للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلَانِ (فَيَتَوَضَّأُ بِهِ) أَوْ يَغْتَسِلُ (وَيَتَيَمَّمُ) أَيْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ لَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (إنْ فَقَدَ مَاءً) مُطْلَقًا (وَصَحَّ تَقْدِيمُ أَيِّهِمَا شَاءَ) فِي الْأَصَحِّ.

وَلَوْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ أَرَاقَهُ لَزِمَهُ إعَادَةُ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ لِاحْتِمَالِ طَهُورِيَّتِهِ. .

(وَيُقَدِّمُ التَّيَمُّمَ عَلَى نَبِيذِ التَّمْرِ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمُصَحَّحِ الْمُفْتَى بِهِ

ــ

[رد المحتار]

مُعْتَبَرٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الشَّكَّ فِي الطَّهُورِيَّةِ نَاشِئٌ عَنْ الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ، وَالنَّجَسُ الثَّابِتُ بِيَقِينٍ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِطَاهِرٍ بِيَقِينٍ، فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا تَخْلُوَ الصَّلَاةُ الْوَاحِدَةُ عَنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى لَوْ تَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ جَازَ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْمُطَهَّرَ أَحَدُهُمَا لَا الْمَجْمُوعُ، فَإِنْ كَانَ السُّؤْرُ صَحَّتْ وَلَغَتْ صَلَاةُ التَّيَمُّمِ، أَوْ التَّيَمُّمُ فَبِالْعَكْسِ نَهْرٌ.

فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَدَاءُ الصَّلَاةِ بِلَا طَهَارَةٍ فِي إحْدَى الْمَرَّتَيْنِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْكُفْرِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي أَدَاءً وَاحِدٍ. قُلْنَا: كُلٌّ مِنْهُمَا مُطَهَّرٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، فَلَا يَكُونُ الْأَدَاءُ بِلَا طَهَارَةٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْكُفْرُ كَمَا لَوْ صَلَّى حَنَفِيٌّ بَعْدَ نَحْوِ الْحِجَامَةِ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَلَا يَكْفُرُ لِلِاخْتِلَافِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى بَعْدَ الْبَوْلِ بَحْرٌ عَنْ الْمِعْرَاجِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي أَدَاءً وَاحِدٍ لِلتَّبَاعُدِ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ نَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ الشَّمْسِ الْمُحِبِّيِّ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى بِالْوُضُوءِ ثُمَّ بِالتَّيَمُّمِ، فَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ بَيْنَهُمَا كُرِهَ فِعْلُهُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ أَحْدَثَ كُرِهَ فِيهِمَا، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَتَدَبَّرْ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ النَّهْرِ فِيمَا مَرَّ ثُمَّ أَحْدَثَ غَيْرُ قَيْدٍ، نَعَمْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْدِثْ يَصِحُّ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ تَكُونُ بِالطَّهَارَتَيْنِ.

وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْفَتْحِ: وَاخْتُلِفَ فِي النِّيَّةِ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَنْوِيَ. اهـ: أَيْ الْأَحْوَطُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا، فَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَحْثِ النِّيَّةِ عَنْ الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالنُّقَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْكِفَايَةِ أَنَّهَا شَرْطٌ فِيهِ وَفِي نَبِيذِ التَّمْرِ (قَوْلُهُ إنْ فَقَدَ مَاءً مُطْلَقًا) أَمَّا إذَا وَجَدَهُ تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَلَوْ وَجَدَ بَعْدَمَا تَوَضَّأَ بِالسُّؤْرِ وَتَيَمَّمَ لَا يُصَلِّي مَا لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ حَتَّى فَقَدَهُ وَمَعَهُ السُّؤْرُ أَعَادَ التَّيَمُّمَ لَا الْوُضُوءَ بِالسُّؤْرِ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ رِعَايَةً لِقَوْلِ زُفَرَ بِلُزُومِهِ إمْدَادٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَرَاقَهُ) أَمَّا لَوْ أَرَاقَهُ أَوَّلًا حَتَّى صَارَ عَادِمًا لِلْمَاءِ لَا يَلْزَمُهُ، بَلْ عَنْ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا سُؤْرَ الْحِمَارِ يُهْرِيقُهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ. قَالَ الصَّفَّارُ: وَهُوَ قَوْلٌ جَيِّدٌ بَحْرٌ عَنْ جَامِعِ الْمَحْبُوبِيِّ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ طَهُورِيَّتِهِ) أَيْ فَتَحْتَمِلُ الصَّلَاةُ الْبُطْلَانَ فَتُعَادُ.

وَفِي الزَّيْلَعِيِّ: مُتَيَمِّمٌ رَأَى سُؤْرَ حِمَارٍ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَتَمَّهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ بِهِ وَأَعَادَهَا لِاحْتِمَالِ الْبُطْلَانِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُقَدِّمُ التَّيَمُّمَ عَلَى نَبِيذِ التَّمْرِ) اعْلَمْ أَنَّهُ رُوِيَ فِي النَّبِيذِ عَنْ الْإِمَامِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: الْأُولَى: وَهِيَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ التَّيَمُّمَ. الثَّانِيَةُ: الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَسُؤْرِ الْحِمَارِ، وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَرَجَّحَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَالثَّالِثَةُ: التَّيَمُّمُ فَقَطْ، وَهُوَ قَوْلُهُ الْأَخِيرُ، وَقَدْ رَجَعَ إلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمُصَحَّحُ الْمُخْتَارُ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَنَا بَحْرٌ.

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَبِهِ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ ذِكْرِهِ فِي بَحْثِ السُّؤْرِ، لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ: فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَيُقَدِّمُ إلَخْ عَلَى التَّقَدُّمِ فِي الرُّتْبَةِ لَا فِي الزَّمَانِ: أَيْ أَنَّ التَّيَمُّمَ رُتْبَتُهُ التَّقَدُّمُ عَلَى الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ، فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْوُضُوءِ بِهِ، وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا مَعَ سَبْقِ التَّيَمُّمِ. قَالَ فِي النَّهْرِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>