(وَنُقَاتِلُهُمْ بِلَا نَبْذٍ مَعَ خِيَانَةِ مَلِكِهِمْ) وَلَوْ بِقِتَالِ ذِي مَنَعَةٍ بِإِذْنِهِ وَلَوْ بِدُونِهِ انْتَقَضَ حَقُّهُمْ فَقَطْ
(وَ) نُصَالِحُ (الْمُرْتَدِّينَ لَوْ غَلَبُوا عَلَى بَلْدَةٍ وَصَارَتْ دَارُهُمْ دَارَ حَرْبٍ) لَوْ خُيِّرَا (بِلَا مَالٍ وَإِلَّا) يَغْلِبُوا عَلَى بَلْدَةٍ (لَا) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَقْرِيرَ الْمُرْتَدِّ عَلَى الرِّدَّةِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَتْحٌ (وَإِنْ أُخِذَ) الْمَالُ (مِنْهُمْ لَمْ يُرَدَّ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ بِخِلَافِ أَخْذِهِ مِنْ بُغَاةٍ فَإِنَّهُ يُرَدُّ بَعْدَ وَضْعِ الْحَرْبِ أَوْزَارَهَا فَتْحٌ
(وَلَمْ نَبِعْ) فِي الزَّيْلَعِيِّ يَحْرُمُ أَنْ نَبِيعَ (مِنْهُمْ مَا فِيهِ تَقْوِيَتُهُمْ عَلَى الْحَرْبِ) كَحَدِيدٍ وَعَبِيدٍ وَخَيْلٍ (وَلَا نَحْمِلُهُ إلَيْهِمْ وَلَوْ بَعْدَ صُلْحٍ) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَ بِالْمِيرَةِ وَهِيَ الطَّعَامُ وَالْقُمَاشُ فَجَازَ اسْتِحْسَانًا
(وَلَا نَقْتُلُ مَنْ أَمَّنَهُ حُرٌّ أَوْ حُرَّةٌ وَلَوْ فَاسِقًا) أَوْ أَعْمَى أَوْ فَانِيًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا
ــ
[رد المحتار]
؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا نَاقِضِينَ لِلْعَهْدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى نَقْضِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَبْدَأْ أَهْلَ مَكَّةَ بَلْ هُمْ بَدَءُوا بِالْغَدْرِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَقَاتَلَهُمْ، وَلَمْ يَنْبِذْ إلَيْهِمْ بَلْ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعْمِيَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَبْغَتَهُمْ هَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ لِجَمِيعِ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي وَتَمَامُهُ فِي ح (قَوْلُهُ وَلَوْ بِقِتَالٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ خِيَانَةُ مَلِكِهِمْ بِقِتَالِ أَهْلِ مَنَعَةٍ بِإِذْنِهِ: أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ قِتَالِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِقِتَالِ بَعْضِ أَتْبَاعِهِ بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ انْتَقَضَ حَقُّهُمْ فَقَطْ) أَيْ حَقُّ الْمُقَاتِلِينَ ذَوِي الْمَنَعَةِ بِلَا إذْنِ مَلِكِهِمْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فَلَا يُنْتَقَضُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمْ لَا يَلْزَمُ غَيْرَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنَعَةٌ لَمْ يَكُنْ نَقْضًا لِلْعَهْدِ اهـ أَيْ بِأَنْ قَاتَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مَثَلًا ثُمَّ تَرَكَ الْقِتَالَ يَبْقَى عَهْدُهُ
(قَوْلُهُ بِلَا مَالٍ) أَيْ بِلَا أَخْذِهِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْجِزْيَةِ: وَهِيَ لَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ نَهْرٌ وَلَمْ يَذْكُرْ صُلْحَهُمْ عَلَى أَخْذِهِمْ الْمَالَ مِنَّا وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا فِي أَهْلِ الْحَرْبِ، وَلَكِنْ هَلْ يَلْزَمُ إعْلَامُهُمْ بِنَقْضِ الْعَهْدِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ أَمْ لَا لِكَوْنِهِمْ يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ إذَا ظَهَرُوا فَتْحٌ (قَوْلُهُ بَعْدَ وَضْعِ الْحَرْبِ أَوْزَارَهَا) أَيْ أَثْقَالَهَا، وَالْمُرَادُ بَعْدَ انْتِهَائِهَا وَإِنَّمَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فَيْئًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ حَالَ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ لَهُمْ فَتْحٌ
(قَوْلُهُ وَلَمْ نَبِعْ إلَخْ) أَرَادَ بِهِ التَّمْلِيكَ بِوَجْهٍ كَالْهِبَةِ قُهُسْتَانِيٌّ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِيجَارَ وَالْإِعَارَةَ كَذَلِكَ أَفَادَهُ الْحَمَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَنْعُ مَا فِيهِ تَقْوِيَةٌ عَلَى قِتَالِنَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ يَحْرُمُ) أَيْ يُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ كَحَدِيدٍ) وَكَسِلَاحٍ مِمَّا اُسْتُعْمِلَ لِلْحَرْبِ، وَلَوْ صَغِيرًا كَالْإِبْرَةِ، وَكَذَا مَا فِي حُكْمِهِ مِنْ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ فَإِنَّ تَمْلِيكَهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ يُصْنَعُ مِنْهُ الرَّايَةُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَبِيدٍ) ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَوَالَدُونَ عِنْدَهُمْ فَيَعُودُونَ حَرْبًا عَلَيْنَا مُسْلِمًا كَانَ الرَّقِيقُ أَوْ كَافِرًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَا نَحْمِلُهُ إلَيْهِمْ) أَيْ لِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ لِتَاجِرِنَا أَنْ يَدْخُلَ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ وَمَعَهُ سِلَاحٌ لَا يُرِيدُ بَيْعَهُ مِنْهُمْ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَتَعَرَّضُونَ لَهُ وَإِلَّا فَيُمْنَعُ عَنْهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ لَوْ جَاءَ الْحَرْبِيُّ بِسَيْفٍ فَاشْتَرَى مَكَانَهُ قَوْسًا أَوْ رُمْحًا أَوْ فَرَسًا لَمْ يُتْرَكْ أَنْ يَخْرُجَ، وَكَذَا لَوْ اسْتَبْدَلَ بِسَيْفِهِ سَيْفًا خَيْرًا مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ لَمْ يُمْنَعْ، وَالْمُسْتَأْمَنُ كَالْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ إلَّا إذَا خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الرُّجُوعِ بِهِ. اهـ. نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ صُلْحٍ) تَعْمِيمٌ لِلْبَيْعِ وَالْحَمْلِ قَالَ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى شَرَفِ الِانْقِضَاءِ أَوْ النَّقْضِ (قَوْلُهُ فَجَازَ اسْتِحْسَانًا) أَيْ اتِّبَاعًا لِلنَّصِّ، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ إلَى الطَّعَامِ فَلَوْ احْتَاجُوهُ لَمْ يَجُزْ
(قَوْلُهُ وَلَا نَقْتُلُ مَنْ أَمَّنَهُ إلَخْ) أَيْ إذَا أَمَّنَ رَجُلٌ حُرٌّ أَوْ امْرَأَةٌ حَرَّةٌ كَافِرًا أَوْ جَمَاعَةً أَوْ أَهْلَ حِصْنٍ أَوْ مَدِينَةٍ صَحَّ أَمَانُهُمْ وَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُمْ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» أَيْ لَا تَزِيدُ دِيَةُ الشَّرِيفِ عَلَى دِيَةِ الْوَضِيعِ «وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» أَيْ أَقَلُّهُمْ عَدَدًا وَهُوَ الْوَاحِدُ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ فَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْأَدْنَى الَّذِي هُوَ الْأَقَلُّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ} [المجادلة: ٧]- فَهُوَ تَنْصِيصٌ عَلَى صِحَّةِ أَمَانِ الْوَاحِدِ أَوْ مِنْ الدُّنُوِّ وَهُوَ الْقُرْبُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى - {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: ٩] فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ أَمَانِ الْمُسْلِمِ فِي ثَغْرٍ بِقُرْبِ الْعَدُوِّ أَوْ مِنْ الدَّنَاءَةِ فَهُوَ تَنْصِيصٌ عَلَى صِحَّةِ أَمَانِ الْفَاسِقِ أَفَادَهُ السَّرَخْسِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute