(إنَّمَا يَكُونُ فِي مُبَاحِ الْقَتْلِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ بِقَتْلِ امْرَأَةٍ وَمَجْنُونٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ لَمْ يُقَاتِلْ وَسَمَاعُ الْقَاتِلِ مَقَالَةَ الْإِمَامِ لَيْسَ بِشَرْطٍ) فِي اسْتِحْقَاقِهِ مَا نَفَّلَهُ إذْ لَيْسَ فِي الْوُسْعِ إسْمَاعُ الْكُلِّ، وَيَعُمُّ كُلَّ قِتَالٍ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مَا لَمْ يَرْجِعُوا وَإِنْ مَاتَ الْوَالِي أَوْ عُزِلَ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ الثَّانِي نَهْرٌ، وَكَذَا يَعُمُّ كُلَّ قَتِيلٍ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ وَهُوَ مَنْ بِخِلَافِ إنْ قَتَلْتَ قَتِيلًا وَلَوْ قَالَ إنْ قَتَلْتَ ذَلِكَ الْفَارِسَ فَلَكَ كَذَا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ قَطَعْتَ رَأْسَ أُولَئِكَ الْقَتْلَى فَلَكَ كَذَا صَحَّ
-
ــ
[رد المحتار]
مَوْلَاهُ وَمُرْتَدٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ لَحِقَ بِهِمْ وَمَرِيضٌ أَوْ مَجْرُوحٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْقِتَالَ وَشَيْخٌ فَانٍ لَهُ رَأْيٌ أَوْ يُرْجَى نَسْلُهُ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ مُبَاحٌ نَعَمْ لَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا كَانَ يُقَاتِلُ فِي صَفِّهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَلَبُهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُبَاحَ الدَّمِ لَكِنَّ سَلَبَهُ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ كَأَهْلِ الْبَغْيِ إلَّا إذَا كَانَ سَلَبُهُ لِلْمُشْرِكِينَ أَعَارُوهُ إيَّاهُ سَرَخْسِيٌّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ بِقَتْلِ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ اسْتِحْسَانًا لَمْ أَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بَلْ الَّذِي فِيهَا عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا عَزَاهُ إلَيْهَا الْقُهُسْتَانِيُّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مِمَّنْ لَمْ يُقَاتِلْ) حَتَّى لَوْ قَاتَلَ الصَّبِيُّ فَلَهُ سَلَبُهُ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ كَمَا فِي شَرْحِ السِّيَرِ (قَوْلُهُ وَيَعُمُّ كُلَّ قِتَالٍ فِي تِلْكَ السَّنَةِ) الْأَوْلَى السَّفْرَةِ كَمَا عَبَّرَ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَفِي شَرْحِ السِّيَرِ لَوْ نَفَّلَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ الْقِتَالِ يَبْقَى حُكْمُهُ إلَى أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى لَوْ رَأَى مُسْلِمٌ مُشْرِكًا نَائِمًا فَقَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ فِي الصَّفِّ أَوْ بَعْدَ الْهَزِيمَةِ أَمَّا لَوْ نَفَّلَ بَعْدَمَا اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الْقِتَالِ حَتَّى يَنْقَضِيَ وَلَوْ بَقِيَ أَيَّامًا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الْوَالِي أَوْ عُزِلَ) فِي شَرْحِ السِّيَرِ لَوْ جَاءَ مَعَ الْمَدَدِ أَمِيرٌ وَعُزِلَ الْأَمِيرُ الْأَوَّلُ بَطَلَ تَنْفِيلُهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ لِزَوَالِ وِلَايَتِهِ بِالْعَزْلِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَقْدَمْ أَمِيرٌ بَلْ مَاتَ أَمِيرُهُمْ فَأُمِّرَ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُ لَمْ يَبْطُلْ حُكْمُ تَنْفِيلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ قَائِمٌ مَقَامَهُ إلَّا إذَا أَبْطَلَهُ الثَّانِي أَوْ كَانَ الْخَلِيفَةُ قَالَ لَهُمْ إنْ مَاتَ أَمِيرُكُمْ فَأَمِيرُكُمْ فُلَانٌ فَيَبْطُلُ تَنْفِيلُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ نَائِبُ الْخَلِيفَةِ بِتَقْلِيدِهِ مِنْ جِهَتِهِ، فَكَأَنَّهُ قَلَّدَهُ ابْتِدَاءً، فَيَنْقَطِعُ حُكْمُ رَأْيِ الْأَوَّلِ بِرَأْيٍ فَوْقَهُ اهـ مُلَخَّصًا. وَحَاصِلُهُ: بُطْلَانُهُ بِالْعَزْلِ وَكَذَا بِالْمَوْتِ إذَا نُصِبَ غَيْرُهُ بَعْدَهُ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ لَا مِنْ جِهَتِهِمْ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الشَّرْحِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ) فِيهِ أَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ إنَّمَا تَعُمُّ فِي الْيَمِينِ الْمُثْبَتِ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِهِ دُونَ الْمَنْفِيِّ كَإِنْ لَمْ أُكَلِّمْ رَجُلًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْإِثْبَاتِ كَأَنَّهُ قَالَ لَأُكَلِّمَنَّ رَجُلًا كَمَا فِي التَّحْرِيرِ ح.
قُلْت: ذَكَرَ فِي التَّحْرِيرِ أَيْضًا أَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ عُمُومُ النَّكِرَةِ مِنْ الْمَقَامِ وَغَيْرِهِ كَعَلِمَتْ نَفْسٌ وَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ وَأَكْرِمْ كُلَّ رَجُلٍ اهـ وَهُنَا كَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي تِلْوَهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إنْ قَتَلْتَ قَتِيلًا) أَيْ فَقَتَلَ الْمُخَاطَبُ قَتِيلَيْنِ مَثَلًا لَا يَعُمُّ الْكُلَّ بَلْ لَهُ سَلَبُ الْأَوَّلِ فَقَطْ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ اسْتِحْقَاقَهُ بِشَرْطٍ يَتَكَرَّرُ فَلَا يَنْتَهِي بِقَتْلِ الْأَوَّلِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ لَمَّا لَمْ يُعَيِّنْ إنْسَانًا بِعَيْنِهِ، فَقَدْ خَرَجَ الْكَلَامُ مِنْهُ عَامًّا أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْمُخَاطَبِينَ، فَكَمَا يَعُمُّ جَمَاعَتَهُمْ يَعُمُّ جَمَاعَةَ الْمَقْتُولِينَ، وَحَقِيقَةُ مَعْنَى الْفَرْقِ أَنَّ مَقْصُودَ الْإِمَامِ مِنْ تَحْرِيضِهِمْ الْمُبَالَغَةُ فِي النِّكَايَةِ فِي الْمُشْرِكِينَ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ لِلْعَشَرَةِ مَثَلًا عَشَرَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ، وَأَمَّا الثَّانِي فَالْمَقْصُودُ فِيهِ مَعْرِفَةُ جَلَادَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَذَلِكَ يَتِمُّ بِدُونِ إثْبَاتِ الْعُمُومِ فِي الْمَقْتُولِينَ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ. وَقَدْ خَطَرَ لِي هَذَا الْفَرْقُ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ.
وَحَاصِلُهُ: يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْعُمُومَ فِي أَحَدِهِمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ قَرِينَةِ الْمَقَامِ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ آنِفًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إنْ قَتَلْتُ ذَلِكَ الْفَارِسَ إلَخْ) أَقُولُ: هَذَا إذَا صَرَّحَ بِكَوْنِهِ أَجْرًا وَإِلَّا فَهُوَ تَنْفِيلٌ لِمَا فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لِلسَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِمُسْلِمٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ إنْ قَتَلْتُ ذَلِكَ الْفَارِسَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَلَكَ عَلَيَّ أَجْرٌ مِائَةُ دِينَارٍ، فَقَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجْرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَرَّحَ بِالْأَجْرِ لَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى التَّنْفِيلِ، وَالِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْجِهَادِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِذِمِّيٍّ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ جَازَ وَأَصْلُ جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْقَتْلِ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إزْهَاقُ الرُّوحِ، وَلَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute