للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِقْرَارُهُمَا) نَظَرًا لَهُمَا.

(وَصَحَّ طَلَاقُ عَبْدٍ وَإِقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ) لَا سَيِّدِهِ (فَلَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ أُخِّرَ إلَى عِتْقِهِ) لَوْ لِغَيْرِ مَوْلَاهُ وَلَوْ لَهُ هَدَرٌ (وَبِحَدٍّ وَقَوَدٍ أُقِيمَ فِي الْحَالِ) لِبَقَائِهِ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فِي حَقِّهِمَا.

(وَمَنْ عَقَدَ) عَقْدًا يَدُورُ بَيْنَ نَفْعٍ وَضَرٍّ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَأْذُونِ (مِنْهُمْ) .

ــ

[رد المحتار]

ابْنِ الْكَمَالِ فَإِنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْمَغْلُوبِ مَنْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ: أَيْ الَّذِي لَا يَعْقِلُ أَصْلًا فَيُرَادُ بِاَلَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ نَاقِصُ الْعَقْلِ وَهُوَ الْمَعْتُوهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ وَغَيْرُهُ حَيْثُ قَالَ: وَالْمَجْنُونُ الَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ، وَهُوَ الْمَعْتُوهُ الَّذِي يَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ قَدْ يَعْقِلُ الْبَيْعَ، وَيَقْصِدُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُرَجِّحُ الْمَصْلَحَةَ عَلَى الْمَفْسَدَةِ اهـ. وَمَعْنَى إفَاقَتِهِ عَلَى هَذَا أَنَّهُ يَعْقِلُ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ دُونَ بَعْضٍ، وَالْمَعْتُوهُ فِي تَصَرُّفَاتِهِ كَمُمَيِّزٍ كَمَا مَرَّ فَلِهَذَا جَعَلَهُ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ مِثْلَهُ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَنْ لَا يُفِيقُ مِنْ جُنُونِهِ الْكَامِلِ أَوْ النَّاقِصِ، فَيُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّنْ يُفِيقُ أَحْيَانًا أَيْ يَزُولُ عَنْهُ مَا بِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهَذَا كَالْعَاقِلِ الْبَالِغِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَهُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ، وَمَنْشَأُ الِاشْتِبَاهِ عَدَمُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْقِيقَ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: فَحُكْمُهُ كَعَاقِلٍ أَيْ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ لِيَظْهَرَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمَغْلُوبِ فَائِدَةٌ فَإِنَّهُ حَيْثُ كَانَ غَيْرُ الْمَغْلُوبِ كَمُمَيِّزٍ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَا إعْتَاقُهُ كَالْمَغْلُوبِ، وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ النِّهَايَةِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِعِبَارَةِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ لَمْ يُخَصِّصْ فِيهَا بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ بِالذِّكْرِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُحْتَرَزَ بِالْمَغْلُوبِ فِي عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْمَعْتُوهِ وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عَنْ الَّذِي زَالَ مَا بِهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُهُمَا) أَيْ الْمَغْلُوبِ وَالصَّبِيِّ، وَالْمُرَادُ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ، فَلَوْ مَأْذُونًا يَصِحُّ إقْرَارُهُ كَالْمَعْتُوهِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ كَمَا يَأْتِي آخِرَ كِتَابِ الْمَأْذُونِ. (قَوْلُهُ: نَظَرًا لَهُمَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا يَصِحُّ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ طَلَاقُ عَبْدٍ) لِأَنَّهُ أَهْلٌ وَيَعْرِفُ وَجْهَ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ، وَلَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ مِلْكِ الْمَوْلَى، وَلَا تَفْوِيتُ مَنَافِعِهِ دُرَرٌ. (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ) قِيلَ: الْوَاجِبُ إسْقَاطُهُ لِيَكُونَ التَّفْصِيلُ الْآتِي بَيَانًا لِإِجْمَالِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ اهـ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لَا سَيِّدِهِ) أَيْ لَا فِي حَقِّ سَيِّدِهِ رِعَايَةٌ لِجَانِبِهِ لِأَنَّ نَفَاذَهُ لَا يُعَرَّى عَنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِرَقَبَتِهِ أَوْ كَسْبِهِ، وَكِلَاهُمَا إتْلَافُ مَالِهِ دُرَرٌ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَقَرَّ) أَيْ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ إقْرَارِ الْحُرِّ الصَّغِيرِ عَدَمُ صِحَّةِ إقْرَارِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ بِالْأَوْلَى. (وَقَوْلُهُ: أُخِّرَ إلَى عِتْقِهِ) لِوُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ حِينَئِذٍ وَارْتِفَاعِ الْمَانِعِ. (قَوْلُهُ: هَدَرٌ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بَعْدَ عِتْقِهِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ مَالًا دُرَرٌ. (قَوْلُهُ: وَبِحَدٍّ وَقَوَدٍ) أَيْ بِمَا يُوجِبُهُمَا، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " وَلِهَذَا أَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ " أُقِيمَ ". (قَوْلُهُ: أُقِيمَ فِي الْحَالِ) وَحَضْرَةُ الْمَوْلَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، وَهَذَا إذَا أَقَرَّ وَأَمَّا إذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَحَضْرَةُ الْمَوْلَى شَرْطٌ عِنْدَنَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَيْسَتْ بِشَرْطٍ جَوْهَرَةٌ، وَفِيهَا قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا وَوَجَبَ الْقِصَاصُ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ لِلْقَتِيلِ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا بَطَلَ حَقُّهُ وَانْقَلَبَ نَصِيبُ الْآخَرِ مَالًا وَلَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى شَيْءٌ لِأَنَّهُ انْقَلَبَ مَالًا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ، وَيَجِبُ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِأَنَّ أَصْلَ الْجِنَايَةِ كَانَ فِي حَالِ الرِّقِّ. وَلَوْ أَقَرَّ بِقَتْلِ خَطَأٍ لَمْ يَلْزَمْ الْمَوْلَى شَيْءٌ وَكَانَ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ كَذَا فِي الْخُجَنْدِيِّ. وَفِي الْكَرْخِيِّ إقْرَارُهُ بِجِنَايَةِ الْخَطَأِ - وَهُوَ مَأْذُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ - بَاطِلٌ فَإِنْ أُعْتِقَ لَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ مِنْ الْجِنَايَةِ اهـ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: فِي حَقِّهِمَا) أَيْ الْحَدِّ وَالْقَوَدِ لِأَنَّهُمَا مِنْ خَوَاصِّ الْآدَمِيَّةِ وَهُوَ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ آدَمِيٌّ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِهِمَا، وَإِذَا بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا هُوَ حَقُّهُ، وَبُطْلَانُ حَقِّ الْمَوْلَى ضِمْنِيٌّ كِفَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: يَدُورُ بَيْنَ نَفْعٍ وَضَرٍّ) أَمَّا النَّفْعُ الْمَحْضُ فَيَصِحُّ كَقَبُولِهِ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَكَذَا إذَا آجَرَ نَفْسَهُ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ اسْتِحْسَانًا وَيَصِحُّ قَبُولُ بَدَلِ الْخُلْعِ مِنْ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ، وَتَصِحُّ عِبَارَةُ الصَّبِيِّ فِي مَالِ غَيْرِهِ وَطَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ إذَا كَانَ وَكِيلًا جَوْهَرَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>