للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِيَّاكَ أَنْ تَتَوَهَّمَ أَنَّ فَرْضِيَّتَهُ تَسْقُطُ عَنْ أَهْلِ الْهِنْدِ بِقِيَامِ أَهْلِ الرُّومِ مَثَلًا بَلْ يُفْرَضُ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ الْعَدُوِّ إلَى أَنْ تَقَعَ الْكِفَايَةُ فَلَوْ لَمْ تَقَعْ إلَّا بِكُلِّ النَّاسِ فُرِضَ عَيْنًا كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَمِثْلُهُ الْجِنَازَةُ وَالتَّجْهِيزُ وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ

(لَا) يُفْرَضُ (عَلَى صَبِيٍّ) وَبَالِغٍ لَهُ أَبَوَانِ

ــ

[رد المحتار]

الْعَالِمِينَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ وَإِيَّاكَ إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحِ ابْنِ كَمَالٍ وَمِثْلُهُ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ (قَوْلُهُ بِقِيَامِ أَهْلِ الرُّومِ مَثَلًا) إذْ لَا يَنْدَفِعُ بِقِتَالِهِمْ الشَّرُّ عَنْ الْهُنُودِ الْمُسْلِمِينَ نَهْرٌ عَنْ الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ ثُمَّ قَالَ فِيهَا وقَوْله تَعَالَى - {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: ١٢٣]- يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى أَهْلِ كُلِّ قُطْرٍ، ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ - وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مَنْ يَلِي الْكُفَّارَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، عَلَى الْكِفَايَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِقِيَامِ الرُّومِ عَنْ أَهْلِ الْهِنْدِ، وَأَهْلِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ مَثَلًا كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ اهـ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْلِيَ ثَغْرًا مِنْ الثُّغُورِ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ غَنَاءٌ وَكِفَايَةٌ، لِقِتَالِ الْعَدُوِّ فَإِنْ قَامُوا بِهِ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ، وَإِنْ ضَعُفَ أَهْلُ ثَغْرٍ عَنْ مُقَاوَمَةِ الْكَفَرَةِ وَخِيفَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعَدُوِّ، فَعَلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ أَنْ يَنْفِرُوا إلَيْهِمْ، وَأَنْ يُمِدُّوهُمْ بِالسِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ وَالْمَالِ لِمَا ذَكَرْنَا إنَّهُ فَرْضٌ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ، وَلَكِنْ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُمْ لِحُصُولِ الْكِفَايَةِ بِالْبَعْضِ فَمَا لَمْ يَحْصُلْ لَا يَسْقُطُ اهـ.

قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ خِيفَ هُجُومُ الْعَدُوِّ مِنْهُ فُرِضَ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ حِفْظُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا فُرِضَ عَلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِمْ إعَانَتُهُمْ إلَى حُصُولِ الْكِفَايَةِ بِمُقَاوَمَةِ الْعَدُوِّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَسْأَلَتِنَا وَهِيَ قِتَالُنَا لَهُمْ ابْتِدَاءً فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَلْ يُفْرَضُ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَخْ) أَيْ يُفْرَضُ عَلَيْهِمْ عَيْنًا وَقَدْ يُقَالُ كِفَايَةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَامَ بِهِ الْأَبْعَدُ حَصَلَ الْمَقْصُودُ فَيَسْقُطُ عَنْ الْأَقْرَبِ، لَكِنْ هَذَا ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ فِيمَا لَوْ هَجَمَ الْعَدُوُّ وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ وَفَرْضُ عَيْنٍ إنْ هَجَمُوا عَلَى ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الْإِسْلَامِ، فَيَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى مَنْ قَرُبَ مِنْهُمْ، وَهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْجِهَادِ وَنَقَلَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْجِهَادَ إذَا جَاءَ النَّفِيرُ إنَّمَا يَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى مَنْ يَقْرُبُ مِنْ الْعَدُوِّ، فَأَمَّا مَنْ وَرَاءَهُمْ بِبُعْدٍ مِنْ الْعَدُوِّ فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَيْهِمْ، حَتَّى يَسَعُهُمْ تَرْكُهُ إذَا لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِمْ فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِمْ بِأَنْ عَجَزَ مَنْ كَانَ يَقْرُبُ مِنْ الْعَدُوِّ عَنْ الْمُقَاوَمَةِ مَعَ الْعَدُوِّ أَوْ لَمْ يَعْجِزُوا عَنْهَا، لَكِنَّهُمْ تَكَاسَلُوا وَلَمْ يُجَاهِدُوا فَإِنَّهُ يُفْتَرَضُ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ فَرْضَ عَيْنٍ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، لَا يَسَعُهُمْ تَرْكُهُ ثُمَّ وَثُمَّ إلَى أَنْ يُفْتَرَضَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ شَرْقًا وَغَرْبًا عَلَى هَذَا التَّدْرِيجِ وَنَظِيرُهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ، فَإِنَّ مَنْ مَاتَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْبَلَدِ فَعَلَى جِيرَانِهِ وَأَهْلِ مَحَلَّتِهِ أَنْ يَقُومُوا بِأَسْبَابِهِ، وَلَيْسَ عَلَى مَنْ كَانَ بِبُعْدٍ مِنْ الْمَيِّتِ أَنْ يَقُومَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي بِبُعْدٍ مِنْ الْمَيِّتِ يَعْلَمُ أَنَّ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ يُضَيِّعُونَ حُقُوقَهُ أَوْ يَعْجِزُونَ عَنْهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِحُقُوقِهِ كَذَا هُنَا اهـ.

مَطْلَبٌ طَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ (قَوْلُهُ لَا يُفْرَضُ عَلَى صَبِيٍّ) فِي الذَّخِيرَةِ لِلْأَبِ أَنْ يَأْذَنَ لِلْمُرَاهِقِ بِالْقِتَالِ، وَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ الْقَتْلَ وَقَالَ السَّعْدِيُّ لَا بُدَّ أَنْ لَا يَخَافَ عَلَيْهِ فَإِنْ خَافَ قَتْلَهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَبَالِغٍ لَهُ أَبَوَانِ) مُفَادُهُ أَنَّهُمَا لَا يَأْثَمَانِ فِي مَنْعِهِ وَإِلَّا لَكَانَ لَهُ الْخُرُوجُ حَتَّى يُبْطِلَ عَنْهُمَا الْإِثْمَ، مَعَ أَنَّهُمَا فِي سَعَةٍ مِنْ مَنْعِهِ إذَا كَانَ يَدْخُلُهُمَا مِنْ ذَلِكَ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ، وَشَمِلَ الْكَافِرَيْنِ أَيْضًا أَوْ أَحَدَهُمَا إذَا كَرِهَ خُرُوجَهُ مَخَافَةً وَمَشَقَّةً وَإِلَّا بَلْ لِكَرَاهَةِ قِتَالِ أَهْلِ دِينِهِ، فَلَا يُطِيعُهُ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ إذْ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا مُحْتَاجًا إلَى خِدْمَتِهِ فُرِضَتْ عَلَيْهِ وَلَوْ كَافِرًا وَلَيْسَ مِنْ الصَّوَابِ تَرْكُ فَرْضِ عَيْنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>