للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَيَثْبُتُ بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ) رِجَالٍ (فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ) فَلَوْ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ حُدُّوا (بِ) لَفْظِ (الزِّنَا لَا) مُجَرَّدِ لَفْظِ (الْوَطْءِ وَالْجِمَاعِ) وَظَاهِرُ الدُّرَرِ أَنَّ مَا يُفِيدُ مَعْنَى الزِّنَا يَقُومُ مَقَامَهُ (وَلَوْ) كَانَ (الزَّوْجُ أَحَدَهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ) الزَّوْجُ (قَذَفَهَا) وَلَمْ يَشْهَدْ بِزِنَاهَا بِوَلَدِهِ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ اللِّعَانَ عَنْ نَفْسِهِ فِي الْأُولَى وَيُسْقِطُ نِصْفَ الْمَهْرِ لَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ لَوْ بَعْدَهُ فِي الثَّانِيَةِ ظَهِيرِيَّةٌ (فَيَسْأَلُهُمْ الْإِمَامُ عَنْهُ مَا هُوَ) أَيْ عَنْ ذَاتِهِ وَهُوَ الْإِيلَاجُ عَيْنِيٌّ (وَكَيْفَ هُوَ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ) أَيْ الزِّنَا عِنْدَ الْقَاضِي، أَمَّا ثُبُوتُهُ فِي نَفْسِهِ فَبِإِيجَادِ الْإِنْسَانِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ حِسِّيٌّ نَهْرٌ (قَوْلُهُ رِجَالٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِشَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ، وَقَيَّدَ بِذَلِكَ مِنْ إدْخَالِ التَّاءِ فِي الْعَدَدِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي النُّصُوصِ (قَوْلُهُ فَلَوْ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ حُدُّوا) أَيْ حَدَّ الْقَذْفِ، وَلَوْ جَاءُوا فُرَادَى وَقَعَدُوا مَقْعَدَ الشُّهُودِ وَقَامَ إلَى الْقَاضِي وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا خَارِجَ الْمَسْجِدِ حُدُّوا جَمِيعًا بَحْرٌ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَعَبَّرَ بِالْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ مَحِلُّ جُلُوسِ الْقَاضِي يَعْنِي أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ يُعْتَبَرُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي لَا خَارِجَهُ، فَلَوْ اجْتَمَعُوا خَارِجَهُ وَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَهُمْ مُتَفَرِّقُونَ فَيُحَدُّونَ (قَوْلُهُ بِلَفْظِ الزِّنَا) مُتَعَلِّقٌ بِشَهَادَةِ، فَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّهُ زَنَى وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالزِّنَا لَمْ يُحَدَّ، وَلَا تُحَدُّ الشُّهُودُ أَيْضًا إلَّا إذَا شَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِالزِّنَا وَالرَّابِعُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَتُحَدُّ الثَّلَاثَةُ ظَهِيرِيَّةٌ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ بِالْإِقْرَارِ لَا تُعْتَبَرُ فَبَقِيَ كَلَامُ الثَّلَاثَةِ قَذْفًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ لَا مُجَرَّدِ لَفْظِ الْوَطْءِ وَالْجِمَاعِ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الزِّنَا هُوَ الدَّالُّ عَلَى فِعْلِ الْحَرَامِ دُونَهُمَا، فَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ وَطِئَهَا وَطْئًا مُحَرَّمًا لَا يَثْبُتُ بَحْرٌ: أَيْ إلَّا إذَا قَالَ وَطْئًا هُوَ زِنًا.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي صَرِيحُهُ مِنْ أَيِّ لِسَانٍ كَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ صَرِيحُ الزِّنَا كَمَا هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الدُّرَرِ إلَخْ) وَنَصُّهَا أَيْ بِشَهَادَةٍ مُلْتَبِسَةٍ بِلَفْظِ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ الدَّالُّ عَلَى فِعْلِ الْحَرَامِ أَوْ مَا يُفِيدُ مَعْنَاهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ. اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا مُحْتَمِلَةٌ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ أَوْ مَا يُفِيدُ مَعْنَاهُ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الدَّالُّ، يَعْنِي أَنَّ الدَّالَّ عَلَى فِعْلِ الْحَرَامِ لَفْظُ الزِّنَا أَوْ مَا يُفِيدُ مَعْنَاهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي أَنَّ مَا يُفِيدُ مَعْنَاهُ تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِهِ، نَعَمْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ عَطْفُهُ عَلَى لَفْظِ الزِّنَا، لَكِنْ قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ أَرَادَ بِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ يَجِبُ بِصَرِيحِ الزِّنَا أَوْ بِمَا هُوَ فِي حُكْمِهِ بِأَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ اقْتِضَاءً كَقَوْلِهِ فِي غَضَبٍ لَسْت لِأَبِيك أَوْ بِابْنِ فُلَانٍ أَبِيهِ اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى هُنَا فَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا مِنْ الْعَطْفِ عَلَى الضَّمِيرِ فَافْهَمْ.

ثُمَّ إنَّهُ لَوْ لَمْ يُبَيِّنْهُ بِمَا ذَكَرَ فِي التَّعْزِيرِ أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِيهِ مِنْ لُغَةٍ أُخْرَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ اللِّعَانَ عَنْ نَفْسِهِ) بَيَانٌ لِلتُّهْمَةِ وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ قَذَفَ أَحَدُهُمْ الرَّجُلَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِمَا ذُكِرَ فِي الزَّوْجِ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ نِصْفُ الْمَهْرِ) أَيْ يُسْقِطُ الزَّوْجُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لِتَضَمُّنِهَا مَجِيءَ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا حَيْثُ كَانَتْ مُطَاوِعَةً لِوَلَدِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ بِمُطَاوَعَتِهَا لَهُ بَلْ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ لِنُشُوزِهَا (قَوْلُهُ ظَهِيرِيَّةٌ) وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ بِزِيَادَةٍ وَتُحَدُّ الثَّلَاثَةُ وَلَا يُحَدُّ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ فَيَسْأَلُهُمْ الْإِمَامُ إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا.

وَقَالَ قَاضِي خَانْ: يَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُمْ دُرَرٌ مُنْتَقَى.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْبَغِي بِمَعْنَى يَجِبُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيَانَ شَرْطٌ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ. قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ مَا صَرَّحَ بِالْوُجُوبِ: وَلَوْ سَأَلَهُمْ فَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى قَوْلِهِمْ إنَّهُمَا زَنَيَا لَا يُحَدُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَلَا الشُّهُودُ، وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ عَنْ ذَاتِهِ وَهُوَ الْإِيلَاجُ) تَفْسِيرٌ لِلْمَاهِيَّةِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِمَا هُوَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَاهِيَّةِ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ الْمَارَّةَ كَمَا فِي الْبَحْرِ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ فَائِدَةَ سُؤَالِهِ عَنْ الْمَاهِيَّةِ أَنَّ الشَّاهِدَ عَسَاهُ يَظُنُّ أَنَّ مُمَاسَّةَ الْفَرْجَيْنِ حَرَامًا زِنًا أَوْ أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ مُحَرَّمٍ زِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ فَيَشْهَدُ بِالزِّنَا.

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِمَاهِيَّتِهِ حَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ، إلَّا أَنَّ هَذَا يَسْتَلْزِمُ الِاسْتِغْنَاءَ عَنْ الْكَيْفِيَّةِ وَالْمَكَانِ لِتَضَمُّنِ التَّعْرِيفِ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. اهـ.

قُلْت: الِاسْتِغْنَاءُ مَدْفُوعٌ؛ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ بَيَانُ حَقِيقَةِ الزِّنَا مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَأَمَّا الْكَيْفِيَّةُ وَالْمَكَانُ وَغَيْرُهُمَا فَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>