للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كَالصَّفِيِّ) الَّذِي كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَصْطَفِيهِ لِنَفْسِهِ

(وَمَنْ دَخَلَ دَارَهُمْ بِإِذْنِ) الْإِمَامِ (أَوْ مَنَعَةٍ) أَيْ قُوَّةٍ (فَأَغَارَ خَمَسَ) مَا أَخَذُوا؛ لِأَنَّهُ غَنِيمَةٌ (وَإِلَّا لَا) ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَاسٌ وَفِي الْمُنْيَةِ لَوْ دَخَلَ أَرْبَعَةٌ خَمَسَ وَلَوْ ثَلَاثَةٌ لَا. قَالَ الْإِمَامُ مَا أَصَبْتُمْ لَا أُخَمِّسُهُ فَلَوْ لَهُمْ مَنَعَةٌ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ

(وَنُدِبَ لِلْإِمَامِ

ــ

[رد المحتار]

فَلِذَا سَقَطَ بِمَوْتِهِ بِخِلَافِ الْإِمَامَةِ وَالْقِيَامِ بِأُمُورِ الْأُمَّةِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ الْمَقْدِسِيَّ عَلَى قَوْلِهِمْ: وَلَا رَسُولَ بَعْدَهُ مِنْ أَنَّهُمْ إنْ أَرَادُوا أَنَّ رِسَالَتَهُ مَقْصُورَةٌ عَلَى حَيَاتِهِ فَمَمْنُوعٌ إذْ قَدْ صَرَّحَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي بِأَنَّ رِسَالَةَ الرَّسُولِ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ ثُمَّ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا بَاقِيَةٌ حُكْمًا بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِحَقِيقَةِ الرِّسَالَةِ لَا بِالْقِيَامِ بِأُمُورِ الْأُمَّةِ اهـ. وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ إيهَامِ انْقِطَاعِ حَقِيقَتِهَا بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ أَفَادَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى أَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. قُلْت: وَأَمَّا مَا نُسِبَ إلَى الْإِمَامِ الْأَشْعَرِيِّ إمَامِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ إنْكَارِ ثُبُوتِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ. فَهُوَ افْتِرَاءٌ وَبُهْتَانٌ وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي كُتُبِهِ وَكُتُبِ أَصْحَابِهِ خِلَافُ مَا نَسَبَ إلَيْهِ بَعْضُ أَعْدَائِهِ؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ وَقَدْ أَقَامَ النَّكِيرُ عَلَى افْتِرَاءِ ذَلِكَ الْإِمَامُ الْعَارِفُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي كِتَابِهِ: شِكَايَةِ السُّنَّةِ، وَكَذَا غَيْرُهُ كَمَا بَسَطَ ذَلِكَ الْإِمَامُ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي طَبَقَاتِهِ الْكُبْرَى فِي تَرْجَمَةِ الْإِمَامِ الْأَشْعَرِيِّ (قَوْلُهُ كَالصَّفِيِّ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَالْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ نَهْرٌ أَيْ كَمَا سَقَطَ الصَّفِيُّ بِمَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ يَصْطَفِيهِ لِنَفْسِهِ) أَيْ قَبْلَ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ، وَإِخْرَاجِ الْخُمُسِ نَهْرٌ كَمَا اصْطَفَى ذَا الْفَقَارِ وَهُوَ سَيْفُ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ حِينَ قَتَلَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَمَا اصْطَفَى صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ بْنِ أَخَطَبَ مِنْ غَنِيمَةِ خَيْبَرَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ وَالْحَاكِمُ فَتْحٌ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ قَالَ فِي طَلِبَةِ الطَّلَبَةِ: وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَسْتَأْثِرُ بِالصَّفِيِّ زِيَادَةً عَلَى سَهْمِهِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ دَخَلَ دَارَهُمْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ) وَلَوْ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ ط عَنْ الشَّلَبِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ مَنَعَةٍ) فِي الْمِصْبَاحِ هُوَ فِي مَنَعَةٍ بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ فِي عِزِّ قَوْمِهِ، فَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مَنْ يُرِيدُهُ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَهِيَ مَصْدَرٌ مِثْلُ الْأَنَفَةِ وَالْعَظَمَةِ أَوْ جَمْعُ مَانِعٍ وَهُمْ الْعَشِيرَةُ وَالْحُمَاةُ وَقَدْ تُسَكَّنُ فِي الشِّعْرِ لَا غَيْرُ خِلَافًا لِمَنْ أَجَازَهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ خَمَسَ) أَيْ يَأْخُذُ الْإِمَامُ خُمُسَهُ وَالْبَاقِي لَهُمْ قَالَ فِي الْفَتْحِ:؛ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْصُرَهُمْ حَيْثُ أَذِنَ لَهُمْ كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَنْصُرَ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ لَهُمْ مَنَعَةٌ إذَا دَخَلُوا بِغَيْرِ إذْنِهِ تَحَامِيًا عَنْ تَوْهِينِ الْمُسْلِمِينَ وَالدِّينِ فَلَمْ يَكُونُوا مَعَ نُصْرَةِ الْإِمَامِ مُتَلَصِّصِينَ فَكَانَ الْمَأْخُوذُ قَهْرًا غَنِيمَةً (قَوْلُهُ مَا أَخَذُوا) بِضَمِيرِ الْجَمْعِ مُرَاعَاةً لِمَعْنَى مَنْ كَمَا رُوعِيَ لَفْظُهَا فِي قَوْلِهِ فَأَغَارَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلُوا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَكُونُوا ذَوِي مَنَعَةٍ بِأَنْ دَخَلُوا بِلَا إذْنِهِ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ فَأَقَلَّ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ: قَالَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَدَّرَ الْجَمَاعَةَ الَّتِي لَا مَنَعَةَ لَهَا بِسَبْعَةٍ، وَاَلَّتِي لَهَا مَنَعَةٌ بِعَشَرَةٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَاسٌ) مِنْ خَلَسْت الشَّيْءَ خَلْسًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ اخْتَطَفْته بِسُرْعَةٍ عَلَى غَفْلَةٍ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُنْيَةِ إلَخْ) أَفَادَ بِهِ تَقْدِيرَ الْمَنَعَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْخُمُسَ فِي الثَّانِي وَاجِبٌ بِقَوْلِ الْإِمَامِ، فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلِ، وَلِذَا لَوْ دَخَلُوا بِغَيْرِ إذْنِهِ خَمِسَ مَا أَخَذُوهُ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنَعَةٌ لَا يَجِبُ الْخُمُسُ إلَّا إذَا أَذِنَ فَيَكُونُ قَدْ وَجَبَ بِسَبَبِ قَوْلِهِ: فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ فَلَمْ يَجِبْ بِقَوْلِهِ فَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُهُ وَفِي النَّهْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ بِإِذْنِهِ وَبَعْضُهُمْ بِلَا إذْنِهِ وَلَا مَنَعَةَ لَهُمْ فَالْحُكْمُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ كَمَا فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ مَنَعَةٌ يَجِبُ الْخُمُسُ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَنُدِبَ لِلْإِمَامِ) وَكَذَا لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ إلَّا إذَا نَهَاهُ الْإِمَامُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْعَسْكَرِ فَيَجُوزُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ بَحْرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>