للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ تَفْوِيضِهِ لِلْحَاكِمِ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى إطْلَاقِهَا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَشْرَافِ الْأَشْرَافِ لَوْ ضَرَبَ غَيْرَهُ فَأَدْمَاهُ لَا يَكْفِي تَعْزِيرُهُ بِالْإِعْلَامِ، وَأَرَى أَنَّهُ بِالضَّرْبِ صَوَابٌ (وَلَا يُفَرِّقُ الضَّرْبَ فِيهِ) وَقِيلَ يُفَرِّقُ. وَوُفِّقَ بِأَنَّهُ إنْ بَلَغَ أَقْصَاهُ يُفَرِّقُ وَإِلَّا لَا شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ (وَيَكُونُ بِهِ وَ) بِالْحَبْسِ وَ (بِالصَّفْعِ) عَلَى الْعُنُقِ (وَفَرْكِ الْأُذُنِ، وَبِالْكَلَامِ الْعَنِيفِ، وَبِنَظَرِ الْقَاضِي لَهُ بِوَجْهٍ عَبُوسٍ، وَشَتْمٍ غَيْرِ الْقَذْفِ) مُجْتَبَى وَفِيهِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ: لَا يُبَاحُ بِالصَّفْعِ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْلَى مَا يَكُونُ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ، فَيُصَانُ عَنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ (لَا بِأَخْذِ مَالٍ فِي الْمَذْهَبِ) بَحْرٌ. وَفِيهِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: وَقِيلَ يَجُوزُ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يُمْسِكَهُ مُدَّةً لِيَنْزَجِرَ ثُمَّ يُعِيدَهُ لَهُ، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ تَوْبَتِهِ صَرَفَهُ إلَى مَا يَرَى. وَفِي الْمُجْتَبَى أَنَّهُ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ.

ــ

[رد المحتار]

وَهُوَ مُعَرَّبٌ يُطْلَقُ عَلَى رَئِيسِ الْقَرْيَةِ، وَالتَّاجِرِ، وَمَنْ لَهُ مَالٌ وَعَقَارٌ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَكُلُّهُ مَبْنِيٌّ إلَخْ) أَيْ كُلُّ مَا ذَكَرَ مِنْ الْمَرَاتِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرْجَعَ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ أَيْضًا لِأَنَّ مَا ذَكَرَ فِيهِ مِنْ التَّقْدِيرِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْقَوْلِ بِالتَّفْوِيضِ وَعَدَمِهِ كَمَا عَلِمْت فَافْهَمْ. ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقَوْلِ بِالتَّفْوِيضِ هُوَ مَا فَهِمَهُ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مُفَوَّضًا إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّعْزِيرُ بِغَيْرِ الْمُنَاسِبِ لِمُسْتَحِقِّهِ وَظَاهِرُ الْأَوَّلِ: أَيْ الْقَوْلِ بِالتَّفْوِيضِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ اهـ.

قُلْت: وَفِيهِ كَلَامٌ نَذْكُرُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَإِنَّ مَنْ كَانَ إلَخْ) سَنَذْكُرُ مَا يُؤَيِّدُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَلَا يُفَرِّقُ الضَّرْبَ فِيهِ) بَلْ يَضْرِبُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ جَرَى فِيهِ التَّخْفِيفُ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ، فَلَوْ خَفَّفَ مِنْ حَيْثُ التَّفْرِيقُ أَيْضًا يَفُوتُ الْمَقْصُودُ مِنْ الِانْزِجَارِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُفَرِّقُ) ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي حُدُودِ الْأَصْلِ وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ فِي أَشْرِبَةِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَوُفِّقَ إلَخْ) فَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، بَلْ اخْتِلَافُ الْجَوَابِ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ، وَهَذَا التَّوْفِيقُ مَذْكُورٌ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ إنْ لَمْ يَبْلُغْ الْأَكْثَرَ بَلْ كَانَ بِالْأَدْنَى كَثَلَاثٍ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ الْعُضْوُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْصَى الْأَكْثَرُ أَوْ مَا قَارَبَهُ مِمَّا يُخْشَى مِنْ جَمْعِهِ عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ إفْسَادُهُ فَافْهَمْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَيَتَّقِي الْمَوَاضِعَ الَّتِي تُتَّقَى فِي الْحُدُودِ.

أَيْ كَالرَّأْسِ وَالْمَذَاكِيرِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ) أَيْ التَّعْزِيرُ بِهِ: أَيْ بِالضَّرْبِ إلَخْ وَلَيْسَ مُرَادُهُ حَصْرَ أَنْوَاعِهِ فِيمَا ذَكَرَ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَيَكُونُ بِالنَّفْيِ عَنْ الْبَدَائِعِ. قُلْت: وَيَكُونُ أَيْضًا بِالتَّشْهِيرِ وَالتَّسْوِيدِ لِشَاهِدِ الزُّورِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ آخِرَ الْبَابِ (قَوْلُهُ وَبِالصَّفْعِ) هُوَ أَنْ يَبْسُطَ الرَّجُلُ كَفَّهُ فَيَضْرِبُ بِهَا قَفَا الْإِنْسَانِ أَوْ بَدَنَهُ، فَإِذَا قَبَضَ كَفَّهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ فَلَيْسَ بِصَفْعٍ بَلْ يُقَالُ ضَرَبَهُ بِجُمْعِ كَفِّهِ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ فَيُصَانُ عَنْهُ أَهْلُ الْقِبْلَةِ) وَإِنَّمَا يَكُونُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ عِنْدَ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ.

مَطْلَبٌ فِي التَّعْزِيرِ بِأَخْذِ الْمَالِ (قَوْلُهُ لَا بِأَخْذِ مَالٍ فِي الْمَذْهَبِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ التَّعْزِيرُ لِلسُّلْطَانِ بِأَخْذِ الْمَالِ. وَعِنْدَهُمَا وَبَاقِي الْأَئِمَّةِ لَا يَجُوزُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْمِعْرَاجِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَلَا يُفْتَى بِهَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيطِ الظَّلَمَةِ عَلَى أَخْذِ مَالِ النَّاسِ فَيَأْكُلُونَهُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ ابْنِ وَهْبَانَ (قَوْلُهُ وَفِيهِ إلَخْ) أَيْ فِي الْبَحْرِ، حَيْثُ قَالَ: وَأَفَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ مَعْنَى التَّعْزِيرِ بِأَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ إمْسَاكُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ عَنْهُ مُدَّةً لِيَنْزَجِرَ ثُمَّ يُعِيدُهُ الْحَاكِمُ إلَيْهِ، لَا أَنْ يَأْخُذَهُ الْحَاكِمُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ الظَّلَمَةُ إذْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَخْذُ مَالِ أَحَدٍ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ.

وَفِي الْمُجْتَبَى لَمْ يَذْكُرْ كَيْفِيَّةَ الْأَخْذِ وَأَرَى أَنْ يَأْخُذَهَا فَيُمْسِكَهَا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ تَوْبَتِهِ يَصْرِفُهَا إلَى مَا يَرَى. وَفِي شَرْحِ الْآثَارِ: التَّعْزِيرُ بِالْمَالِ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>