إلَّا لِضَرُورَةٍ وَفِي الْأَشْبَاهِ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنْ لَا يَرْكَبُوا مُطْلَقًا وَلَا يَلْبَسُوا الْعَمَائِمَ وَإِنْ رَكِبَ الْحِمَارَ لِضَرُورَةٍ نَزَلَ فِي الْمَجَامِعِ (وَيُرَكِّبُ سَرْجًا كَالْأُكُفِ) كَالْبَرْذَعَةِ فِي مُقَدَّمَةِ شِبْهِ الرُّمَّانَةِ (وَلَا يَعْمَلُ بِسِلَاحٍ وَيُظْهِرُ الْكُسْتِيجَ) فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ الزُّنَّارُ مِنْ صُوفٍ أَوْ شَعْرٍ وَهَلْ يَلْزَمُ تَمْيِيزُهُمْ بِكُلِّ الْعَلَامَاتِ خِلَافٌ أَشْبَاهٌ. وَالصَّحِيحُ إنْ فَتَحَهَا عَنْوَةً فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَعَلَى الشَّرْطِ تَتَارْخَانِيَّةٌ (وَيُمْنَعُ مِنْ لُبْسِ الْعِمَامَةِ) وَلَوْ زَرْقَاءَ أَوْ صَفْرَاءَ عَلَى الصَّوَابِ نَهْرٌ وَنَحْوُهُ فِي الْبَحْرِ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْأَشْبَاهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَإِنَّمَا تَكُونُ طَوِيلَةً سَوْدَاءَ (وَ) مِنْ (زُنَّارٍ -
ــ
[رد المحتار]
كُلِّهَا عَنْ قَوْلِهِ وَيَرْكَبُ سَرْجًا كَالْأُكُفِ.
(قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَمَا إذَا خَرَجَ إلَى قَرْيَةٍ أَوْ كَانَ مَرِيضًا فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنْ لَا يَرْكَبُوا) كَتَبَ بَعْضُهُمْ هُنَا أَنَّ الصَّوَابَ يَرْكَبُونَ بِالنُّونِ، كَمَا هُوَ عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ لِعَدَمِ النَّاصِبِ وَالْجَازِمِ وَأَنْ مُخَفَّفَةٌ مِنْ الثَّقِيلَةِ وَاسْمُهَا ضَمِيرُ الشَّأْنِ. أَقُولُ: هَذَا التَّصْوِيبُ خَطَأٌ مَحْضٌ، لِأَنَّ الْمُخَفَّفَةَ مِنْ الثَّقِيلَةِ الَّتِي لَا تَنْصِبُ الْمُضَارِعَ شَرْطًا أَنْ تَقَعَ بَعْدَ فِعْلِ الْيَقِينِ أَوْ مَا يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ نَحْوَ - {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ} [المزمل: ٢٠]- {أَفَلا يَرَوْنَ أَلا يَرْجِعُ} [طه: ٨٩]- وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ الْمَصْدَرِيَّةُ النَّاصِبَةُ نَحْوَ - {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٤]- (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ حِمَارًا (قَوْلُهُ فِي الْمَجَامِعِ) أَيْ فِي مَجَامِعِ الْمُسْلِمِينَ إذَا مَرَّ بِهِمْ فَتْحٌ (قَوْلُهُ كَالْأُكُفِ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ إكَافٍ مِثْلُ حِمَارٍ وَحُمُرٍ مِصْبَاحٌ فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْإِكَافِ الْمُفْرَدِ (قَوْلُهُ كَالْبَرْذَعَةِ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ كَالْأُكُفِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْبَرْذَعَةُ بِالذَّالِ وَالدَّالِ حُلْسٌ يُجْعَلُ تَحْتَ الرَّحْلِ وَالْجَمْعُ الْبَرَاذِعُ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ. وَفِي عُرْفِ زَمَانِنَا هِيَ لِلْحِمَارِ مَا يُرْكَبُ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ السَّرْجِ لِلْفَرَسِ اهـ فَالْمُرَادُ هُنَا الْمَعْنَى الْعُرْفِيُّ لَا اللُّغَوِيُّ (قَوْلُهُ وَلَا يَعْمَلُ بِسِلَاحٍ) أَيْ لَا يَسْتَعْمِلُهُ وَلَا يَحْمِلُهُ لِأَنَّهُ عِزٌّ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ يُمْنَعُونَ عَنْهُ.
قُلْت: وَمِنْ هَذَا الْأَصْلِ تُعْرَفُ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَيُظْهِرُ الْكُسْتِيجُ) بِضَمِّ الْكَافِ وَبِالْجِيمِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ مَعْنَاهُ الْعَجْزُ وَالذُّلُّ كَمَا فِي النَّهْرِ، فَيَشْمَلُ الْقَلَنْسُوَةَ وَالزُّنَّارَ وَالنَّعْلَ لِوُجُودِ الذُّلِّ فِيهَا، وَلِقَوْلِهِ فِي الْبَحْرِ وَكُسْتِيجَاتُ النَّصَارَى قَلَنْسُوَةٌ سَوْدَاءُ مِنْ اللُّبَدِ مُضَرَّبَةٌ وَزُنَّارٌ مِنْ الصُّوفِ اهـ فَتَعْبِيرُهُ بِخُصُوصِ الزُّنَّارِ بَيَانٌ لِبَعْضِ أَنْوَاعِهِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ الزُّنَّارُ) بِوَزْنِ تُفَّاحٍ وَجَمْعُهُ زَنَانِيرُ مِصْبَاحٌ، وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُغْرِبِ أَنَّهُ خَيْطٌ غَلِيظٌ بِقَدْرِ الْأُصْبُعِ يَشُدُّهُ الذِّمِّيُّ فَوْقَ ثِيَابِهِ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الصُّوفِ أَوْ الشَّعْرِ وَأَنْ لَا يَجْعَلَ لَهُ حَلْقَةً تَشُدُّهُ كَمَا يَشُدُّ الْمُسْلِمُ الْمِنْطَقَةَ بَلْ يُعَلِّقُهُ عَلَى الْيَمِينِ أَوْ الشِّمَالِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَرْقَاءَ أَوْ صَفْرَاءَ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ الْعَلَامَةَ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مُتَعَارَفُهَا، وَفِي بِلَادِنَا جُعِلَتْ الْعَلَامَةُ فِي الْعِمَامَةِ فَأُلْزِمَ النَّصَارَى بِالْأَزْرَقِ وَالْيَهُودُ بِالْأَصْفَرِ، وَاخْتَصَّ الْمُسْلِمُونَ بِالْأَبْيَضِ قَالَ فِي النَّهْرِ: إلَّا أَنَّهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ: وَأَمَّا لُبْسُ الْعِمَامَةِ وَالزُّنَّارِ الْإِبْرَيْسَمِ فَجَفَاءٌ فِي حَقِّ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَمُكْسِرَةٌ لِقُلُوبِهِمْ وَهَذَا يُؤْذِنُ بِمَنْعِ التَّمْيِيزِ بِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة حَيْثُ صَرَّحَ بِمَنْعِهِمْ مِنْ الْقَلَانِسِ الصِّغَارِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ طَوِيلَةً مِنْ كِرْبَاسٍ مَصْبُوغَةٍ بِالسَّوَادِ مُضَرَّبَةً مُبَطَّنَةً، وَهَذَا فِي الْعَلَامَةِ أَوْلَى وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَمَنْعُهُمْ مِنْ لُبْسِ الْعَمَائِمِ هُوَ الصَّوَابُ الْوَاضِحُ بِالتِّبْيَانِ فَأَيَّدَ اللَّهُ سُلْطَانَ زَمَانِنَا، وَلِسَعَادَتِهِ أَبَّدَ وَلِمُلْكِهِ شَيَّدَ وَلِأَمْرِهِ سَدَّدَ إذْ مَنَعَهُمْ مِنْ لُبْسِهَا اهـ. قُلْت: وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ مِنْ إلْزَامِهِمْ لُبْسَ الْقَلَانِسِ الطَّوِيلَةِ الْمُضَرَّبَةِ، وَأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ وَمَنْ مَنَعَهُمْ مِنْ لُبْسِ الْعَمَائِمِ. [تَنْبِيهٌ]
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَكَذَا تُؤْخَذُ نِسَاؤُهُمْ بِالزِّيِّ فِي الطُّرُقِ فَيَجْعَلُ عَلَى مَلَاءَةِ الْيَهُودِيَّةِ خِرْقَةً صَفْرَاءَ وَعَلَى النَّصْرَانِيَّةِ زَرْقَاءَ وَكَذَا فِي الْحَمَّامَاتِ. اهـ.
أَيْ فَيَجْعَلُ فِي أَعْنَاقِهِنَّ طَوْقَ الْحَدِيدِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى قُلْت: وَسَيَجِيءُ أَنَّ الذِّمِّيَّةَ فِي النَّظَرِ إلَى الْمُسْلِمَةِ كَالرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ فِي الْأَصَحِّ فَلَا تَنْظُرُ أَصْلًا إلَى الْمُسْلِمَةِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ اهـ وَمُفَادُهُ مَنْعُهُنَّ مِنْ دُخُولِ حَمَّامٍ فِيهِ مُسْلِمَةٌ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَكُونُ طَوِيلَةً سَوْدَاءَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute