للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَصَحَّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى عَلَى الْغَامِدِيَّةِ» .

(وَغَيْرُ الْمُحْصَنِ يُجْلَدُ مِائَةً إنْ حُرًّا، وَنِصْفُهَا لِلْعَبْدِ) بِدَلَالَةِ النَّصِّ، وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ فِي الْآيَةِ الْحَرَائِرُ ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّهُ غَلَّبَ الْإِنَاثَ عَلَى الذُّكُورِ لَكِنَّهُ عَكْسُ الْقَاعِدَةِ.

(وَ) الْعَبْدُ (لَا يَحُدُّهُ سَيِّدُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ) وَلَوْ فَعَلَهُ هَلْ يَكْفِي؟ الظَّاهِرُ لَا، لِقَوْلِهِمْ رُكْنُهُ إقَامَةُ الْإِمَامِ نَهْرٌ (بِسَوْطٍ لَا عُقْدَةَ لَهُ) . فِي الصِّحَاحِ: ثَمَرَةُ السَّوْطِ عُقْدَةُ أَطْرَافِهِ (مُتَوَسِّطًا) بَيْنَ الْجَارِحِ وَغَيْرِ الْمُؤْلِمِ (وَنُزِعَ ثِيَابُهُ خَلَا إزَارٍ) لِيَسْتُرَ عَوْرَتَهُ (وَفُرِّقَ) جَلْدُهُ (عَلَى بَدَنِهِ خَلَا رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَفَرْجِهِ) قِيلَ وَصَدْرِهِ وَبَطْنِهِ؛ وَلَوْ جَلَدَهُ فِي يَوْمٍ خَمْسِينَ مُتَوَالِيَةً وَمِثْلَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَجْزَأَهُ عَلَى الْأَصَحِّ جَوْهَرَةٌ (وَ) قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (يُضْرَبُ الرَّجُلُ قَائِمًا) وَالْمَرْأَةُ قَاعِدَةً (فِي الْحُدُودِ) وَالتَّعَازِيرِ (غَيْرَ مَمْدُودٍ) عَلَى الْأَرْضِ كَمَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ نَهْرٌ

ــ

[رد المحتار]

وَلَوْ شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ بِالزِّنَا أَوْ بِالْقِصَاصِ لَمْ يَحْرُمْ الْمِيرَاثُ

(قَوْلُهُ وَصَحَّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى عَلَى الْغَامِدِيَّةِ» ) أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ، وَأَمَّا أَنَّهُ صَلَّى عَلَى مَاعِزٍ فَفِيهِ تَعَارُضٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ بِدَلَالَةِ النَّصِّ) هُوَ قَوْله تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥]- نَزَلَتْ فِي الْإِمَاءِ.

وَإِذَا ثَبَتَ فِيهِنَّ لِلرِّقِّ ثَبَتَ فِي الذُّكُورِ الْأَرِقَّاءِ دَلَالَةً إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَوْلَوِيَّةُ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ بِالْحُكْمِ بَلْ تَكْفِي الْمُسَاوَاةُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ إلَخْ) فَيَكُونُ دُخُولُ الذُّكُورِ ثَابِتًا بِعِبَارَةِ النَّصِّ لَا بِدَلَالَتِهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ عَكْسُ الْقَاعِدَةِ) وَهِيَ تَغْلِيبُ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ.

وَوَجْهُ الْعَكْسِ هُنَا كَمَا أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ هُوَ كَوْنُ الدَّاعِيَةِ فِيهِنَّ أَقْوَى، وَلِذَا قُدِّمَتْ الزَّانِيَةُ عَلَى الزَّانِي فِي الْآيَةِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِمْ رُكْنُهُ) أَيْ رُكْنُ الْحَدِّ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الرُّكْنَ هُوَ الضَّرْبُ أَوْ الرَّجْمُ.

[تَنْبِيهٌ] فِي كَافِي الْحَاكِمِ: يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْعَبْدِ إذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا أَوْ بِغَيْرِهِ مِمَّا يُوجِبُهُ وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ غَائِبًا، وَكَذَا فِي الْقَطْعِ وَالْقِصَاصِ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ عِتْقِهِ زَنَيْت وَأَنَا عَبْدٌ لَزِمَهُ حَدُّ الْعَبِيدِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الصِّحَاحِ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِمَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْمُتُونِ كَالْقُدُورِيِّ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِمَا بِسَوْطٍ لَا ثَمَرَةَ لَهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمُرَادُ بِالثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ فِي الْكُتُبِ كَمَا قَالَهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.

وَرَجَّحَ فِي الْمُغْرِبِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا ذَنَبُهُ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ «أَنَّهُ كَانَ يُؤْمَرُ بِالسَّوْطِ فَتُقْطَعُ ثَمَرَتُهُ ثُمَّ يُدَقُّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ حَتَّى يَلِينَ ثُمَّ يُضْرَبُ بِهِ» فَالْمُرَادُ أَنْ لَا يُضْرَبَ وَفِي طَرَفِهِ يُبْسٌ؛ لِأَنَّهُ يَجْرَحُ أَوْ يُبْرِحُ فَكَيْفَ إذَا كَانَ فِيهِ عُقْدَةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُجْتَنَبُ كُلٌّ مِنْ الثَّمَرَةِ بِمَعْنَى الْعُقْدَةِ وَبِمَعْنَى الْفَرْعِ الَّذِي يَصِيرُ بِهِ ذَنَبَيْنِ تَعْمِيمًا لِلْمُشْتَرَكِ فِي النَّفْيِ وَلَوْ تَجَوَّزَ بِالثَّمَرَةِ فِيمَا يُشَاكِلُ الْعُقَدَ لِيَعُمَّ الْمَجَازَ مَا هُوَ يَابِسُ الطَّرَفِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا لَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّهُ لَا يُضْرَبُ بِمِثْلِهِ حَتَّى يُدَقَّ رَأْسُهُ فَيَصِيرَ مُتَوَسِّطًا اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ بَيْنَ الْجَارِحِ وَغَيْرِ الْمُؤْلِمِ) بِأَنْ يَكُونَ مُؤْلِمًا غَيْرَ جَارِحٍ، وَلَوْ كَانَ الْمَجْلُودُ ضَعِيفَ الْخِلْقَةِ فَخِيفَ هَلَاكُهُ يُجْلَدُ جَلْدًا ضَعِيفًا يَحْتَمِلُهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ جَلْدَهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ جَمْعَهُ عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ قَدْ يُفْسِدُهُ وَضَرْبُ مَا اُسْتُثْنِيَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ حَقِيقَةً أَوْ مَعْنًى بِإِفْسَادِ بَعْضِ الْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ أَوْ الْبَاطِنَةِ (قَوْلُهُ قِيلَ وَصَدْرِهِ إلَخْ) قَائِلُهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الصَّدْرُ مِنْ الْمَحَامِلِ وَالضَّرْبُ بِالسَّوْطِ الْمُتَوَسِّطِ عَدَدًا يَسِيرًا لَا يَقْتُلُ فِي الْبَطْنِ فَكَيْفَ بِالصَّدْرِ؟ نَعَمْ إذَا فَعَلَ بِالْعَصَا كَمَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا بُيُوتُ الظَّلَمَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُضْرَبَ الْبَطْنُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ خَمْسِينَ مُتَوَالِيَةً) قَيَّدَ بِالتَّوَالِي لِيَحْصُلَ بِهَا الْأَلَمُ، وَلِذَا: قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ أَيْضًا: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَوْطًا أَوْ سَوْطَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِيلَامُ (قَوْلُهُ وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) لَفْظُهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ " يُضْرَبُ الرَّجُلُ قَائِمًا، وَالْمَرْأَةُ قَاعِدَةً فِي الْحُدُودِ ". اهـ. .

فَقَوْلُهُ وَالتَّعَازِيرِ إلَخْ لَيْسَ مِنْهُ (قَوْلُهُ غَيْرَ مَمْدُودٍ عَلَى الْأَرْضِ) ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْحَدِّ عَلَى التَّشْهِيرِ زَجْرًا لِلْعَامَّةِ وَالْقِيَامُ أَبْلَغُ فِيهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>