وَغَالِبُ ظَنِّيِّ أَنِّي مَا أَنْصَفْتُهُ:
وَمَا عَلَيَّ إذَا مَا قُلْتُ مُعْتَقَدِي ... دَعْ الْجَهُولَ يَظُنُّ الْجَهْلَ عُدْوَانًا
وَاَللَّهِ وَاَللَّهِ وَاَللَّهِ الْعَظِيمِ وَمَنْ ... أَقَامَهُ حُجَّةً لِلَّهِ بُرْهَانًا
إنَّ الَّذِي قُلْتُ بَعْضٌ مِنْ مَنَاقِبِهِ ... مَا زِدْتُ إلَّا لَعَلِّي زِدْتُ نُقْصَانًا
إلَى أَنْ قَالَ: وَمِنْ خَوَاصِّ كُتُبِهِ أَنَّهُ مَنْ وَاظَبَ عَلَى مُطَالَعَتِهَا انْشَرَحَ صَدْرُهُ لِفَكِّ الْمُعْضِلَاتِ، وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ الْعَارِفُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الشَّعْرَانِيُّ سِيَّمَا فِي كِتَابِهِ [تَنْبِيهُ الْأَغْبِيَاءِ، عَلَى قَطْرَةٍ مِنْ بَحْرِ عُلُومِ الْأَوْلِيَاءِ] فَعَلَيْك وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ
(وَ) الْكَافِرُ بِسَبَبِ اعْتِقَادِ (السِّحْرِ) لَا تَوْبَةٌ لَهُ (وَلَوْ امْرَأَةً) فِي الْأَصَحِّ
ــ
[رد المحتار]
وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى أَصِفُهُ (قَوْلُهُ مَا أَنْصَفْته) يُقَالُ أَنْصَفْته إنْصَافًا عَامَلْته بِالْعَدْلِ وَالْقِسْطِ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَمَا عَلَيَّ) مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ أَوْ نَافِيَةٌ: أَيْ وَمَا عَلَيَّ شَيْءٌ (قَوْلُهُ يَظُنُّ الْجَهْلَ) أَيْ يَظُنُّ الْجَهْلَ فِي غَيْرِهِ فَهُوَ مَفْعُولٌ أَوَّلُ أَوْ يَظُنُّ الظَّنَّ الْجَهْلَ فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ، وَقَوْلُهُ عُدْوَانًا أَيْ ظُلْمًا مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ أَوْ حَالٌ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قِيلَ إنَّ الْجَهْلَ بِمَعْنَى الْمَجْهُولِ مَفْعُولٌ أَوَّلُ وَعُدْوَانًا مَفْعُولٌ ثَانٍ: أَيْ ذَا عُدْوَانٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بُرْهَانًا) هُوَ الْحُجَّةُ قَامُوسٌ، فَهُوَ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ ط (قَوْلُهُ مِنْ مَنَاقِبِهِ) جَمْعُ مَنْقَبَةٍ وَهِيَ الْمَفْخَرَةُ قَامُوسٌ ط (قَوْلُهُ إلَّا لَعَلِّي) أَيْ لَكِنْ أَخَافُ وَأُشْفِقُ أَنِّي زِدْتُ مِنْ جِهَةِ النُّقْصَانِ وَالتَّقْصِيرِ فِي حَقِّهِ، فَنُقْصَانًا تَمْيِيزٌ لَا مَفْعُولُ زِدْت لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ مَا قِيلَ فِي زَادَ النَّقْصُ أَنَّهُ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ حَتَّى يَتَسَلَّطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ.
مَطْلَبٌ فِي السَّاحِرِ وَالزِّنْدِيقِ (قَوْلُهُ وَالْكَافِرُ بِسَبَبِ اعْتِقَادِ السِّحْرِ) فِي الْفَتْحِ: السِّحْرُ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَاعْتِقَادُ إبَاحَتِهِ كُفْرٌ. وَعَنْ أَصْحَابِنَا وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ يَكْفُرُ السَّاحِرُ بِتَعَلُّمِهِ وَفِعْلِهِ سَوَاءٌ اعْتَقَدَ الْحُرْمَةَ أَوْ لَا وَيُقْتَلُ وَفِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ «حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ» يَعْنِي الْقَتْلَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُقْتَلُ وَلَا يَكْفُرُ إلَّا إذَا اعْتَقَدَ إبَاحَتَهُ. وَأَمَّا الْكَاهِنُ، فَقِيلَ هُوَ السَّاحِرُ، وَقِيلَ هُوَ الْعَرَّافُ الَّذِي يُحَدِّثُ وَيَتَخَرَّصُ، وَقِيلَ مَنْ لَهُ مِنْ الْجِنِّ مَنْ يَأْتِيهِ بِالْأَخْبَارِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الشَّيَاطِينَ يَفْعَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ كَفَرَ لَا إنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ تَخْيِيلٌ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إنْ اعْتَقَدَ مَا يُوجِبُ الْكُفْرَ مِثْلَ التَّقَرُّبِ إلَى الْكَوَاكِبِ وَأَنَّهَا تَفْعَلُ مَا يَلْتَمِسُهُ كَفَرَ. وَعِنْدَ أَحْمَدَ حُكْمُهُ كَالسَّاحِرِ فِي رِوَايَةٍ يُقْتَلُ، وَفِي رِوَايَةٍ إنْ لَمْ يَتُبْ، وَيَجِبُ أَنْ لَا يَعْدِلَ عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي كُفْرِ السَّاحِرِ وَالْعَرَّافِ وَعَدَمِهِ. وَأَمَّا قَتْلُهُ فَيَجِبُ وَلَا يُسْتَتَابُ إذَا عُرِفَتْ مُزَاوَلَتُهُ لِعَمَلِ السِّحْرِ لِسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ لَا بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي اعْتِقَادِهِ مَا يُوجِبُ كُفْرَهُ. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ اخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ إلَّا إذَا اعْتَقَدَ مُكَفِّرًا، وَبِهِ جَزَمَ فِي النَّهْرِ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ مُطْلَقًا إنْ عُرِفَ تَعَاطِيهِ لَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: اتَّخَذَ لُعْبَةً لِيُفَرِّقَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ. قَالُوا: هُوَ مُرْتَدٌّ وَيُقْتَلُ إنْ كَانَ يَعْتَقِدُ لَهَا أَثَرًا وَيَعْتَقِدُ التَّفْرِيقَ مِنْ اللُّعْبَةِ لِأَنَّهُ كَافِرٌ. اهـ. وَفِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ الْمُخْتَارَاتِ: سَاحِرٌ يُسْحِرُ وَيَدَّعِي الْخَلْقَ مِنْ نَفْسِهِ يَكْفُرُ وَيُقْتَلُ لِرِدَّتِهِ. وَسَاحِرٌ يُسْحِرُ وَهُوَ جَاحِدٌ لَا يُسْتَتَابُ مِنْهُ وَيُقْتَلُ إذَا ثَبَتَ سِحْرُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ. وَسَاحِرٌ يُسْحِرُ تَجْرِبَةً وَلَا يَعْتَقِدُ بِهِ لَا يَكْفُرُ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: السَّاحِرُ إذَا أَقَرَّ بِسِحْرِهِ أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ مِنْهُ، وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ فِيهِ سَوَاءٌ. وَقِيلَ يُقْتَلُ السَّاحِرُ الْمُسْلِمُ لَا الْكِتَابِيُّ، وَالْمُرَادُ مِنْ السَّاحِرِ غَيْرُ الْمُشَعْوِذِ وَلَا صَاحِبُ الطَّلْسَمِ وَلَا الَّذِي يَعْتَقِدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute