الْأُمُورِ. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ فِي آخِرِ بَابِ قَطْعِ الطَّرِيقِ جَوَازَ ذَلِكَ سِيَاسَةً، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ وَابْنِ الْكَمَالِ. زَادَ فِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي زَمَانِنَا لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ، وَيُحْمَلُ مَا فِي التَّجْنِيسِ عَلَى زَمَانِهِمْ، ثُمَّ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَهُ عَنْ الْقُنْيَةِ: لَوْ كُسِرَ سِنُّهُ وَيَدُهُ ضَمِنَ الشَّاكِي أَرْشَهُ كَالْمَالِ، لَا لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بِتَسَوُّرِهِ الْجِدَارَ أَوْ مَاتَ بِالضَّرْبِ لِنُدُورِهِ. وَعَنْ الذَّخِيرَةِ: لَوْ صَعِدَ السَّطْحَ لِيَفِرَّ خَوْفَ التَّعْذِيبِ فَسَقَطَ فَمَاتَ ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّرِقَةُ عَلَى يَدِ آخَرَ كَانَ لِلْوَرَثَةِ أَخْذُ الشَّاكِي بِدِيَةِ أَبِيهِمْ وَبِمَا غَرِمَهُ لِلسُّلْطَانِ لِتَعَدِّيهِ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ وَسَيَجِيءُ فِي الْغَصْبِ.
ــ
[رد المحتار]
يُعَزَّرُ مُتَّهِمُهُ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ الْحَالِ فَيُحْبَسُ حَتَّى يُكْشَفَ أَمْرُهُ، قِيلَ شَهْرًا، وَقِيلَ بِاجْتِهَادِ وَلِيِّ الْأَمْرِ. وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَضْرِبُهُ الْوَالِي أَوْ الْقَاضِي. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَضْرِبُهُ الْوَالِي دُونَ الْقَاضِي. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَضْرِبُهُ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ أَنْ يَمَسَّ بَعْضَ الْمُعَاهَدِينَ بِالْعَذَابِ لَمَّا كَتَمَ إخْبَارَهُ بِالْمَالِ الَّذِي كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ أَيْنَ كَنْزُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ؟ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَنْفَذَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ، فَقَالَ: الْمَالُ كَثِيرٌ وَالْمَسْأَلَةُ أَقْرَبُ، وَقَالَ لِلزُّبَيْرِ: دُونَك هَذَا فَمَسَّهُ الزُّبَيْرُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَذَابِ فَدَلَّهُمْ عَلَى الْمَالِ» وَهُوَ الَّذِي يَسَعُ النَّاسَ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ إلَخْ، وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَقَلَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ، وَقَوْلُهُ جَوَازَ ذَلِكَ: أَيْ جَوَازَ ضَرْبِ الْمُتَّهَمِ حَيْثُ قَالَ نَقْلًا عَنْ الزَّيْلَعِيِّ.
وَمِنْهَا: أَيْ وَمِنْ السِّيَاسَةِ مَا حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْمَشِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ سَارِقٌ وَأَنَّ الْمَسْرُوقَ عِنْدَهُ عَاقَبَهُ وَيَجُوزُ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ رَآهُ الْإِمَامُ مَعَ الْفُسَّاقِ فِي مَجْلِسِ الشُّرْبِ، وَكَمَا لَوْ رَآهُ يَمْشِي مَعَ السُّرَّاقِ، وَبِغَلَبَةِ الظَّنِّ أَجَازُوا قَتْلَ النَّفْسِ، كَمَا إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ شَاهِرًا سَيْفَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ) تَمَامُ عِبَارَةِ النَّهْرِ: وَكَيْفَ يُؤْتَى لِلسَّارِقِ لَيْلًا بِالْبَيِّنَةِ بَلْ وَلَا فِي النَّهَارِ اهـ يَعْنِي لَا يَتَوَقَّفُ جَوَازُ ضَرْبِهِ عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِ التُّهْمَةِ وَتَقَدَّمَ فِي التَّعْزِيرِ أَنَّ لِلْقَاضِي تَعْزِيرَ الْمُتَّهَمِ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ ابْنِ الْقَيِّمِ حِكَايَةَ الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ سَمِعْت آنِفًا تَصْرِيحَ الزَّيْلَعِيِّ بِأَنَّ هَذَا مِنْ السِّيَاسَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ لِلْقَاضِي فِعْلَ السِّيَاسَةِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ مَا فِي التَّجْنِيسِ) وَهُوَ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِعُقُوبَةِ السَّارِقِ (قَوْلُهُ لَوْ كُسِرَ سِنُّهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ، وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ: لَوْ شَكَا لِلْوَالِي بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَتَى بِقَائِدٍ فَضَرَبَ الْمَشْكُوَّ عَلَيْهِ فَكَسَرَ سِنَّهُ أَوْ يَدَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَالْمَالِ) أَيْ كَمَا يَضْمَنُ لَوْ غَرَّمَهُ الْوَالِي مَالًا.
(قَوْلُهُ لَا لَوْ حَصَلَ) أَيْ لَا يَضْمَنُ الْأَرْشَ لَوْ حَبَسَهُ الْوَالِي فَهَرَبَ وَتَسَوَّرَ جِدَارَ السِّجْنِ فَحَصَلَ مَا ذَكَرَ مِنْ كَسْرِ سِنِّهِ أَوْ يَدِهِ أَوْ مَاتَ بِضَرْبِ الْقَائِدِ (قَوْلُهُ كَانَ لِلْوَرَثَةِ أَخْذُ الشَّاكِي بِدِيَةِ أَبِيهِمْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ الْقُنْيَةِ لِتَعْلِيلِهِ بِظُهُورِ تَعَدِّيهِ هُنَا: أَيْ حَيْثُ ظَهَرَتْ السَّرِقَةُ عَلَى يَدِ آخَرَ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِتَعَدِّيهِ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ بَعْدَ عَزْوِهِ الْمَسْأَلَةَ لِمَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: قِيلَ هَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ فِي حَقِّ الْغَرَامَةِ أَصْلُهُ السِّعَايَةُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي حَقِّ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ صَعِدَ السَّطْحَ بِاخْتِيَارِهِ، وَقِيلَ هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي الدِّيَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى الصُّعُودِ لِلْفِرَارِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى اهـ وَقَوْلُهُ أَصْلُهُ السِّعَايَةُ، أَيْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي ذَلِكَ تَضْمِينُهُمْ السَّاعِي إذَا كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ فِي الْغَصْبِ) حَيْثُ قَالَ مَتْنًا وَشَرْحًا: لَوْ سَعَى إلَى سُلْطَانٍ بِمَنْ يُؤْذِيهِ، وَالْحَالُ أَنْ لَا يَدْفَعَ بِلَا رَفْعٍ إلَى السُّلْطَانِ أَوْ سَعَى بِمَنْ يُبَاشِرُ الْفِسْقَ وَلَا يَمْتَنِعُ بِنَهْيِهِ أَوْ قَالَ لِسُلْطَانٍ قَدْ يُغَرِّمُ وَقَدْ لَا يَغْرَمُ إنَّهُ قَدْ وَجَدَ كَنْزًا فَغَرَّمَهُ السُّلْطَانُ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، وَلَوْ غَرَّمَ السُّلْطَانُ أَلْبَتَّةَ بِمِثْلِ هَذِهِ السِّعَايَةِ ضَمِنَ، وَكَذَا يَضْمَنُ لَوْ سَعَى بِغَيْرِ حَقٍّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ زَجْرًا لَهُ: أَيْ لِلسَّاعِي وَبِهِ يُفْتَى وَعُزِّرَ، وَلَوْ السَّاعِي عَبْدًا طُولِبَ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَلَوْ مَاتَ السَّاعِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute