(وَلَمْ تُسْبَ لَهُمْ ذُرِّيَّةٌ، وَتُحْبَسُ أَمْوَالُهُمْ إلَى ظُهُورِ تَوْبَتِهِمْ) فَتُرَدُّ عَلَيْهِمْ، وَبَيْعُ الْكُرَاعِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَنْفَعُ فَتْحٌ وَيُقَاسَ عَلَيْهِ الْعَبِيدُ نَهْرٌ (وَنُقَاتِلُ بِسِلَاحِهِمْ وَحِيَلِهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِغَيْرِهِمَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ مُطْلَقًا) وَلَوْ عِنْدَ الْحَاجَةِ سِرَاجٌ.
(وَلَوْ قَالَ الْبَاغِي: تُبْت وَأَلْقَى السِّلَاحَ مِنْ يَدِهِ كُفَّ عَنْهُ، وَلَوْ قَالَ: كُفَّ عَنِّي لِأَنْظُرَ فِي أَمْرِي لَعَلِّي أَتُوبُ وَأَلْقَى السِّلَاحَ كُفَّ عَنْهُ، وَلَوْ قَالَ أَنَا عَلَى دِينِك وَمَعَهُ السِّلَاحُ لَا) لِأَنَّ وُجُودَ السِّلَاحِ مَعَهُ قَرِينَةُ بَقَاءِ بَغْيِهِ، فَمَتَى أَلْقَاهُ كُفَّ عَنْهُ وَإِلَّا لَا فَتْحٌ. (وَلَوْ قَتَلَ بَاغٍ مِثْلَهُ فَظُهِرَ عَلَيْهِمْ فَلَا شَيْءَ فِيهِ) لِكَوْنِهِ مُبَاحَ الدَّمِ فَتْحٌ، فَلَا إثْمَ أَيْضًا، وَقَتْلَانَا شُهَدَاءُ وَلَا يُصَلَّى عَلَى بُغَاةٍ بَلْ يُكَفَّنُونَ وَيُدْفَنُونَ بَدَائِعُ (وَيُكْرَهُ نَقْلُ رُءُوسِهِمْ إلَى الْآفَاقِ) وَكَذَلِكَ رُءُوسُ أَهْلِ الْحَرْبِ لِأَنَّهَا مُثْلَةٌ؛ وَجَوَّزَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَوْ فِيهِ كَسْرُ شَوْكَتِهِمْ أَوْ فَرَاغُ قَلْبِنَا فَتْحٌ وَمَرَّ فِي الْجِهَادِ.
(وَلَوْ غَلَبُوا عَلَى مِصْرٍ فَقَتَلَ مِصْرِيٌّ مِثْلَهُ عَمْدًا فَظَهَرَ عَلَى الْمِصْرِ قُتِلَ بِهِ إنْ لَمْ يَجْرِ عَلَى أَهْلِهِ) أَيْ الْمِصْرِ (أَحْكَامُهُمْ) وَإِنْ جَرَى لَا لِانْقِطَاعِ وِلَايَةِ الْإِمَامِ عَنْهُمْ (وَإِنْ قَتَلَ عَادِلٌ بَاغِيًا وَرِثَهُ) مُطْلَقًا
ــ
[رد المحتار]
غَيْرُهُ كَعَقْرِ دَابَّتِهِ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ مَحْرَمَهُ مِنْهُمْ مُبَاشَرَةً إلَّا الْوَالِدَيْنِ بَحْرٌ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ الْوَالِدَيْنِ الْحَرْبِيَّيْنِ مُبَاشَرَةً، بَلْ لَهُ مَنْعُهُمَا لِيَقْتُلَهُمَا غَيْرُهُ إلَّا إذَا أَرَادَ قَتْلَهُ وَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَلَهُ قَتْلُهُمَا مُبَاشَرَةً كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْجِهَادِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُنَا كَالْوَالِدَيْنِ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَإِنَّ لَهُ قَتْلَ الْمُحَرَّمِ فَقَطْ. وَالْفَرْقُ كَمَا فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ اُجْتُمِعَ فِي الْبَاغِي حُرْمَتَانِ: حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ، وَحُرْمَةُ الْقَرَابَةِ. وَفِي الْكَافِرِ حُرْمَةُ الْقَرَابَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَلَمْ تُسْبَ لَهُمْ ذُرِّيَّةٌ) أَيْ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَكَذَا النِّسَاءُ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَمْنَعُ الِاسْتِرْقَاقَ ابْتِدَاءً كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الْكُرَاعِ أَوْلَى) بِضَمِّ الْكَافِ، مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ بَعْضِهِ، لِمَا فِي الْمِصْبَاحِ أَنَّ الْكُرَاعَ مِنْ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ مُسْتَدَقُّ السَّاعِدِ بِمَنْزِلَةِ الْوَظِيفِ مِنْ الْفَرَسِ، وَهُوَ مُؤَنَّثٌ يُجْمَعُ عَلَى أَكْرُعٍ وَالْأَكْرُعُ عَلَى أَكَارِعَ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْأَكَارِعُ لِلدَّابَّةِ قَوَائِمُهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَنْفَعُ) أَيْ أَنْفَعُ مِنْ إمْسَاكِهِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ لِلرُّجُوعِ عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: وَأَلْقَى السِّلَاحَ) فِعْلٌ مَاضٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَالَ (قَوْلُهُ: فَمَتَى أَلْقَاهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَمَا لَمْ يُلْقِ السِّلَاحَ فِي صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ كَانَ لَهُ قَتْلُهُ، وَمَتَى أَلْقَاهُ كُفَّ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ لَا يَلْزَمُهُ الْكَفُّ عَنْهُ بِإِلْقَاءِ السِّلَاحِ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ لَا دِيَةَ وَلَا قِصَاصَ إذَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُبَاحَ الدَّمِ) أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَادِلَ إذَا قَتَلَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يُسْتَوْفَى إلَّا بِالْوِلَايَةِ وَهِيَ بِالْمَنْفَعَةِ، وَلَا وِلَايَةَ لِإِمَامِنَا عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَصَارَ كَالْقَتْلِ فِي دَارِ الْحَرْبِ. وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يُقْتَلُ بِهِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: فَلَا إثْمَ أَيْضًا) أَخَذَهُ فِي النَّهْرِ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْفَتْحِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَقَتْلَانَا شُهَدَاءُ) أَيْ فَيُصْنَعُ بِهِمْ مَا يُصْنَعُ بِالشُّهَدَاءِ كَافِيٌّ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكَفَّنُونَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يُغَسَّلُوا كَمَا فِي الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُثْلَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ: أَوْ أَنَّثَهُ لِتَأْنِيثِ الْخَبَرِ أَيْ وَالْمُثْلَةُ مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَجَوَّزَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) لِمَنْعِ كَوْنِهِ مُثْلَةً، قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمَنَعَهُ فِي الْمُحِيطِ فِي رُءُوسِ الْبُغَاةِ؛ وَجَوَّزَهُ فِي رُءُوسِ أَهْلِ الْحَرْبِ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَجْرِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ أَخْرَجَهُمْ إمَامُ الْعَدْلِ قَبْلَ تَقَرُّرِ حُكْمِهِمْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَنْقَطِعْ وِلَايَةُ الْإِمَامِ فَوَجَبَ الْقَوَدُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَرَى لَا) أَيْ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَكِنْ يَسْتَحِقُّ عَذَابَ الْآخِرَةِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ إذَا قَتَلَ عَادِلٌ بَاغِيًا فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَلَا تَفْصِيلَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِحَقٍّ فَلَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ. وَأَصْلُهُ أَنَّ الْعَادِلَ إذَا أَتْلَفَ نَفْسَ الْبَاغِي أَوْ مَالَهُ لَا يَضْمَنُ وَلَا يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقِتَالِهِمْ دَفْعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute