الْعَقْدِ يَلْتَحِقُ بِالْعَقْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ بَاعَهُ لِآخَرَ بَاتًّا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ مُشْتَرِيهِ وَفَاءً وَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَوْ وَرَثَتِهِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ، وَأَفَادَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَنَّ وَرَثَةَ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي تَقُومُ مَقَامَ مُوَرِّثِهَا نَظَرًا لِجَانِبِ الرَّهْنِ فَلْيُحْفَظْ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ بَائِعُهُ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرٌ؛ لِأَنَّهُ رَهْنٌ حُكْمًا حَتَّى لَا يَحِلَّ الِانْتِفَاعُ بِهِ. قُلْت: وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الْجَلَبِيِّ: إنْ صَدَرَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَفَاءً وَلَوْ لِلْبِنَاءِ وَحْدَهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ -
ــ
[رد المحتار]
الزِّيَادَةِ فَلَفْظُ زِيَادَةٍ مَصْدَرٌ وَمَا بَعْدَهُ جُمْلَةٌ أُرِيدَ بِهَا لَفْظُهَا فِي مَحَلِّ نَصْبِ مَفْعُولِ الْمَصْدَرِ.
(قَوْلُهُ: يَلْتَحِقُ بِالْعَقْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) فَيَصِيرُ بَيْعُ الْوَفَاءِ كَأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْعَقْدِ فَيَأْتِي فِيهِ خِلَافٌ أَنَّهُ رَهْنٌ أَوْ بَيْعٌ فَاسِدٌ أَوْ بَيْعٌ صَحِيحٌ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ، وَقَدَّمْنَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ تَرْجِيحَ قَوْلِهِمَا بِعَدَمِ الْتِحَاقِ الشَّرْطِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْعَقْدِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ فَيُفْهَمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْمَجْلِسُ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اهـ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْبَائِعُ، وَقَوْلُهُ تَوَقَّفَ إلَخْ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ رَهْنٌ، وَهَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَقْوَالِ الْمَارَّةِ، مَحَلُّ تَرَدُّدٍ. (قَوْلُهُ: فَلِلْبَائِعِ أَوْ وَرَثَتِهِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ رَهْنٌ، وَكَذَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْقَائِلَيْنِ بِأَنَّهُ بَيْعٌ يُفِيدُ الِانْتِفَاعَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ إلَخْ) ذَكَرَهُ بَحْثًا وَقَوْلُهُ نَظَرًا لِجَانِبِ الرَّهْنِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ ابْنِ الشَّلَبِيِّ فَافْهَمْ، وَهَذَا الْبَحْثُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إنَّهُ رَهْنٌ حَقِيقَةً، بَاعَ كَرْمَهُ وَفَاءً مِنْ آخَرَ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْ آخَرَ بَاتًّا وَسَلَّمَهُ وَغَابَ فَلِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحَبْسِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ، لَكِنَّ يَدَ الثَّانِي مُبْطِلَةٌ فَلِلْمَالِكِ أَخْذُ مِلْكِهِ مِنْ الْمُبْطِلِ فَإِذَا حَضَرَ الْمُرْتَهِنُ أَعَادَ يَدَهُ فِيهِ حَتَّى يَأْخُذَ دَيْنَهُ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَلِوَرَثَةِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ الْأَخْذُ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَلِوَرَثَةِ الْمُرْتَهِنِ إعَادَةُ يَدِهِمْ إلَى قَبْضِ دَيْنِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ الْأَجْرُ إلَخْ) أَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ تَبَعًا لِلْخَيْرِيَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ: وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَا تَجِبُ فِيهَا الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الدَّارَ أَمْ قَبْلَهُ. مَطْلَبُ بَاعَ دَارِهِ وَفَاءً ثُمَّ اسْتَأْجَرَ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: سُئِلَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْحَسَنُ الْمَاتُرِيدِيُّ عَمَّنْ بَاعَ دَارِهِ مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بَيْعَ الْوَفَاءِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مَعَ شَرَائِطِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَقَبَضَهَا وَمَضَتْ الْمُدَّةُ هَلْ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ فَقَالَ لَا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَنَا رَهْنٌ وَالرَّاهِنُ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: فَإِنَّ أَجْرَ الْمَبِيعِ وَفَاءٌ مِنْ الْبَائِعِ، فَمَنْ جَعَلَهُ فَاسِدًا قَالَ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَمَنْ جَعَلَهُ رَهْنًا كَذَلِكَ، وَمَنْ أَجَازَهُ جَوَّزَ الْإِجَارَةَ مِنْ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ وَأَوْجَبَ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ آجَرَهُ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. أَجَابَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا لَوْ آجَرَ عَبْدًا اشْتَرَاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ، وَهَذَا فِي الْبَاتِّ فَمَا ظَنُّك بِالْجَائِزِ اهـ، فَعُلِمَ بِهِ أَنَّ الْإِجَارَةَ قَبْلَ التَّقَابُضِ لَا تَصِحُّ عَلَى قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ اهـ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ. وَفِيهَا أَيْضًا: وَأَمَّا إذَا آجَرَهُ الْمُشْتَرِي وَفَاءً بِإِذْنِ الْبَائِعِ فَهُوَ كَإِذْنِ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ بِذَلِكَ، وَحُكْمُهُ أَنَّ الْأُجْرَةَ لِلرَّاهِنِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَتَصَدَّقُ بِهَا أَوْ يَرُدُّهَا عَلَى الرَّاهِنِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَوْلَى صَرَّحَ بِهِ عُلَمَاؤُنَا اهـ. قُلْت: وَإِذَا آجَرَهُ بِإِذْنِهِ يَبْطُلُ الرَّهْنُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْفُصُولَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِلْبِنَاءِ وَحْدَهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ وَفَاءً لِلْبِنَاءِ وَحْدَهُ كَالْقَائِمِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ صَحِيحَةٌ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ كَمَا عَلِمْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute