للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ) وَقَدْ يَكُونُ بِدَفْعِ مَالٍ وَتَرْغِيبِ مَآلٍ فَالتَّحْرِيضُ نَفْسُهُ وَاجِبٌ لِلْأَمْرِ بِهِ وَاخْتِيَارٌ لِأَدْعَى الْمَقْصُودِ مَنْدُوبٌ وَلَا يُخَالِفُهُ تَعْبِيرُ الْقُدُورِيِّ أَيْ بِلَا بَأْسٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُطَّرِدًا لِمَا تَرْكُهُ أَوْلَى بَلْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْدُوبِ أَيْضًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْمَبْسُوطِ بِالِاسْتِحْبَابِ (وَيَسْتَحِقُّ الْإِمَامُ لَوْ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ إذَا قَتَلَ هُوَ) اسْتِحْسَانًا (بِخِلَافِ) مَا لَوْ قَالَ مِنْكُمْ أَوْ قَالَ (مَنْ قَتَلْتُهُ أَنَا فَلِي سَلَبُهُ) فَلَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا إذَا عَمَّمَ بَعْدَهُ ظَهِيرِيَّةٌ وَيَسْتَحِقُّهُ مُسْتَحِقُّ سَهْمٍ أَوْ رَضْخٍ فَعَمَّ الذِّمِّيَّ وَغَيْرَهُ (وَذَا) أَيْ التَّنْفِيلُ

ــ

[رد المحتار]

بِهِ أَمَّا إذَا كَانَ مُتَعَلِّقَ الْحُكْمِ كَمَا هُنَا فَهُوَ حَقِيقَةٌ مُطْلَقًا، يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ بِمَعْنَى الْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ الْمَاضِي إجْمَاعًا وَحِينَئِذٍ، فَلَا مَجَازَ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ وَقَوْلُهُ: إذَا كَانَ مَحْكُومًا بِهِ كَقَوْلِك: زَيْدٌ قَائِمٌ فَإِنَّهُ حَكَمَ بِهِ عَلَى زَيْدٍ، بِخِلَافِ جَاءَ الْقَائِمُ فَإِنَّهُ جَعَلَ مُتَعَلِّقَ الْحُكْمِ بِالْمَجِيءِ فَفِي الْأَوَّلِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِالْقِيَامِ حَالَ النُّطْقِ، حَتَّى يَصِحَّ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالصِّفَةِ وَإِلَّا كَانَ مَجَازًا بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّ قَوْلَك: جَاءَ الْقَائِمُ غَدًا حُكْمٌ بِالْمَجِيءِ عَلَى ذَاتِ الْقَائِمِ غَدًا أَيْ عَلَى مَنْ يُسَمَّى قَائِمًا غَدًا أَيْ حَالَ التَّلَبُّسِ بِالصِّفَةِ وَمِنْهُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا أَيْ شَخْصًا يُسَمَّى قَتِيلًا عِنْدَ تَحَقُّقِ الْقَتْلِ فِيهِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ أَوْ يَقُولُ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ) هَذَا الْفَرْعُ مَنْقُولٌ فِي حَوَاشِي الْهِدَايَةِ وَلِلْكَمَالِ فِيهِ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ مَعَ جَوَابِهِ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَجَازَ التَّنْفِيلُ بِالْكُلِّ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ بِدَفْعِ مَالٍ) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ خُذْ هَذِهِ الْمِائَةَ وَاقْتُلْ هَذَا الْكَافِرَ تَأَمَّلْ وَلَمْ أَرَهُ (قَوْلُهُ وَتَرْغِيبِ مَآلٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى فِي: أَيْ تَرْغِيبٍ فِي الْمَآلِ مِثْلُ: إنْ قَتَلْت قَتِيلًا فَلَكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُصَرِّحَ بِالْأَجْرِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَالتَّحْرِيضُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُورَدُ عَلَى قَوْلِهِ: وَنُدِبَ لِلْإِمَامِ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ التَّحْرِيضَ الْوَاجِبَ قَدْ يَكُونُ بِالتَّرْغِيبِ فِي ثَوَابِ الْآخِرَةِ أَوْ فِي التَّنْفِيلِ، فَهُوَ وَاجِبٌ مُخَيَّرٌ وَإِذَا كَانَ التَّنْفِيلُ أَدْعَى الْخِصَالِ إلَى الْمَقْصُودِ يَكُونُ هُوَ الْأَوْلَى، فَصَارَ الْمَنْدُوبُ اخْتِيَارَ إسْقَاطِ الْوَاجِبِ بِهِ لَا هُوَ فِي نَفْسِهِ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ مُخَيَّرٌ فَتْحٌ مُلَخَّصًا، وَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ الْعِنَايَةِ إنَّ الْأَمْرَ فِي الْآيَةِ مَصْرُوفٌ عَنْ الْوُجُوبِ لِقَرِينَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُخَالِفُهُ) أَيْ لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَنُدِبَ.

مَطْلَبٌ كَلِمَةُ لَا بَأْسَ قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ بَلْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْدُوبِ) يَظْهَرُ لِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي مَوْضِعٍ يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْبَأْسُ أَيْ الشِّدَّةُ كَمَا هُنَا فَإِنَّ فِيهِ تَخْصِيصَ الْفَارِسِ بِزِيَادَةٍ مَعَ قَطْعِ الْخُمُسِ بَلْ اُسْتُعْمِلَ نَظِيرُهُ فِي الْقُرْآنِ فِي الْوَاجِبِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨]- فَنَفَى الْجُنَاحَ لِمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ حُرْمَةِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ تَبَعًا لِلْفَتْحِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِكَوْنِهِ مَنْدُوبًا لَا خِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ يُسْتَحَقُّ بِإِيجَابِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْإِيجَابَ لِنَفْسِهِ كَالْقَاضِي لَا يَمْلِكُ الْقَضَاءَ لِنَفْسِهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ أَوْجَبَ النَّفَلَ لِلْجَيْشِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ خَصَّهُمْ بِقَوْلِهِ مِنْكُمْ؛ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْكَلَامُ، وَفِي الثَّانِي هُوَ مُتَّهَمٌ بِتَخْصِيصِهِ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا عَمَّمَ بَعْدَهُ) أَيْ إذَا قَالَ: إنْ قَتَلْتُ قَتِيلًا فَلِي سَلَبُهُ وَلَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا حَتَّى قَالَ: وَمَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ الْأَمِيرُ قَتِيلًا اسْتَحَقَّهُ؛ لِأَنَّ التَّنْفِيلَ صَارَ عَامًّا بِاعْتِبَارِ كَلَامَيْهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بِكَلَامَيْنِ، أَوْ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَصِحَّ لِلتُّهْمَةِ بِالتَّخْصِيصِ وَقَدْ زَالَتْ بِالثَّانِي أَفَادَهُ السَّرَخْسِيُّ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ التَّعْمِيمَ حَصَلَ بِمَجْمُوعِ الْكَلَامَيْنِ لَا بِالثَّانِي فَقَطْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَيَسْتَحِقُّهُ) أَيْ السَّلَبَ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) كَالتَّاجِرِ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَيْ التَّنْفِيلُ) أَيْ تَنْفِيلُ الْإِمَامِ بِقَوْلِهِ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا إنَّمَا يَكُونُ فِي مُبَاحِ الْقَتْلِ: أَيْ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ قَتِيلًا نَكِرَةً لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَنْ يُبَاحُ قَتْلُهُ، فَيَدْخُلُ فِيهِ أَجِيرٌ لَهُمْ وَتَاجِرٌ مِنْهُمْ وَعَبْدٌ يَخْدُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>