وَلَا بِدِينَارٍ قِيمَتُهُ دُونَ عَشَرَةٍ. وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَقْتَ السَّرِقَةِ وَوَقْتَ الْقَطْعِ وَمَكَانَهُ بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ لَهُمَا مَعْرِفَةٌ بِالْقِيمَةِ، وَلَا قَطْعَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُقَوِّمِينَ ظَهِيرِيَّةٌ (مَقْصُودَةً) بِالْأَخْذِ، فَلَا قَطْعَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ دُونَ عَشَرَةٍ وَفِيهِ دِينَارٌ أَوْ دَرَاهِمُ مَصْرُورَةٌ إلَّا إذَا كَانَ وِعَاءً لَهَا عَادَةً تَجْنِيسٌ (ظَاهِرَةَ الْإِخْرَاجِ) فَلَوْ ابْتَلَعَ دِينَارًا فِي الْحِرْزِ وَخَرَجَ لَمْ يُقْطَعْ، وَلَا يُنْتَظَرُ تَغَوُّطُهُ بَلْ يَضْمَنُ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ وَهُوَ سَبَبُ الضَّمَانِ لِلْحَالِ (خُفْيَةً) ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً لَوْ الْأَخْذُ نَهَارًا، وَمِنْهُ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، وَابْتِدَاءً فَقَطْ لَوْ لَيْلًا، وَهَلْ الْعِبْرَةُ لِزَعْمِ السَّارِقِ أَوْ لِزَعْمِ أَحَدِهِمَا؟ خِلَافٌ (مِنْ صَاحِبِ يَدٍ صَحِيحَةٍ) فَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ السَّارِقِ فَتْحٌ (مِمَّا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ) كَلَحْمٍ وَفَوَاكِهَ مُجْتَبَى، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَسْرُوقِ مُتَقَوِّمًا مُطْلَقًا، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ خَمْرِ مُسْلِمٍ مُسْلِمًا كَانَ السَّارِقُ أَوْ ذِمِّيًّا، وَكَذَا الذِّمِّيُّ إذَا سَرَقَ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً لَا يُقْطَعُ لِعَدَمِ تَقَوُّمِهَا عِنْدَنَا ذَكَرَهُ الْبَاقَانِيُّ (فِي دَارِ الْعَدْلِ) فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةٍ فِي دَارِ حَرْبٍ أَوْ بَغْيٍ بَدَائِعُ
ــ
[رد المحتار]
وَإِنْ بَلَغَ قِيمَةَ الْمَسْكُوكَةِ كَمَسْأَلَتِنَا هَذِهِ، وَلَا فِي عَكْسِهِ كَمَسْأَلَةِ النُّقْرَةِ (قَوْلُهُ وَلَا بِدِينَارٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوْ قِيمَتَهَا.
وَأَفَادَ بِهِ أَنَّ غَيْرَ الدَّرَاهِمِ يُقَوَّمُ بِهَا وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَقْتَ السَّرِقَةِ وَوَقْتَ الْقَطْعِ) فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ السَّرِقَةِ عَشَرَةً فَانْتَقَصَ وَقْتَ الْقَطْعِ لَمْ يُقْطَعْ إلَّا إذَا كَانَ النَّقْصُ لِعَيْبٍ حَدَثَ أَوْ لِفَوَاتِ بَعْضِ الْعَيْنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ وَمَكَانَهُ) فَلَوْ سَرَقَ فِي بَلَدٍ مَا قِيمَتُهُ فِيهَا عَشَرَةٌ فَأُخِذَ فِي أُخْرَى وَقِيمَتُهُ فِيهَا أَقَلُّ لَا يُقْطَعُ فَتْحٌ، (قَوْلُهُ بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مِقْدَارَهَا (قَوْلُهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُقَوِّمِينَ) أَيْ بِأَنْ قَوَّمَهُ عَدْلَانِ بِنِصَابٍ وَعَدْلَانِ آخَرَانِ بِأَقَلَّ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفُوا بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى النِّصَابِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ وِعَاءً لَهَا عَادَةً) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِيهِ يَقَعُ عَلَى سَرِقَةِ الدَّرَاهِمِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ كِيسًا فِيهِ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ يُقْطَعُ وَإِنْ كَانَ الْكِيسُ يُسَاوِي دِرْهَمًا بَحْرٌ: وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِمَا فِي الثَّوْبِ يُقْطَعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَبْسُوطِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ظُهُورُ قَصْدِ النِّصَابِ، وَكَوْنُ الْمَسْرُوقِ كِيسًا فِيهِ دَلَالَةُ الْقَصْدِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَمْ أَقْصِدْ لَمْ أَعْلَمْ كَمَا فِي الْفَتْحِ، فَإِقْرَارُهُ بِالْعِلْمِ بِمَا فِي الثَّوْبِ فِيهِ دَلَالَةُ الْقَصْدِ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ وَلَا يُنْتَظَرُ) أَيْ إذَا طَلَبَ الْمَالِكُ تَضْمِينَهُ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْحَالِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ لِلْحَالِ فَصَارَ مُسْتَهْلَكًا (قَوْلُهُ خُفْيَةً) خَرَجَ بِهِ الْأَخْذُ مُغَالَبَةً أَوْ نَهْبًا، فَلَا قَطْعَ بِهِ لَوْ كَانَ فِي الْمِصْرِ نَهَارًا وَإِنْ دَخَلَ خُفْيَةً اسْتِحْسَانًا نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَابْتِدَاءً فَقَطْ لَوْ لَيْلًا) حَتَّى لَوْ دَخَلَ الْبَيْتَ لَيْلًا خُفْيَةً ثُمَّ أَخَذَ الْمَالَ مُجَاهَرَةً وَلَوْ بَعْدَ مُقَاتَلَةِ مَنْ فِي يَدِهِ قُطِعَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَهَلْ الْعِبْرَةُ) أَيْ فِي الْخُفْيَةِ لِزَعْمِ السَّارِقِ أَنَّ رَبَّ الدَّارِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَمْ لِزَعْمِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ رَبَّ الدَّارِ فِيهِ خِلَافٌ: وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ ظَنَّ السَّارِقُ أَنَّ رَبَّ الدَّارِ عَلِمَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ، فَالْخُفْيَةُ هُنَا فِي زَعْمِ رَبِّ الدَّارِ لَا فِي زَعْمِ السَّارِقِ.
فَفِي الزَّيْلَعِيِّ: لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ جَهْرٌ فِي زَعْمِهِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ: يُقْطَعُ اكْتِفَاءً بِكَوْنِهَا خُفْيَةً فِي زَعْمِ أَحَدِهِمَا، أَمَّا لَوْ زَعَمَ اللِّصُّ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَعَ أَنَّهُ عَالِمٌ يُقْطَعُ اكْتِفَاءً بِزَعْمِهِ الْخُفْيَةَ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمَا اتِّفَاقًا.
وَأَمَّا لَوْ عَلِمَا فَلَا قَطْعَ بِالْمَسْأَلَةِ رُبَاعِيَّةً كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ مِنْ صَاحِبِ يَدٍ صَحِيحَةٍ) حَتَّى لَوْ سَرَقَ عَشَرَةً وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ وَلَوْ لِعَشَرَةِ رِجَالٍ يُقْطَعُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ السَّارِقِ) هَكَذَا أَطْلَقَهُ الْكَرْخِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ؛ لِأَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ أَمَانَةٍ وَلَا مِلْكٍ فَكَانَ طَائِعًا قُلْنَا نَعَمْ، لَكِنَّ يَدَهُ يَدُ غَصْبٍ وَالسَّارِقُ مِنْهُ يُقْطَعُ. وَالْحَقُّ مَا فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ: إنْ قَطَعْت الْأُولَى لَمْ أَقْطَعْ الثَّانِيَ وَإِنْ دَرَأْت عَنْهُ الْحَدَّ قَطَعْته، وَمِثْلُهُ فِي أَمَالِي أَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي الْفَتْحِ نَهْرٌ. وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ الْآتِي،
[تَنْبِيهٌ] فِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ مَالِ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ) سَيَأْتِي هَذَا فِي الْمَتْنِ مَعَ أَشْيَاءَ أُخَرَ لَا يُقْطَعُ بِهَا، فَإِذَا كَانَ مُرَادُهُ اسْتِيفَاءَ الشُّرُوطِ كَانَ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْبَاقِي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُتَقَوِّمًا مُطْلَقًا) أَيْ عِنْدَ أَهْلِ كُلِّ دِينٍ ط (قَوْلُهُ فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ خَمْرِ مُسْلِمٍ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ مَعَ التَّطْوِيلِ لَا تَشْمَلُ سَرِقَةَ الْمُسْلِمِ خَمْرَ الذِّمِّيِّ، وَلَوْ قَالَ فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ خَمْرٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ. اهـ. ح (قَوْلُهُ بَدَائِعُ) تَمَامُ عِبَارَتِهَا عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute