(وَلَا تُقْسَمُ غَنِيمَةٌ ثَمَّةَ إلَّا إذَا قُسِمَ) عَنْ اجْتِهَادٍ أَوْ لِحَاجَةِ الْغُزَاةِ فَتَصِحُّ أَوْ (لِلْإِيدَاعِ) فَتَحِلُّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ حَمُولَةٌ فَإِنْ أَبَوْا هَلْ يُجْبِرُهُمْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ رِوَايَتَانِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ فَإِنْ بِحَالٍ لَوْ قَسَمَهَا قَدَرَ كُلٌّ عَلَى حَمْلِهِ قُسِمَ بَيْنَهُمْ وَإِلَّا فَهُوَ مِمَّا شَقَّ نَقْلُهُ وَسَبَقَ حُكْمُهُ
(وَلَمْ تُبَعْ) الْغَنِيمَةُ (قَبْلَهَا) لَا لِلْإِمَامِ وَلَا لِغَيْرِهِ يَعْنِي لِلتَّمَوُّلِ أَمَّا لَوْ بَاعَ شَيْئًا كَطَعَامٍ جَازَ جَوْهَرَةٌ (وَرُدَّ) الْبَيْعُ (لَوْ وَقَعَ) دَفْعًا لِلْفَسَادِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رُدَّ ثَمَنُهُ لِلْغَنِيمَةِ خَانِيَّةٌ
(وَمَدَدٌ لَحِقَهُمْ ثَمَّةَ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ وَلَا تُقْسَمُ غَنِيمَةٌ ثَمَّةَ) عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا قَبْلَ الْإِحْرَازِ، وَقِيلَ تُكْرَهُ تَحْرِيمًا دُرٌّ مُنْتَقَى (قَوْلُهُ أَوْ لِحَاجَةِ الْغُزَاةِ) وَكَذَا لَوْ طَلَبُوا الْقِسْمَةَ مِنْ الْإِمَامِ وَخَشِيَ الْفِتْنَةَ كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ فَتَصِحُّ) أَيْ وَتَثْبُتُ الْأَحْكَامُ فَتْحٌ أَيْ مِنْ حِلِّ الْوَطْءِ وَالْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَالْإِرْثِ. بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِدُونِ اجْتِهَادٍ أَوْ احْتِيَاجٍ، وَلَوْ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ فِي الْمِنَحِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا مِلْكَ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا أَيْضًا إلَّا بِالْقِسْمَةِ، فَلَا يَثْبُتُ بِالْإِحْرَازِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ، بَلْ يَتَأَكَّدُ الْحَقُّ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَ وَاحِدٌ مِنْ الْغَانِمِينَ عَبْدًا بَعْدَ الْإِحْرَازِ لَا يُعْتَقُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مِلْكٌ وَلَوْ بِشَرِكَةٍ لَعَتَقَ وَحُكْمُ اسْتِيلَادِ الْجَارِيَةِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا سَوَاءٌ، نَعَمْ لَوْ قُسِمَتْ الْغَنِيمَةُ عَلَى الرَّايَاتِ أَوْ الْعَرَّافَةِ فَوَقَعَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ أَهْلِ رَايَةٍ صَحَّ اسْتِيلَاءُ أَحَدِهِمْ وَعِتْقُهُ لِلشَّرِكَةِ الْخَاصَّةِ حَيْثُ كَانُوا قَلِيلًا كَمِائَةٍ فَأَقَلَّ، وَقِيلَ كَأَرْبَعِينَ وَالْأَوْلَى تَفْوِيضُهُ لِلْإِمَامِ اهـ مُلَخَّصًا. وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ: أَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ عِنْدَنَا بِنَفْسِ الْأَخْذِ وَيَتَأَكَّدُ بِالْإِحْرَازِ وَيُمْلَكُ بِالْقِسْمَةِ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ يَثْبُتُ بِالْبَيْعِ، وَيَتَأَكَّدُ بِالطَّلَبِ وَيَتِمُّ الْمِلْكُ بِالْأَخْذِ وَمَا دَامَ الْحَقُّ ضَعِيفًا لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ. اهـ.
وَيُبْتَنَى عَلَى هَذَا مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ بَلْ الْقِسْمَةُ وَمِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَدَدِ لَا مَنْ مَاتَ قَبْلَهَا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ. قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ عَسْكَرُنَا عَلَى الْبَلَدِ، فَلَوْ ظَهَرُوا عَلَيْهَا وَصَارَتْ بَلَدَ إسْلَامٍ صَارَتْ الْغَنِيمَةُ مُحْرَزَةً بِدَارِنَا، وَيَتَأَكَّدُ الْحَقُّ فَتَصِحُّ الْقِسْمَةُ كَمَا يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَتَحِلُّ) عَبَّرَ بِالْحِلِّ وَفِيمَا قَبْلَهُ بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا قِسْمَةَ التَّمْلِيكِ بَلْ الْإِيدَاعُ لِيَحْمِلُوهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ يُرْجِعُهَا مِنْهُمْ وَيَقْسِمُهَا كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَغَيْرِهَا فَلَيْسَتْ قِسْمَةً حَقِيقَةً حَتَّى تُوصَفَ بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ حَمُولَةً) بِفَتْحِ الْحَاءِ كُلُّ مَا اُحْتُمِلَ عَلَيْهِ مِنْ حِمَارٍ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَيْهِ الْأَحْمَالُ أَوْ لَمْ تَكُنْ. اهـ. ح (قَوْلُهُ رِوَايَتَانِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ خَافَ تَفَرُّقَهُمْ لَوْ قَسَمَهَا قِسْمَةَ الْغَنِيمَةِ يَفْعَلُ هَذَا، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ قَسَمَهَا قِسْمَةَ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهَا تَصِحُّ لِلْحَاجَةِ وَفِيهِ إسْقَاطُ الْإِكْرَاهِ وَإِسْقَاطُ الْأُجْرَةِ اهـ وَقَوْلُهُ: يَفْعَلُ هَذَا أَيْ جَبْرَهُمْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ فَإِذَا تَعَذَّرَ) أَيْ الْقَسْمُ لِلْإِيدَاعِ بِسَبَبِ عَدَمِ الْإِجْبَارِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُمْ حَمُولَةٌ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ حِينَئِذٍ. اهـ. ح
(قَوْلُهُ وَلَمْ تُبَعْ الْغَنِيمَةُ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَ الْإِحْرَازِ فِي دَارِنَا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَمَا عَلِمْت قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي بَيْعِ الْغُزَاةِ، وَأَمَّا بَيْعُ الْإِمَامِ لَهَا فَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ رَأَى
الْمَصْلَحَةَ
فِي ذَلِكَ، وَأَقَلُّهُ تَخْفِيفُ إكْرَاهِ الْحَمْلِ عَنْ النَّاسِ أَوْ عَنْ الْبَهَائِمِ وَنَحْوِهِ وَتَخْفِيفُ مُؤْنَتِهِ عَنْهُمْ فَيَقَعُ عَنْ اجْتِهَادٍ فِي
الْمَصْلَحَةِ
فَلَا يَقَعُ جُزَافًا فَيَنْعَقِدُ بِلَا كَرَاهَةٍ مُطْلَقًا اهـ وَبِهِ يَظْهَرُ مَا فِي قَوْلِهِ لَا لِلْإِمَامِ وَلَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ جَوْهَرَةٌ) نَصُّ عِبَارَتِهَا: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ فِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُمْ بِالطَّعَامِ وَالْعَلَفِ لِلْحَاجَةِ وَمَنْ أُبِيحَ لَهُ تَنَاوُلُ شَيْءٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ كَمَنْ أَبَاحَ طَعَامًا لِغَيْرِهِ اهـ.
فَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُمْ إلَخْ جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ بِالطَّعَامِ وَالْعَلَفِ كَمَا يَأْتِي، وَالْجَوَابُ ظَاهِرٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بَيْعَ شَيْءٍ بِطَعَامٍ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ وَمَدَدٌ لَحِقَهُمْ ثَمَّةَ) أَيْ إذَا لَحِقَ