مَعَ امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ، وَلَوْ أَكْرَهَهَا فَلَهَا قَتْلُهُ وَدَمُهُ هَدَرٌ، وَكَذَا الْغُلَامُ وَهْبَانِيَّةٌ (إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ بِصِيَاحٍ وَضَرْبٍ بِمَا دُونَ السِّلَاحِ وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَنْزَجِرُ بِمَا ذُكِرَ (لَا) يَكُونُ بِالْقَتْلِ (وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُطَاوِعَةً قَتَلَهُمَا) كَذَا عَزَاهُ الزَّيْلَعِيُّ لِلْهِنْدُوَانِيِّ.
ثُمَّ قَالَ (وَ) فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي (لَوْ كَانَ مَعَ امْرَأَتِهِ وَهُوَ يَزْنِي بِهَا أَوْ مَعَ مَحْرَمِهِ وَهُمَا مُطَاوِعَانِ قَتَلَهُمَا جَمِيعًا) اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الدُّرَرِ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمُفَادُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالزَّوْجَةِ وَالْمَحْرَمِ، فَمَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ لَا يَحِلُّ الْقَتْلُ إلَّا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مِنْ عَدَمِ الِانْزِجَارِ الْمَزْبُورِ، وَفِي غَيْرِهَا يَحِلُّ (مُطْلَقًا) اهـ. وَرَدَّهُ فِي النَّهْرِ بِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَنْكِيرُ الْهِنْدُوَانِيُّ لِلْمَرْأَةِ؛ نَعَمْ مَا فِي الْمُنْيَةِ مُطْلَقٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِيَتَّفِقَ كَلَامُهُمْ، وَلِذَا جَزَمَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ
ــ
[رد المحتار]
عَلَى الْحَدِّ الْمُقَدَّرِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ، وَيَحْمِلُونَ مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ مِنْ الْقَتْلِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْجَرَائِمِ عَلَى أَنَّهُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ وَيُسَمُّونَهُ الْقَتْلَ سِيَاسَةً، وَكَانَ حَاصِلُهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَزِّرَ بِالْقَتْلِ فِي الْجَرَائِمِ الَّتِي تَعَظَّمَتْ بِالتَّكْرَارِ وَشُرِعَ الْقَتْلُ فِي جِنْسِهَا، وَلِهَذَا أَفْتَى أَكْثَرُهُمْ بِقَتْلِ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ أَخْذِهِ وَقَالُوا يُقْتَلُ سِيَاسَةً. اهـ. وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي فَصْلِ الْجِزْيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَمِنْ ذَلِكَ مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ لِلْإِمَامِ قَتْلَ السَّارِقِ سِيَاسَةً أَيْ إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ وَسَيَأْتِي أَيْضًا قُبَيْلَ كِتَابِ الْجِهَادِ أَنَّ مَنْ تَكَرَّرَ الْخَنْقُ مِنْهُ فِي الْمِصْرِ قُتِلَ بِهِ سِيَاسَةً لِسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ يُدْفَعُ شَرُّهُ بِالْقَتْلِ، وَسَيَأْتِي أَيْضًا فِي بَابِ الرِّدَّةِ أَنَّ السَّاحِرَ أَوْ الزِّنْدِيقَ الدَّاعِيَ إذَا أُخِذَ قَبْلَ تَوْبَتِهِ ثُمَّ تَابَ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ وَيُقْتَلُ، وَلَوْ أُخِذَ بَعْدَهَا قُبِلَتْ، وَأَنَّ الْخَنَّاقَ لَا تَوْبَةَ لَهُ وَتَقَدَّمَ كَيْفِيَّةُ تَعْزِيرِ اللُّوطِيِّ بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ مَعَ امْرَأَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْخَلْوَةُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَرَ مِنْهُ فِعْلًا قَبِيحًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي كَمَا تَعْرِفُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَلَهَا قَتْلُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يُمْكِنْهَا التَّخَلُّصُ مِنْهُ بِصِيَاحٍ أَوْ ضَرْبٍ وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ مُكْرَهَةً فَالشَّرْطُ الْآتِي مُعْتَبَرٌ هُنَا أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
ثُمَّ رَأَيْته فِي كَرَاهِيَةِ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَنَصُّهُ: وَلَوْ اسْتَكْرَهَ رَجُلٌ امْرَأَةً لَهَا قَتْلُهُ وَكَذَا الْغُلَامُ، فَإِنْ قَتَلَهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ مَنْعَهُ إلَّا بِالْقَتْلِ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ) شَرْطٌ لِلْقَتْلِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ كَمَنْ وَجَدَ رَجُلًا
(قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ إلَخْ) تَوْفِيقٌ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ حَيْثُ اُشْتُرِطَ فِي الْأُولَى الْعِلْمُ بِأَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي الثَّانِيَةِ، فَوُفِّقَ بِحَمْلِ الْأُولَى عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَالثَّانِيَةِ عَلَى غَيْرِهَا وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى مَعَ امْرَأَةٍ: أَيْ يَزْنِي بِهَا وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) زَادَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى عِبَارَةِ الْمُنْيَةِ مُتَابَعَةً لِشَيْخِهِ صَاحِبِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ بِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا) أَيْ كَالْخَانِيَّةِ، فَفِيهَا: لَوْ رَأَى رَجُلًا يَزْنِي بِامْرَأَتِهِ أَوْ امْرَأَةِ آخَرَ وَهُوَ مُحْصَنٌ فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يَهْرُبْ وَلَمْ يَمْتَنِعْ عَنْ الزِّنَا حَلَّ لَهُ قَتْلُهُ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ) أَيْ يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُنْيَةِ قَتَلَهُمَا جَمِيعًا عَلَى مَا إذَا عَلِمَ عَدَمَ الِانْزِجَارِ بِصِيَاحٍ أَوْ ضَرْبٍ. قُلْت: وَقَدْ ظَهَرَ لِي فِي التَّوْفِيقِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا وَجَدَ رَجُلًا مَعَ امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَزْنِيَ بِهَا فَهَذَا لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَنْزَجِرُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً عَنْ الْوَاجِدِ أَوْ زَوْجَةً لَهُ أَوْ مَحْرَمًا مِنْهُ.
أَمَّا إذَا وَجَدَهُ يَزْنِي بِهَا فَلَهُ قَتْلُهُ مُطْلَقًا، وَلِذَا قَيَّدَ فِي الْمُنْيَةِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ يَزْنِي، وَأَطْلَقَ قَوْلَهُ قَتَلَهُمَا جَمِيعًا، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْخَانِيَّةِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ آنِفًا فَصَاحَ بِهِ غَيْرُ قَيْدٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا عِبَارَةُ الْمُجْتَبَى الْآتِيَةُ ثُمَّ رَأَيْت فِي جِنَايَاتِ الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا، حَيْثُ قَالَ: رَجُلٌ رَأَى رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِهِ يَزْنِي بِهَا أَوْ يُقَبِّلُهَا أَوْ يَضُمُّهَا إلَى نَفْسِهِ وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ فَقَتَلَهُ أَوْ قَتَلَهُمَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا يُحْرَمُ مِنْ مِيرَاثِهَا إنْ أَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ، وَلَوْ رَأَى رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِهِ فِي مَفَازَةٍ خَالِيَةٍ أَوْ رَآهُ مَعَ مَحَارِمِهِ هَكَذَا وَلَمْ يَرَ مِنْهُ الزِّنَا وَدَوَاعِيَهُ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ حَلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute