للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَأَعْمَى وَمُقْعَدٍ) أَيْ أَعْرَجَ فَتْحٌ (وَأَقْطَعَ) لِعَجْزِهِمْ (وَمَدْيُونٍ بِغَيْرِ إذْنِ غَرِيمِهِ) بَلْ وَكَفِيلِهِ أَيْضًا لَوْ بِأَمْرِهِ تَجْنِيسٌ، وَلَوْ بِالنَّفْسِ نَهْرٌ. وَهَذَا فِي الْحَالِ، أَمَّا الْمُؤَجَّلُ فَلَهُ الْخُرُوجُ إنْ عَلِمَ بِرُجُوعِهِ قَبْلَ حُلُولِهِ ذَخِيرَةٌ (وَعَالِمٍ لَيْسَ فِي الْبَلْدَةِ أَفْقَهُ مِنْهُ) فَلَيْسَ لَهُ الْغَزْوُ خَوْفَ ضَيَاعِهِمْ سِرَاجِيَّةٌ، وَعَمَّمَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ السَّفَرَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُقَيَّدَ يُفِيدُ غَيْرَهُ بِالْأَوْلَى

(وَفَرْضُ عَيْنٍ

ــ

[رد المحتار]

أَمْرِهِ لَهَا، وَفِيهِ أَنَّ مُرَادَهُ الْوُجُوبُ بِأَمْرِهِ تَعَالَى لَا بِأَمْرِ الزَّوْجِ، بَلْ هُوَ إذْنٌ وَفَكٌّ لِلْحَجْرِ كَمَا أَفَادَهُ ح. وَقَدْ عَلِمْت عَدَمَ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا أَصْلًا إلَّا إذَا هَجَمَ الْعَدُوُّ كَمَا يَأْتِي

(قَوْلُهُ أَيْ أَعْرَجَ) نَقَلَهُ فِي الْفَتْحِ عَنْ دِيوَانِ الْأَدَبِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ: وَأَقْطَعَ، وَفِي الْمُغْرِبِ أَنَّهُ الَّذِي أَقْعَدَهُ الدَّاءُ عَنْ الْحَرَكَةِ وَعِنْدَ الْأَطِبَّاءِ هُوَ الزَّمِنُ وَقِيلَ الْمُقْعَدُ الْمُتَشَنِّجُ الْأَعْضَاءُ وَالزَّمِنُ الَّذِي طَالَ مَرَضُهُ اهـ (قَوْلُهُ وَأَقْطَعَ) هُوَ الْمَقْطُوعُ الْيَدِ وَالْجَمْعُ قُطْعَانٌ كَأَسْوَدَ وَسُودَانٍ صِحَاحٌ (قَوْلُهُ لِعَجْزِهِمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ} [الفتح: ١٧] فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ زَيْلَعِيٌّ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْهُ لِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ لَمْ يُفْرَضْ عَلَيْهِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الِاخْتِيَارِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَدْيُونٍ بِغَيْرِ إذْنِ غَرِيمِهِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَفَاءٌ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَرِيمِ تَجْنِيسٌ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ الدَّائِنُ وَلَمْ يُبْرِئْهُ فَالْمُسْتَحَبُّ الْإِقَامَةُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْبَدْءَ بِالْأَوْجَبِ أَوْلَى، فَإِنْ خَرَجَ فَلَا بَأْسَ ذَخِيرَةٌ وَلَوْ الدَّائِنُ غَائِبًا فَأَوْصَى بِقَضَاءِ دَيْنِهِ إنْ مَاتَ فَلَا بَأْسَ بِالْخُرُوجِ لَوْ لَهُ وَفَاءٌ، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى الْإِقَامَةُ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ هِنْدِيَّةٌ وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ رَبُّهَا غَائِبٌ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِدَفْعِهَا إلَى رَبِّهَا فَلَهُ الْخُرُوجُ بَحْرٌ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ لَوْ بِأَمْرِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا يُؤَدَّى عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَلَهُ لَا بِأَمْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْكَفِيلِ عَلَيْهِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْذَانِهِ بَلْ يَسْتَأْذِنُ الدَّائِنَ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالنَّفْسِ) ؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ حَقًّا بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ إلَيْهِ إذَا طَلَبَ مِنْهُ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ لِلْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ مَنْعَهُ مِنْ السَّفَرِ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ عَلَى خِلَافِ مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَلَهُ الْخُرُوجُ) أَيْ بِلَا إذْنِ الْكَفِيلِ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ الْإِقَامَةُ لِقَضَائِهِ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ) أَيْ بِطَرِيقِ الظَّاهِرِ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ الْغَزْوُ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الْمَتْنُ صَادِقًا بِجَوَازِ خُرُوجِهِ زَادَ قَوْلَهُ: فَلَيْسَ إلَخْ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ ط.

قُلْت: وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ بِخَوْفِ ضَيَاعِهِمْ جَوَازُ خُرُوجِهِ لَوْ كَانَ فِي الْبَلْدَةِ مَنْ يُسَاوِيهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَعَمَّمَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ السَّفَرَ) يَعْنِي أَطْلَقَهُ حَيْثُ قَالَ أَرَادَ السَّفَرَ (قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُقَيَّدَ) وَهُوَ مَنْعُهُ عَنْ سَفَرِ الْغَزْوِ يُفِيدُ غَيْرَهُ بِالْأَوْلَى أَيْ يُفِيدُ مَنْعَهُ عَنْ سَفَرِ غَيْرِ الْغَزْوِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْغَزْوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِذَا مُنِعَ مِنْهُ يُمْنَعُ مِنْ غَيْرِهِ كَسَفَرِ التِّجَارَةِ وَحَجِّ النَّفْلِ.

وَأَمَّا السَّفَرُ لِحَجِّ الْفَرْضِ أَوْ الْغَزْوِ إذَا هَجَمَ الْعَدُوُّ، فَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ قَطْعًا فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ عَلَى أَنَّ فِي دَعْوَى الْأَوْلَوِيَّةِ نَظَرًا؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ سَفَرِ الْغَزْوِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَنْعُهُ مِمَّا لَا خَطَرَ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي سَفَرِ الِابْنِ بِلَا إذْنِ الْأَبِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ عَنْ سَفَرِهِ لِلْجِهَادِ لَا لِلتِّجَارَةِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ لِمَا قُلْنَا، وَأَمَّا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمُرَادَ بِهِ السَّفَرُ الطَّوِيلُ أَوْ عَلَى قَصْدِ الرَّحِيلِ فَإِنَّ فِيهِ ضَيَاعَهُمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ وَفَرْضُ عَيْنٍ) أَيْ عَلَى مَنْ يَقْرُبُ مِنْ الْعَدُوِّ، فَإِنْ عَجَزُوا أَوْ تَكَاسَلُوا فَعَلَى مَنْ يَلِيهِمْ حَتَّى يُفْتَرَضَ عَلَى هَذَا التَّدْرِيجِ عَلَى كُلِّ الْمُسْلِمِينَ شَرْقًا وَغَرْبًا كَمَا مَرَّ فِي عِبَارَةِ الدُّرَرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَكَانَ مَعْنَاهُ إذَا دَامَ الْحَرْبُ بِقَدْرِ مَا يَصِلُ الْأَبْعَدُونَ وَيَبْلُغُهُمْ الْخَبَرُ وَإِلَّا فَهُوَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ بِخِلَافِ إنْقَاذِ الْأَسِيرِ وُجُوبُهُ عَلَى الْكُلِّ مُتَّجِهٌ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ مِمَّنْ عَلِمَ، وَيَجِبُ أَنْ لَا يَأْثَمَ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ، وَقُعُودُهُ لِعَدَمِ خُرُوجِ النَّاسِ، وَتَكَاسُلِهِمْ أَوْ قُعُودِ السُّلْطَانِ أَوْ مَنْعِهِ اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: مُسْلِمَةٌ سُبِيَتْ بِالْمَشْرِقِ وَجَبَ عَلَى أَهْلِ الْمَغْرِبِ تَخْلِيصُهَا مِنْ الْأَسْرِ مَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>