للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى وَجْهٍ) مُفِيدٍ. (مَخْصُوصٍ) أَيْ بِإِيجَابٍ أَوْ تَعَاطٍ، فَخَرَجَ التَّبَرُّعُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، وَخَرَجَ بِمُفِيدٍ مَا لَا يُفِيدُ،

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمُكْرَهِ وَالْمَوْقُوفِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَخْرُجُ بَيْعُ الْمُكْرَهِ مَعَ أَنَّهُ مُنْعَقِدٌ، وَأَجَابَ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ بِأَنَّ مَنْ ذَكَرَهُ أَرَادَ تَعْرِيفَ الْبَيْعِ النَّافِذِ، وَمَنْ تَرَكَهُ أَرَادَ الْأَعَمَّ، وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ بَيْعَ الْمُكْرَهِ فَاسِدٌ مَوْقُوفٌ لَا مَوْقُوفٌ فَقَطْ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ شَارِحِ النُّقَايَةِ. قُلْتُ: لَكِنْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمَوْقُوفَ مِنْ قِسْمِ الصَّحِيحِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ بَيْعَ الْمُكْرَهِ كَذَلِكَ لَكِنْ صَرَّحُوا فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ عِنْدَ الْقَبْضِ لِلْفَسَادِ، فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ فَاسِدٌ وَإِنْ خَالَفَ بَقِيَّةَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ سَيَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ وَأَفَادَ فِي الْمَنَارِ وَشَرْحِهِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا لِعَدَمِ الرِّضَا الَّذِي هُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ، وَأَنَّهُ بِالْإِجَازَةِ يَصِحُّ وَيَزُولُ الْفَسَادُ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى الْإِجَازَةِ صِحَّتُهُ، فَصَحَّ كَوْنُهُ فَاسِدًا مَوْقُوفًا، وَظَهَرَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ مِنْهُ فَاسِدٌ كَبَيْعِ الْمُكْرَهِ، وَمِنْهُ صَحِيحٌ كَبَيْعِ عَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ مَحْجُورَيْنِ، وَأَمْثِلَتُهُ كَثِيرَةٌ سَتَأْتِي فِي بَابِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ مُطْلَقًا بَيْعٌ حَقِيقَةً، وَالْفَاسِدَ بَيْعٌ أَيْضًا وَإِنْ تَوَقَّفَ حُكْمُهُ، وَهُوَ الْمِلْكُ عَلَى الْقَبْضِ، فَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرَ التَّرَاضِي فِي التَّعْرِيفِ؛ وَلِذَا قَالَ: فِي الْفَتْحِ: إنَّ التَّرَاضِيَ لَيْسَ جُزْءَ مَفْهُومِ الْبَيْعِ الشَّرْعِيِّ، بَلْ شَرْطُ ثُبُوتِ حُكْمِهِ شَرْعًا. اهـ.

أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جُزْءَ مَفْهُومِهِ شَرْعًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْمُكْرَهِ بَاطِلًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ فَاسِدٌ كَمَا عَلِمْت. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ شَامِلٌ لِلْفَاسِدِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ حَقِيقَةً، وَإِنْ تَوَقَّفَ حُكْمُهُ عَلَى الْقَبْضِ، فَالتَّقْيِيدُ بِالتَّرَاضِي لِإِخْرَاجِ بَعْضِ الْفَاسِدِ، وَهُوَ بَيْعُ الْمُكْرَهِ غَيْرَ مَرْضِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ تَعْرِيفَ مُطْلَقِ الْبَيْعِ يَكُونُ غَيْرَ جَامِعٍ لِخُرُوجِ هَذَا مِنْهُ، وَإِنْ أُرِيدَ تَعْرِيفُ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فَلَيْسَ بِمَانِعٍ لِدُخُولِ أَكْثَرِ الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ فِيهِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْخَمْرَ مَالٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَشْفِ وَالتَّلْوِيحِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ مَعَ أَنَّ بَيْعَهُ بَاطِلٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِهِ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ، وَمَرَّ الْفَرْقُ. وَأَمَّا مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مَالٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَالِ الْمُتَقَوِّمَ تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلَامِهِمْ، وَحِينَئِذٍ فَيَرِدُ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفُ كَالْكَنْزِ فَافْهَمْ. وَيَرِدُ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفُ فَقَطْ الْإِجَارَةُ وَالنِّكَاحُ. قَالَ: ط: فَإِنَّ فِيهِمَا مُبَادَلَةَ مَالٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ بِمَرْغُوبٍ فِيهِ، وَلَا يَخْرُجَانِ بِقَوْلِهِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَالتَّعَاطِي. اهـ.

إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَرْغُوبِ فِيهِ الْمَالُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ أَوَّلًا، وَالْمَنْفَعَةُ غَيْرُ الْمَالِ كَمَا مَرَّ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ الْمُبَادَلَةَ هِيَ التَّمْلِيكُ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الدِّرَايَةِ: أَيْ التَّمْلِيكُ الْمُطْلَقُ وَالْمَنْفَعَةُ فِي الْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ مَمْلُوكَةٌ مِلْكًا مُقَيَّدًا فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ مُفِيدٍ) هَذَا التَّقْيِيدُ غَيْرُ مُفِيدٍ، إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ أَخْرَجَ مَا لَا يُفِيدُ كَبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ اتَّحَدَ وَزْنًا وَصِفَةً وَهُوَ فَاسِدٌ، وَقَدْ عَلِمْتَ شُمُولَ التَّعْرِيفِ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْفَاسِدِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي إخْرَاجِ نَوْعٍ مِنْهُ كَمَا قُلْنَاهُ فِي بَيْعِ الْمُكْرَهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ بَيْعُ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمِ بَاطِلًا فَهُوَ تَقْيِيدٌ مُفِيدٌ، لَكِنَّ بُطْلَانَهُ بَعِيدٌ لِوُجُودِ الْمُبَادَلَةِ بِالْمَالِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِإِيجَابٍ أَوْ تَعَاطٍ) بَيَانٌ لِلْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ، وَأَرَادَ الْإِيجَابَ مَا يَكُونُ بِالْقَوْلِ بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ فَيَشْمَلُ الْقَبُولَ، وَإِلَّا لَمْ يَخْرُجْ التَّبَرُّعُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى مَا قَالَهُ ط فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ التَّبَرُّعُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إلَخْ) قَالَ: الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ: وَلَمَّا كَانَ هَذَا يَشْمَلُ مُبَادَلَةَ رَجُلَيْنِ بِمَالِهِمَا بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ أَوْ الْهِبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>