للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ مَا لَا تُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ لَهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ؛ وَأَمَّا مَا تُشْتَرَطُ لَهُ فَيُشْتَرَطُ فَقْدُ الْمَاءِ كَتَيَمُّمٍ لِمَسِّ مُصْحَفٍ فَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدِ الْمَاءِ. وَأَمَّا لِلْقِرَاءَةِ، فَإِنْ مُحْدِثًا فَكَالْأَوَّلِ أَوْ جُنُبًا فَكَالثَّانِي.

وَقَالُوا: لَوْ تَيَمَّمَ لِدُخُولِ مَسْجِدٍ أَوْ لِقِرَاءَةٍ وَلَوْ مِنْ مُصْحَفٍ أَوْ مَسَّهُ أَوْ كِتَابَتِهِ أَوْ تَعْلِيمِهِ أَوْ لِزِيَارَةِ قُبُورٍ أَوْ عِيَادَةِ مَرِيضٍ أَوْ دَفْنِ مَيِّتٍ أَوْ أَذَانٍ أَوْ إقَامَةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ سَلَامٍ أَوْ رَدِّهِ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ بِهِ عِنْدَ الْعَامَّةِ، بِخِلَافِ صَلَاةِ جِنَازَةٍ أَوْ سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ فَتَاوَى شَيْخِنَا خَيْرِ الدِّينِ الرَّمْلِيِّ قُلْت: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.

ــ

[رد المحتار]

أَنَّهُ مِنْ مُلْحَقَاتِ الشَّارِحِ عَلَى نُسْخَتِهِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ) بَدَلٌ مِنْ مَا أَوْ مِنْ الضَّابِطِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ) غَيْرُ مُسَلَّمٍ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ التَّيَمُّمُ لِمَسِّ مُصْحَفٍ، سَوَاءٌ كَانَ عَنْ حَدَثٍ أَوْ عَنْ جَنَابَةٍ (قَوْلُهُ فَكَالْأَوَّلِ) أَيْ كَاَلَّذِي لَا تُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ فَيَتَيَمَّمُ لَهُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ ط (قَوْلُهُ فَكَالثَّانِي) وَهُوَ مَا تُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ ط (قَوْلُهُ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ بِهِ) أَيْ لِفَقْدِ الشَّرْطِ، وَهُوَ أَمْرَانِ: كَوْنُ الْمَنْوِيِّ عِبَادَةً مَقْصُودَةً، وَكَوْنُهَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِالطَّهَارَةِ.

أَمَّا فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَفِي الْمُحْدِثِ فَقْدُ الْأَمْرَيْنِ، وَفِي الْجُنُبِ فَقْدُ الْأَوَّلِ؛ وَأَمَّا فِي الْقِرَاءَةِ لِلْمُحْدِثِ فَلِفَقْدِ الثَّانِي، وَلَا يُرَادُ الْجُنُبُ هُنَا لِمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ جُنُبًا فَكَالثَّانِي: أَيْ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ. وَأَمَّا الْمَسُّ مُطْلَقًا فَلِفَقْدِ الْأَوَّلِ وَالْكِتَابَةُ كَالْمَسِّ إلَّا إذَا كَتَبَ وَالصَّحِيفَةُ عَلَى الْأَرْضِ عَلَى مَا مَرَّ، فَإِذَا تَيَمَّمَ لِذَلِكَ كَانَتْ الْعِلَّةُ فَقْدَ الْأَمْرَيْنِ. وَالتَّعْلِيمُ إنْ كَانَ مِنْ مُحْدِثٍ فَلِفَقْدِ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ مِنْ جُنُبٍ وَكَانَ كَلِمَةً كَلِمَةً فَلِفَقْدِ الثَّانِي أَيْضًا وَعَارِضُ التَّعْلِيمِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ قِرَاءَةً، وَلَا يُرَادُ الْجُنُبُ هُنَا إذَا لَمْ يَكُنْ التَّعْلِيمُ كَلِمَةً كَلِمَةً لِمَا مَرَّ. وَأَمَّا زِيَارَةُ الْقُبُورِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَدَفْنُ الْمَيِّتِ وَالسَّلَامُ وَرَدُّهُ فَلِفَقْدِ الثَّانِي. وَأَمَّا الْأَذَانُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجُنُبِ فَلِفَقْدِ الْأَوَّلِ وَلِلْمُحْدِثِ فَلِفَقْدِ الْأَمْرَيْنِ. وَأَمَّا الْإِقَامَةُ مُطْلَقًا فَلِفَقْدِ الْأَوَّلِ. وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَجَرَى فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ الْقَائِلِ بِصِحَّتِهِ فِي ذَاتِهِ. اهـ ح.

أَقُولُ: لَا يَصِحُّ عَدُّ الْإِسْلَامِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ صِحَّةَ تَيَمُّمِهِ لَهُ، لَكِنْ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ قَوْلًا لِأَحَدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَصِحُّ فِي ذَاتِهِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ عِنْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ. وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلَا يَصِحُّ أَصْلًا؛ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ وَغَيْرِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ صَلَاةِ جِنَازَةٍ) أَيْ فَإِنَّ تَيَمُّمَهَا تَجُوزُ بِهِ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ لَكِنْ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ، وَأَمَّا عِنْدَ وُجُودِهِ إذَا خَافَ فَوْتَهَا فَإِنَّمَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ عَلَى جِنَازَةٍ أُخْرَى إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَجُوزُ بِهِ غَيْرُهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ أَوْ سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ) أَيْ فَتَصِحُّ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، أَمَّا عِنْدَ وُجُودِهِ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لَهَا لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهَا تَفُوتُ إلَى بَدَلٍ ط (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ بِهِ أَنَّ التَّيَمُّمَ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ الثَّلَاثَ عَشَرَ الَّتِي لَا تُشْتَرَطُ لَهَا الطَّهَارَةُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ يَجُوزُ فِعْلُهُ.

وَوَجْهُ ظُهُورِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ لَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ لَهَا أَوْ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ. وَأَقُولُ: إنْ كَانَ مُرَادُهُ الْجَوَازَ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ فَهُوَ مُسَلَّمٌ وَإِلَّا فَلَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ الثَّانِي مُوَافِقًا لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الْبَحْرِ، وَلِقَوْلِهِ فَظَاهِرُ الْبَزَّازِيَّةِ جَوَازُهُ لِتِسْعٍ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ إلَخْ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَقْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ وَأَنَّ اسْتِدْلَالَ الْبَحْرِ بِمَا فِي الْمُبْتَغَى لَا يُفِيدُ، نَعَمْ مَا يَخَافُ فَوْتَهُ بِلَا بَدَلٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ نَظِيرَ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهُ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ حُكْمًا فَيَشْمَلُهُ النَّصُّ، بِخِلَافِ مَا لَا يَخَافُ فَوْتَهُ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِمَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ فَلَا يُشْرَعُ عِنْدَ وُجُودِهِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، وَلَعَلَّهُ لِهَذَا أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ فَافْهَمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>