أَنْ يُنَفِّلَ وَقْتَ الْقِتَالِ حَثًّا) وَتَحْرِيضًا فَيَقُولُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ سَمَّاهُ قَتِيلًا لِقُرْبِهِ مِنْهُ (أَوْ يَقُولُ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي التَّنْفِيلِ (قَوْلُهُ أَنْ يُنَفِّلَ) التَّنْفِيلُ: إعْطَاءُ الْإِمَامِ الْفَارِسَ فَوْقَ سَهْمِهِ وَهُوَ مِنْ النَّفْلِ، وَمِنْهُ النَّافِلَةُ لِلزَّائِدِ عَلَى الْفَرْضِ وَيُقَالُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ كَذَلِكَ، وَيُقَالُ نَفَّلَهُ تَنْفِيلًا وَنَفَلَهُ بِالتَّخْفِيفِ نَفْلًا لُغَتَانِ فَصَيْحَتَانِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَقْتَ الْقِتَالِ) قَيَّدَ بِهِ الْقُدُورِيُّ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ لَا يَمْلِكُهُ الْإِمَامُ، وَقِيلَ: مَا دَامُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ يَمْلِكُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ؛ وَقَدْ يُؤَيِّدُ هَذَا الْقِيلَ أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» إنَّمَا كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ حُنَيْنٍ وَلَمْ أَرَ جَوَازَهُ قَبْلَ الْمُقَاتَلَةِ نَهْرٌ. قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ تَحْرِيضًا لِلْمُسْلِمِينَ، عَلَى الرُّجُوعِ إلَى الْقِتَالِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: إنَّ فِي قَوْلِهِ: وَقْتَ الْقِتَالِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّنْفِيلُ قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى وَإِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِهِ بَعْدَهُ لَكِنْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ فِيهِ حَقُّ الْغَانِمِينَ اهـ فَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِجَوَازِهِ قَبْلَهُ وَعَزَاهُ ح إلَى الْمُحِيطِ وَقَوْلُهُ: لَكِنْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقِيلِ الْمَارِّ عَنْ السِّرَاجِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُتُونِ: وَيُنَفِّلُ بَعْدَ الْإِحْرَازِ مِنْ الْخُمُسِ فَقَطْ، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا يَجُوزُ مِنْ الْكُلِّ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ، فَفِي الْمَنْبَعِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: لَا خِلَافَ أَنَّ التَّنْفِيلَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، وَإِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ وَقَبْلَ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا جَائِزٌ وَيَوْمَ الْهَزِيمَةِ، وَيَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ التَّحْرِيضُ عَلَى الْقِتَالِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذَا انْهَزَمَ الْعَدُوُّ، وَأَمَّا بَعْدَ الْإِحْرَازِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا اهـ مُلَخَّصًا.
وَفِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى، وَمَتْنِ الْمُخْتَارِ وَلِلْإِمَامِ: أَنْ يُنَفِّلَ قَبْلَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ وَقَبْلَ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا فَقَوْلُهُمْ: وَقَبْلَ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا فَائِدَتُهُ دَفْعُ تَوَهُّمِ الْجَوَازِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ قَبْلَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ يَشْمَلُ مَا بَعْدَ الْإِصَابَةِ: أَيْ إصَابَةِ الْعَسْكَرِ الْغَنِيمَةَ بِالْهَزِيمَةِ وَانْتِهَاءِ الْحَرْبِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا بَيَّنَهُ عَطْفُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ. وَفِي الْفَتْحِ التَّنْفِيلُ إنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَنَا قَبْلَ الْإِصَابَةِ، فَقَدْ ظَهَرَ ضَعْفُ مَا فِي السِّرَاجِ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ السِّرَاجِ، لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِهِ الْجَوْهَرَةِ حَيْثُ قَالَ: عَنْ الْخُجَنْدِيِّ: التَّنْفِيلُ: إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَا يَمْلِكُهُ الْإِمَامُ،؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ لِأَجْلِ التَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ لَا تَحْرِيضَ. اهـ. قُلْت: وَكُلُّ مَا وَرَدَ مِنْ التَّنْفِيلِ بَعْدَ الْقِتَالِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْخُمُسِ كَمَا بَسَطَهُ السَّرَخْسِيُّ.
مَطْلَبٌ الِاقْتِبَاسُ مِنْ الْقُرْآنِ جَائِزٌ عِنْدَنَا [تَنْبِيهٌ] قَوْلُهُمْ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا اقْتِبَاسٌ مِنْ الْقُرْآنِ، وَبِهِ يُسْتَدَلُّ عَلَى جَوَازِهِ عِنْدَنَا كَمَا بَسَطَهُ الشَّارِحُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَتَحْرِيضًا) أَيْ تَرْغِيبًا فِي الْقِتَالِ.
مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِمْ اسْمُ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ سَمَّاهُ قَتِيلًا لِقُرْبِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقَتْلِ فَفِيهِ مَجَازٌ الْأَوَّلُ مِثْلُ أَعْصِرُ خَمْرًا لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُمْ: اسْمُ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ أَيْ حَالِ التَّلَبُّسِ بِالْفِعْلِ لَا حَالِ النُّطْقِ فَإِنَّ حَقِيقَةَ الضَّارِبِ وَالْمَضْرُوبِ لَا تَتَقَدَّمُ عَلَى الضَّرْبِ وَلَا تَتَأَخَّرُ عَنْهُ، فَهُمَا مَعَهُ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَمِنْ هَذَا ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» أَنَّ قَتِيلًا حَقِيقَةٌ، وَأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ سُمِّيَ قَتِيلًا بِاعْتِبَارِ مُشَارَفَتِهِ لِلْقَتْلِ لَا تَحْقِيقَ فِيهِ. اهـ. وَصَرَّحَ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ، بِأَنَّ الْمُشْتَقَّ إنَّمَا يَكُونُ حَقِيقَةً فِي الْحَالِ مَجَازًا فِي الِاسْتِقْبَالِ مُخْتَلِفًا فِيهِ فِي الْمَاضِي إذَا كَانَ مَحْكُومًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute