إنْ هَجَمَ الْعَدُوُّ فَيَخْرُجُ الْكُلُّ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ) وَيَأْثَمُ الزَّوْجُ وَنَحْوُهُ بِالْمَنْعِ ذَخِيرَةٌ
(وَلَا بُدَّ) لِفَرْضِيَّتِهِ (مِنْ) قَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ (الِاسْتِطَاعَةُ) فَلَا يَخْرُجُ الْمَرِيضُ الدَّنِفُ، أَمَّا مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ، دُونَ الدَّفْعِ يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ لِتَكْثِيرِ السَّوَادِ إرْهَابًا فَتْحٌ. وَفِي السِّرَاجِ وَشُرِطَ لِوُجُوبِهِ: الْقُدْرَةُ عَلَى السِّلَاحِ لَا أَمْنُ الطَّرِيقِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إذَا حَارَبَ قُتِلَ وَإِنْ لَمْ يُحَارِبْ أُسِرَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقِتَالُ (وَيُقْبَلُ خَبَرُ الْمُسْتَنْفِرِ وَمُنَادِي السُّلْطَانِ وَلَوْ) كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا (فَاسِقًا) ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ يَشْتَهِرُ فِي الْحَالِ ذَخِيرَةٌ
(وَكُرِهَ الْجُعْلُ) أَيْ أَخْذُ الْمَالِ مِنْ النَّاسِ لِأَجْلِ الْغُزَاةِ (مَعَ الْفَيْءِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ شَيْءٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ دُرَرٌ.
ــ
[رد المحتار]
تَدْخُلْ دَارَ الْحَرْبِ وَفِي الذَّخِيرَةِ يَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُمْ قُوَّةٌ اتِّبَاعُهُمْ لِأَخْذِ مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ النِّسَاءِ وَالذَّرَارِيِّ وَإِنْ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ مَا لَمْ يَبْلُغُوا حُصُونَهُمْ، وَلَهُمْ أَنْ لَا يَتَّبِعُوهُمْ لِلْمَالِ (قَوْلُهُ إنْ هَجَمَ الْعَدُوُّ) أَيْ دَخَلَ بَلْدَةً بَغْتَةً، وَهَذِهِ الْحَالَةُ تُسَمَّى النَّفِيرُ الْعَامُّ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: وَالنَّفِيرُ الْعَامُّ أَنْ يُحْتَاجَ إلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ الْكُلُّ) أَيْ كُلُّ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالْمَدْيُونِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ السَّرَخْسِيُّ، وَكَذَلِكَ الْغِلْمَانُ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا إذَا أَطَاقُوا الْقِتَالَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجُوا وَيُقَاتِلُوا فِي النَّفِيرِ الْعَامِّ وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ
(قَوْلُهُ الْمُدْنَفُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ الَّذِي لَازَمَهُ الْمَرَضُ وَفِي ح عَنْ جَامِعِ اللُّغَةِ الدَّنَفُ الْمَرَضُ الْمُلَازِمُ، وَفِي الْمِصْبَاحِ دَنِفَ دَنَفًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ دَنِفٌ إذَا لَازَمَهُ الْمَرَضُ وَأَدْنَفَهُ الْمَرَضُ، وَأَدْنَفَ هُوَ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. اهـ. (قَوْلُهُ وَشَرَطَ لِوُجُوبِهِ الْقُدْرَةَ عَلَى السِّلَاحِ) أَيْ وَعَلَى الْقِتَالِ وَمِلْكَ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ قُهُسْتَانِيٌّ وَقَدَّمْنَا عَنْهُ اشْتِرَاطَ الْعِلْمِ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَا أَمْنَ الطَّرِيقِ) أَيْ مِنْ قُطَّاعٍ أَوْ مُحَارِبِينَ، فَيَخْرُجُونَ إلَى النَّفِيرِ، وَيُقَاتِلُونَ بِطَرِيقِهِمْ أَيْضًا حَيْثُ أَمْكَنَ وَإِلَّا سَقَطَ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ الطَّاعَةَ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ تَأَمَّلْ.
مَطْلَبٌ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَ بِشَرْطِ أَنْ يَنْكِي فِيهِمْ وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقِتَالُ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ جَازَ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ السِّيَرِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُقْتَلُ إذَا كَانَ يَصْنَعُ شَيْئًا بِقَتْلٍ أَوْ بِجَرْحٍ أَوْ بِهَزْمٍ فَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَمَدَحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْكِي فِيهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِحَمْلَتِهِ شَيْءٌ مِنْ إعْزَازِ الدِّينِ، بِخِلَافِ نَهْيِ فَسَقَةِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مُنْكَرٍ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَمْتَنِعُونَ بَلْ يَقْتُلُونَهُ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْإِقْدَامِ، وَإِنْ رُخِّصَ لَهُ السُّكُوتُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَعْتَقِدُونَ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ مُؤَثِّرًا فِي بَاطِنِهِمْ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ وَيُقْبَلُ خَبَرُ الْمُسْتَنْفِرِ) أَيْ طَالِبِ النَّفْرِ وَهُوَ الْخُرُوجُ لِلْغَزْوِ أَفَادَهُ الشَّلَبِيُّ وَيُقْبَلُ خَبَرُ الْعَبْدِ فِيهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى ط (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ يَشْتَهِرُ فِي الْحَالِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ الْوُجُوبُ مَبْنِيًّا عَلَى خَبَرِ الْفَاسِقِ فَقَطْ، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّ خَوْفَ الِاشْتِهَارِ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ الْجُعْلُ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَهُوَ مَا يُجْعَلُ لِلْإِنْسَانِ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ يَفْعَلُهُ وَالْمُرَادُ هُنَا أَنْ يُكَلِّفَ الْإِمَامُ النَّاسَ بِأَنْ يُقَوِّيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالْكُرَاعِ أَيْ الْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّفَقَةِ وَالزَّادِ نَهْرٌ وَعَلَّلَ الْكَرَاهَةَ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْأَجْرَ، وَلَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ مُعَدٌّ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ اهـ وَالثَّانِي: يُوجِبُ ثُبُوتَ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْإِمَامِ فَقَطْ وَالْأَوَّلُ يُوجِبُهَا عَلَى الْغَازِي، وَعَلَى الْإِمَامِ كَرَاهَةَ تَسَبُّبِهِ فِي الْمَكْرُوهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ لِقَوْلِ الْفَتْحِ: إنَّ حَقِيقَةَ الْأَجْرِ عَلَى الطَّاعَةِ حَرَامٌ فَمَا يُشْبِهُهُ مَكْرُوهٌ قِيلَ إنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ: قُلْت: لَا يَخْفَى فَسَادُهُ بَلْ هُوَ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ،؛ لِأَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّمَا أَجَازُوا الْأَجْرَ عَلَى أَشْيَاءَ خَاصَّةٍ نَصُّوا عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute