْأَعْمَى إذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَصِيرِ فِي حُكْمِ الْإِقْرَارِ. اهـ. فَقَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ إلَخْ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَخْرَسِ لَا فِي الْأَعْمَى، خِلَافًا لِمَا رَآهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي نُسْخَتِهِ فَإِنَّهُ غَلَطٌ لِقَوْلِ الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ: بِخِلَافِ الْأَعْمَى صَحَّ إقْرَارُهُ وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُضْمَرَاتِ، وَبِهِ جَزَمَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ وَشَرْحِ الْكَنْزِ لِلْمَقْدِسِيِّ (قَوْلُهُ فِي قُبُلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِوَطْءٍ (قَوْلُهُ أَوْ مَاضِيًا) أَدْخَلَ بِهِ الْعَجُوزَ الشَّوْهَاءَ، فَإِنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَهَاةً فِي الْحَالِ لَكِنَّهَا كَانَتْ مُشْتَهَاةً فِيمَا مَضَى (قَوْلُهُ خَرَجَ الْمُكْرَهُ) أَيْ بِقَيْدِ طَائِعٍ وَالدُّبُرُ بِقَيْدِ قُبُلٍ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّهُ لَا حَدَّ بِاللِّوَاطَةِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا مِنْ أَنَّهُ يُحَدُّ بِفِعْلِ ذَلِكَ فِي الْأَجَانِبِ فَيَدْخُلُ فِي الزِّنَا وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَنَحْوُ الصَّغِيرَةِ) هُوَ الْمَيِّتَةُ وَالْبَهِيمَةُ ح.

وَهَذَا خَرَجَ بِقَيْدِ مُشْتَهَاةٍ وَالْمُرَادُ الصَّغِيرَةُ وَنَحْوُهَا، فَإِقْحَامُ لَفْظِ نَحْوُ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَنَظِيرُهُ عَلَى أَحَدِ الِاحْتِمَالَاتِ قَوْلُهُمْ: مِثْلُك لَا يَبْخَلُ (قَوْلُهُ خَالٍ عَنْ مِلْكِهِ) أَيْ مِلْكِ يَمِينِهِ وَمِلْكِ نِكَاحِهِ، وَهُوَ صِفَةٌ لِقُبُلٍ ط أَوْ صِفَةٌ لِوَطْءٍ (قَوْلُهُ وَشُبْهَتِهِ) أَيْ شُبْهَةِ مِلْكِ الْيَمِينِ وَمِلْكِ النِّكَاحِ.

فَالْأُولَى كَوَطْءِ جَارِيَةٍ مُكَاتَبَةٍ أَوْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ، أَوْ جَارِيَةِ الْمَغْنَمِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا فِي حَقِّ الْغَازِي. وَالثَّانِيَةُ كَتَزَوُّجِ امْرَأَةٍ بِلَا شُهُودٍ أَوْ أَمَةٍ بِلَا إذْنِ مَوْلَاهَا، أَوْ تَزَوُّجِ الْعَبْدِ بِلَا إذْنِ مَوْلَاهُ حَمَوِيٌّ عَنْ الْمِفْتَاحِ ط (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْمَحِلِّ) وَيُقَالُ لَهَا شُبْهَةُ مِلْكٍ وَشُبْهَةٌ حُكْمِيَّةٌ كَوَطْءِ جَارِيَةِ ابْنِهِ ط (قَوْلُهُ لَا فِي الْفِعْلِ) وَتُسَمَّى شُبْهَةَ اشْتِبَاهٍ كَوَطْءِ مُعْتَدَّةِ الثَّلَاثِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْوَطْءِ زِنًا خُلُوُّهُ عَنْ شُبْهَةِ الْمَحِلِّ؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُ نَفْيَ الْحُدُودِ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ حِلَّهُ، بِخِلَافِ شُبْهَةِ الْفِعْلِ فَإِنَّهَا لَا تَنْفِيهِ مُطْلَقًا، بَلْ إنْ ظَنَّ الْحِلَّ، أَمَّا إنْ لَمْ يَظُنَّهُ فَلَا، وَلِذَا خَصَّصَ الْأُولَى بِالْإِرَادَةِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ خُلُوَّهُ عَمَّا يَعُمُّ شُبْهَةَ الْفِعْلِ بِقَيْدِ ظَنِّ الْحِلِّ فِيهَا صَحَّ أَيْضًا أَفَادَهُ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) مَفْعُولُ زَادَ وَهَذَا الْقَيْدُ يُومِئُ إلَيْهِ قَوْلُهُمْ وَأَيْنَ هُوَ، وَكَذَا قَوْلُهُمْ فِي الْبَابِ الْآتِي لَا حَدَّ بِالزِّنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالْبَغْيِ. وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي دَارِ الْعَدْلِ لِيَخْرُجَ دَارُ الْبَغْيِ أَيْضًا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَزْنِ دَاخِلَ الْمُعَسْكَرِ الَّذِي فِيهِ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ يُحَدُّ كَمَا سَيَأْتِي هُنَاكَ (قَوْلُهُ أَوْ تَمْكِينُهُ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى وَطْءُ وَأَوْ لِلتَّقْسِيمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>