(وَلَوْ قَالَهُ لِعِرْسِهِ) وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ (فَرَدَّتْ بِهِ حُدَّتْ وَلَا لِعَانَ) الْأَصْلُ أَنَّ الْحَدَّيْنِ إذَا اجْتَمَعَا وَفِي تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا إسْقَاطُ الْآخَرِ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ وَاللِّعَانُ فِي مَعْنَى الْحَدِّ، وَلِذَا قَالُوا لَوْ قَالَ لَهَا يَا زَانِيَةُ بِنْتَ الزَّانِيَةِ بُدِئَ بِالْحَدِّ لِيَنْتَفِيَ اللِّعَانُ (وَلَوْ قَالَتْ) فِي جَوَابِهِ (زَنَيْت بِك) أَوْ مَعَك (هَدَرًا) أَيْ الْحَدُّ وَاللِّعَانُ لِلشَّكِّ قَيَّدَ بِالْخِطَابِ لِأَنَّهَا لَوْ أَجَابَتْهُ بِأَنْتَ أَزَنَى مِنِّي حُدَّ وَحْدَهُ خَانِيَّةٌ (وَلَوْ كَانَ) ذَلِكَ (مَعَ أَجْنَبِيَّةٍ حُدَّتْ دُونَهُ) لِتَصْدِيقِهَا.
(أَقَرَّ بِوَلَدٍ ثُمَّ نَفَاهُ يُلَاعِنُ وَإِنْ عَكَسَ حُدَّ) لِلْكَذِبِ (وَالْوَلَدُ فِيهِمَا) لِإِقْرَارِهِ
(وَلَوْ قَالَ لَيْسَ بِابْنِي وَلَا بِابْنِك فَهَدَرٌ) لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْوِلَادَةَ.
(قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِي حُدَّ اتِّفَاقًا) لِأَنَّ الْهَاءَ تُحْذَفُ لِلتَّرْخِيمِ (وَلِرَجُلٍ يَا زَانِيَةَ لَا) وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُحَدُّ لِأَنَّ الْهَاءَ
ــ
[رد المحتار]
إلَيْهِ فِي كُلِّ أَمْرٍ اهـ وَسَنَذْكُرُ فِي التَّعْزِيرِ الِاخْتِلَافَ فِي أَنَّ الْإِمَامَ هَلْ لَهُ الْعَفْوُ وَالتَّوْفِيقُ لِصَاحِبِ الْقُنْيَةِ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ فِي الْوَاجِبِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ مَا كَانَ لِجِنَايَةٍ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنَّ الْعَفْوَ فِيهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَشَاتُمَهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي، وَقَوْلَهُ أَخَذْت الرِّشْوَةَ اجْتَمَعَ فِيهِ حَقُّ الشَّرْعِ مَعَ حَقِّ الْعَبْدِ وَهُوَ الْقَاضِي وَتَرَجَّحَ فِيهِ حَقُّهُ فَكَانَ حَقَّ عَبْدٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ الْعَفْوُ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَهُ لِعِرْسِهِ) أَيْ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا زَانِيَةُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لَهَا لَا يَكُونُ مُوجَبُ قَذْفِهِ لِعَانًا بَلْ حَدًّا فَيُحَدُّ. اهـ. ح عَنْ إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ لِابْنِ كَمَالٍ أَيْ فَيُحَدُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِطَلَبِهِمَا، كَمَا لَوْ قَالَهُ لِغَيْرِ عِرْسِهِ وَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الْمَارَّةُ (قَوْلُهُ فَرَدَّتْ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ اللَّفْظِ بِأَنْ قَالَتْ بَلْ أَنْتَ (قَوْلُهُ وَلَا لِعَانَ) ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا حُدَّتْ فِي الْقَذْفِ لَمْ تَبْقَ أَهْلًا لِلِّعَانِ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ وَلَا شَهَادَةَ لِلْمَحْدُودِ فِي قَذْفٍ (قَوْلُهُ الْأَصْلُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا قَدْ يُقَالُ لِمَ قَدَّمَ حَدَّهَا حَتَّى سَقَطَ اللِّعَانُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ اللِّعَانَ لَا يَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ يَجْرِي عَلَى الْمُلَاعِنَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَاللِّعَانُ فِي مَعْنَى الْحَدِّ) اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ دُخُولِ الْمَسْأَلَةِ تَحْتَ هَذَا الْأَصْلِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِكَوْنِهِ فِي مَعْنَى الْحَدِّ (قَوْلُهُ بُدِئَ بِالْحَدِّ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَالْبَدْءَ بِالْحَدِّ يَنْفِي اللِّعَانَ؛ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالْحَدِّ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مُخَاصَمَةِ الْأُمِّ أَوَّلًا فَيَسْقُطُ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّهُ بَطَلَتْ شَهَادَةُ الرَّجُلِ، أَمَّا لَوْ خَاصَمَتْ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا فَلَاعَنَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا ثُمَّ خَاصَمَتْ الْأُمُّ يُحَدُّ الرَّجُلُ لِلْقَذْفِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَتْ فِي جَوَابِهِ) أَيْ فِي جَوَابِ قَوْلِ الزَّوْجِ لَهَا يَا زَانِيَةُ (قَوْلُهُ لِلشَّكِّ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا أَرَادَتْ بِهِ مَا قَبْلَ النِّكَاحِ فَتُحَدُّ لِقَذْفِهَا، وَلَا لِعَانَ لِتَصْدِيقِهَا إيَّاهُ أَوْ مَا كَانَ مَعَهُ بَعْدَ النِّكَاحِ، وَأَطْلَقْت عَلَيْهِ زِنًا لِلْمُشَاكَلَةِ فَيَجِبُ اللِّعَانُ دُونَ الْحَدِّ لِوُجُودِ الْقَذْفِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ مِنْهَا، وَالْحُكْمُ بِتَعْيِينِ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ مُتَعَذِّرٌ فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي كُلٍّ مِنْ وُجُوبِ اللِّعَانِ وَالْحَدِّ فَلَا يَجِبُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالشَّكِّ، حَتَّى لَوْ زَالَ الشَّكُّ بِأَنْ قَالَتْ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك أَوْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً حُدَّتْ فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. نَهْرٌ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ قَيَّدَ بِالْخِطَابِ) أَيْ بِكَافِ الْخِطَابِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ حُدَّ وَحْدَهُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ حُدَّ وَحُدَّتْ وَهُوَ تَحْرِيفٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ أَزَنَى مِنِّي لَيْسَ بِقَذْفٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتِ أَقْدَرُ عَلَى الزِّنَا، نَعَمْ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ قَذْفٌ تُحَدُّ هِيَ أَيْضًا.
وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْحَدَّ عَلَيْهَا وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَذْفًا يَكُونُ تَصْدِيقًا لَهُ فِي أَنَّهَا زَانِيَةٌ عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ فِي أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ مِنْ اقْتِضَائِهِ الْمُشَارَكَةَ وَالزِّيَادَةَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ قَوْلِهِ يَا زَانِيَةُ وَرَدِّهَا بِقَوْلِهَا زَنَيْت بِك (قَوْلُهُ حُدَّتْ) لِزَوَالِ الشَّكِّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِتَصْدِيقِهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ دُونَهُ أَيْ لَا يُحَدُّ هُوَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ
(قَوْلُهُ يُلَاعِنُ) ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَبِالنَّفْيِ بَعْدَهُ صَارَ قَاذِفًا لِزَوْجَتِهِ فَيُلَاعِنُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَكَسَ) بِأَنْ نَفَاهُ أَوَّلًا ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ اللِّعَانِ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَطَلَ اللِّعَانُ الَّذِي كَانَ وَجَبَ بِنَفْيِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ صَيَّرَ إلَيْهِ ضَرُورَةُ التَّكَاذُبِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَكَانَ خَلَفًا عَنْ الْحَدِّ فَإِذَا بَطَلَ صَيَّرَ إلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ لِإِقْرَارِهِ) أَيْ سَابِقًا أَوْ لَاحِقًا، وَاللِّعَانُ، يَصِحُّ بِدُونِ قَطْعِ النَّسَبِ كَمَا يَصِحُّ بِدُونِ الْوَلَدِ بَحْرٌ
(قَوْلُهُ فَهَدَرٌ) أَيْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَدٌّ وَلَا لِعَانٌ بَحْرٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْوِلَادَةَ) وَبِهِ لَا يَصِيرُ قَاذِفًا، وَلِذَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ لَسْت بِابْنِ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ وَهُمَا أَبَوَيْهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ زَيْلَعِيٌّ
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْهَاءَ تُحْذَفُ لِلتَّرْخِيمِ) كَذَا عَلَّلَهُ فِي الْفَتْحِ، وَعَلَّلَهُ