للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: وَلَوْ قَتَلَ ضُرِبَ لِلْقَذْفِ وَضُمِّنَ لِلسَّرِقَةِ ثُمَّ قُتِلَ وَتُرِكَ مَا بَقِيَ. وَيُؤْخَذُ مَا سَرَقَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِعَدَمِ قَطْعِهِ نَهْرٌ.

(وَلَا يُطَالِبُ وَلَدٌ) أَيُّ فَرْعٍ وَإِنْ سَفَلَ (وَعَبْدٌ أَبَاهُ) أَيْ أَصْلَهُ وَإِنْ عَلَا (وَسَيِّدَهُ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (بِقَذْفِ أُمِّهِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ) الْمُحْصَنَةِ (فَلَوْ كَانَ لَهَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهِ) أَوْ أَبٌ أَوْ نَحْوُهُ (مَلَكَ الطَّلَبَ) فِي النَّهْرِ. وَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ عُزِّرَ بَلْ بِشَتْمِ وَلَدِهِ يُعَزَّرُ

(وَلَا إرْثَ) فِيهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَلَا رُجُوعَ) بَعْدَ إقْرَارٍ (وَلَا اعْتِيَاضَ) أَيْ أَخْذَ

ــ

[رد المحتار]

هُوَ حَدُّ السَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ فَاتَ مَحِلُّهُ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ لِلسَّرِقَةِ) يُغْنِي عَنْهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ، وَقَيَّدَ بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ حَقُّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَتُرِكَ مَا بَقِيَ) أَيْ حَدُّ السَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ كَمَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَعَ الْقَتْلِ غَيْرُهُمَا.

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَمَتَى اجْتَمَعَتْ الْحُدُودُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهَا قَتْلُ نَفْسٍ قُتِلَ وَتُرِكَ مَا سِوَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الزَّجْرُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَأَتَمُّ مَا يَكُونُ بِاسْتِيفَاءِ النَّفْسِ وَالِاشْتِغَالُ بِمَا دُونَهُ لَا يُفِيدُ. اهـ. وَفِي أَحْكَامِ الدِّينِ مِنْ الْأَشْبَاهِ مَا نَصُّهُ: وَلَمْ أَرَ إلَى الْآنَ مَا إذَا اجْتَمَعَ قَتْلُ الْقِصَاصِ وَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْقِصَاصِ قَطْعًا لِحَقِّ الْعَبْدِ، وَأَمَّا إذَا اجْتَمَعَ قَتْلُ الزِّنَا وَالرِّدَّةِ، يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الرَّجْمِ؛ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا قُدِّمَ قَتْلُ الرِّدَّةِ فَإِنَّهُ يَفُوتُ الرَّجْمُ. اهـ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ قَطْعِهِ) فَإِنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَسْقُطُ لِضَرُورَةِ الْقَطْعِ وَلَمْ يُوجَدْ نَهْرٌ

(قَوْلُهُ وَعَبْدٌ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَلِذَا أَفْرَدَ الضَّمِيرَ بَعْدَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ أَصْلَهُ وَإِنْ عَلَا) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، فَلَا يُطَالِبُ أَبَاهُ أَوْ جَدَّهُ وَإِنْ عَلَا وَأُمَّهُ وَجَدَّتَهُ وَإِنْ عَلَتْ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِقَذْفِ أُمِّهِ) أَيْ الْمَيِّتَةِ نَهْرٌ، فَلَوْ حَيَّةً كَانَتْ الْمُطَالَبَةُ لَهَا كَمَا مَرَّ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا: أَيْ الْوَلَدَ وَالْعَبْدَ لَا يُطَالِبَانِ بِقَذْفِهِمَا بِالْأَوْلَى اهـ أَيْ بِقَذْفِ الْأَبِ وَالْمَوْلَى لَهُمَا (قَوْلُهُ الْمُحْصَنَةِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ كَالْأُمِّ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَقَعُ الْقَدْحُ فِي نَسَبِهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ مَلَكَ الطَّلَبَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لِلْقَاذِفِ، فَسُقُوطُ حَقِّ بَعْضِهِمْ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ حَقِّ الْبَاقِينَ بَحْرٌ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ لِلْقَاذِفِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ لَهُ الطَّلَبُ كَمَا أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ الْأَزْهَرِيُّ (قَوْلُهُ عُزِّرَ) ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ بَحْثًا أَخْذًا مِمَّا فِي الْقُنْيَةِ لَوْ قَالَ لِآخَرَ يَا حَرَامِي زَادَهُ لَا يُحَدُّ، وَلَوْ قَالَهُ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ يُعَزَّرُ، فَإِذَا وَجَبَ التَّعْزِيرُ بِالشَّتْمِ فَبِالْقَذْفِ أَوْلَى، فَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَفِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْوَالِدَ لَا يُعَاقَبُ بِسَبَبِ وَلَدِهِ، فَإِذَا كَانَ لِقَذْفٍ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا فَالشَّتْمُ أَوْلَى اهـ مَمْنُوعٌ نَهْرٌ.

وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ بِالْعَكْسِ كَمَا عَلِمْته، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الْحَدِّ بِالْقَذْفِ سُقُوطُ التَّعْزِيرِ بِهِ لِسُقُوطِ الْحَدِّ بِشُبْهَةِ الْأُبُوَّةِ لِكَوْنِ الْغَالِبِ فِيهِ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الْأَعْلَى سُقُوطُ الْأَدْنَى، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا يُعَاقَبُ الْوَالِدُ بِسَبَبِ وَلَدِهِ يَشْمَلُ التَّعْزِيرَ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ فَبَقِيَ تَوَقُّعُ صَاحِبِ الْبَحْرِ عَلَى حَالِهِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يُعَاقِبْهُ لِأَجْلِ وَلَدِهِ بَلْ لِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى

(قَوْلُهُ وَلَا إرْثَ فِيهِ) أَيْ إذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ أَوْ بَعْدَ إقَامَةِ بَعْضِهِ بَطَلَ الْحَدُّ، وَلَيْسَ لِوَارِثِهِ إقَامَتُهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ مَيِّتًا فَإِنَّ الطَّلَبَ يَثْبُتُ لِأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ أَصَالَةً لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فِيهِ وَعَنْهُ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُلِّ، وَمَبْنَى الْخِلَافِ أَنَّ الْغَالِبَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ حَقُّ الشَّرْعِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ حَقُّ الْعَبْدِ، فَعِنْدَهُ يُورَثُ وَيَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَالْعَفْوُ وَالِاعْتِيَاضُ نَظَرًا إلَى جَانِبِ حَقِّ الْعَبْدِ، وَعِنْدَنَا بِالْعَكْسِ نَظَرًا إلَى جَانِبِ حَقِّهِ تَعَالَى وَبَيَانُ تَحْقِيقِ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَا اعْتِيَاضَ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْقَاذِفَ إذَا دَفَعَ شَيْئًا لِلْمَقْذُوفِ لِيُسْقِطَ حَقَّهُ رَجَعَ بِهِ.

قَالَ الْمَوْلَى سَرِيُّ الدِّينِ فِي حَوَاشِي الزَّيْلَعِيِّ: وَهَلْ يَسْقُطُ الْحَدُّ إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي؟ لَا يَسْقُطُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ سَقَطَ كَذَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>