للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا لَزِمَ بَيْتَهُ دُرَرٌ. وَفِي الْمُبْتَغَى لَوْ بَغَوْا لِأَجَلِ ظُلْمِ السُّلْطَانِ وَلَا يَمْتَنِعُ عَنْهُ لَا يَنْبَغِي لِلنَّاسِ مُعَاوَنَةُ السُّلْطَانِ وَلَا مُعَاوَنَتُهُمْ

. (وَلَوْ طَلَبُوا الْمُوَادَعَةَ أُجِيبُوا) إلَيْهَا (إنْ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ) كَمَا فِي أَهْلِ الْحَرْبِ (وَإِلَّا لَا) يُجَابُوا بَحْرٌ (وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ شَيْءٌ، فَلَوْ أَخَذْنَا مِنْهُمْ رُهُونًا وَأَخَذُوا مِنَّا رُهُونًا، ثُمَّ غَدَرُوا بِنَا وَقَتَلُوا رُهُونَنَا لَا نَقْتُلُ رُهُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ يُحْبَسُونَ إلَى أَنْ يَهْلِكَ أَهْلُ الْبَغْيِ أَوْ يَتُوبُوا، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الشِّرْكِ) إذَا فَعَلُوا بِرُهُونِنَا ذَلِكَ لَا نَفْعَلُ بِرُهُونِهِمْ (وَ) لَكِنْ (يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ يَصِيرُوا ذِمَّةً) لَنَا. (وَلَوْ لَهُمْ فِئَةٌ أُجْهِزَ عَلَى جَرِيحِهِمْ) أَيْ أُتِمَّ قَتْلُهُ (وَاتُّبِعَ مُوَلِّيهِمْ وَإِلَّا لَا) لِعَدَمِ الْخَوْفِ (وَالْإِمَامُ بِالْخِيَارِ فِي أَسِرْهُمْ، إنْ شَاءَ قَتَلَهُ وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهُ) حَتَّى يَتُوبَ أَهْلُ الْبَغْيِ، فَإِنْ تَابُوا حَبَسَهُ أَيْضًا حَتَّى يُحْدِثَ تَوْبَةً سِرَاجٌ

(وَنُقَاتِلُهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ وَالْإِغْرَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَأَهْلِ الْحَرْبِ وَمَا لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ) كَنِسَاءٍ وَشُيُوخٍ (لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ مِنْهُمْ) مَا لَمْ يُقَاتِلُوا، وَلَا يَقْتُلُ عَادِلٌ مَحْرَمَهُ مُبَاشَرَةً مَا لَمْ يُرِدْ قَتْلَهُ

ــ

[رد المحتار]

«عَلَيْكُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِكُلِّ مَنْ يُؤَمَّرُ عَلَيْكُمْ مَا لَمْ يَأْمُرْكُمْ بِمُنْكَرٍ» فَفِي الْمُنْكَرِ لَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ ثُمَّ إذَا أَمَرَ الْعَسْكَرَ بِأَمْرٍ فَهُوَ عَلَى أَوْجُهٍ: إنْ عَلِمُوا أَنَّهُ نَفْعٌ بِيَقِينٍ أَطَاعُوهُ وَإِنْ عَلِمُوا خِلَافَهُ كَأَنْ كَانَ لَهُمْ قُوَّةٌ وَلِلْعَدُوِّ مَدَدٌ يَلْحَقُهُمْ لَا يُطِيعُونَهُ، وَإِنْ شَكُّوا لَزِمَهُمْ إطَاعَتُهُ، وَتَمَامُهُ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ بَيْتَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، أَنَّهُمْ قَعَدُوا فِي الْفِتْنَةِ، وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ فِي تَرَدُّدٍ مِنْ حِلِّ الْقِتَالِ. وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ قَوْلِ الْفِتْنَةِ: إذَا وَقَعَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَعْتَزِلَ الْفِتْنَةَ وَيَقْعُدَ فِي بَيْتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إمَامٌ. وَمَا رُوِيَ «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» مَحْمُولٌ عَلَى اقْتِتَالِهِمَا حَمِيَّةً وَعَصَبِيَّةً كَمَا يُتَّفَقُ بَيْنَ أَهْلِ قَرْيَتَيْنِ وَمَحَلَّتَيْنِ، أَوْ لِأَجْلِ الدُّنْيَا وَالْمُلْكِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُبْتَغَى إلَخْ) مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَمِثْلُهُ فِي السِّرَاجِ، لَكِنْ فِي الْفَتْحِ: وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَطَاقَ الدَّفْعَ أَنْ يُقَاتِلَ مَعَ الْإِمَامِ إلَّا إنْ أَبْدَوْا مَا يُجَوِّزُ لَهُمْ الْقِتَالَ كَأَنْ ظَلَمَهُمْ أَوْ ظَلَمَ غَيْرَهُمْ ظُلْمًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ بَلْ يَجِبُ أَنْ يُعِينُوهُمْ حَتَّى يُنْصِفَهُمْ وَيَرْجِعَ عَنْ جَوْرِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْحَالُ مُشْتَبَهًا أَنَّهُ ظُلْمٌ مِثْلُ تَحْمِيلِ بَعْضِ الْجِبَايَاتِ الَّتِي لِلْإِمَامِ أَخْذُهَا وَإِلْحَاقُ الضَّرَرِ بِهَا لِدَفْعِ ضَرَرٍ أَعَمَّ مِنْهُ. اهـ.

قُلْت: وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنَّ وُجُوبَ إعَانَتِهِمْ إذَا أَمْكَنَ امْتِنَاعُهُ عَنْ بَغْيِهِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُبْتَغَى، وَلَا تُمْتَنَعُ عَنْهُ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَبُوا الْمُوَادَعَةَ) أَيْ الصُّلْحَ مِنْ تَرْكِ قِتَالِهِمْ ط (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ شَيْءٌ) أَيْ عَلَى الْمُوَادَعَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ وَمِثْلُهُ فِي الْمُرْتَدِّينَ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: لَا نَقْتُلُ رُهُونَهُمْ) أَيْ وَإِنْ وَقَعَ الشَّرْطُ عَلَى أَنَّ أَيُّهُمَا غَدَرَ يَقْتُلُ الْآخَرُونَ الرَّهْنَ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا آمِنِينَ بِالْمُوَادَعَةِ أَوْ بِإِعْطَاءِ الْأَمَانِ لَهُمْ حِينَ أَخَذْنَاهُمْ رَهْنًا وَالْغَدْرُ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا يُؤَاخَذُونَ بِهِ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَصِيرُوا ذِمَّةً لَنَا) أَوْ بِمَعْنَى إلَّا فَلِذَلِكَ حَذَفَ النُّونَ ح (قَوْلُهُ أُجْهِزَ عَلَى جَرِيحِهِمْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فِيهِ وَفِي اُتُّبِعَ (قَوْلُهُ: أَيْ أُتِمَّ قَتْلُهُ) فِي الْمِصْبَاحِ: جَهَزْت عَلَى الْجَرِيحِ مِنْ بَابِ نَفَعَ وَأَجْهَزْت إجْهَازًا أَتْمَمْت عَلَيْهِ وَأَسْرَعْت قَتْلَهُ (قَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ مُوَلِّيهِمْ) أَيْ هَارِبُهُمْ لِقَتْلِهِ أَوْ أَسْرِهِ كَيْ لَا يَلْحَقَ هُوَ أَوْ الْجَرِيحُ بِفِئَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ يَلْحَقُونَ بِهَا لَا يُجْهَزُ وَلَا يُتْبَعُ (قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ قَتَلَهُ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ فِئَةٌ وَإِلَّا لَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَمَعْنَى هَذَا الْخِيَارِ أَنْ يُحَكِّمَ نَظَرَهُ فِيمَا هُوَ أَحْسَنُ الْأَمْرَيْنِ فِي كَسْرِ الشَّوْكَةِ لَا بِهَوَى النَّفْسِ وَالتَّشَفِّي.

(قَوْلُهُ: كَنِسَاءٍ وَشُيُوخٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الصِّبْيَانَ وَالْعُمْيَانَ كَمَا فِي الْبَحْرِ ط (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقَاتِلُوا) أَيْ فَيُقْتَلُونَ حَالَ الْقِتَالِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ إلَّا الصِّبْيَانَ وَالْمَجَانِينَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْتُلُ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُرِدْ قَتْلَهُ) فَإِذَا أَرَادَهُ فَلَهُ دَفْعُهُ وَلَوْ بِقَتْلِهِ، وَلَهُ أَنْ يَتَسَبَّبَ لِيَقْتُلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>