كَقَرَظٍ وَعَفَصٍ (الْجِلْدَ أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَرَدَّ مَا زَادَ الدِّبْغُ) وَلِلْغَاصِبِ حَبْسُهُ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ (وَلَوْ أَتْلَفَهُ لَا يَضْمَنُ) كَمَا لَوْ تَلِفَ وَلَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِ الْمَيْتَةِ وَلَوْ لِذِمِّيٍّ وَلَا بِإِتْلَافِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا وَلَوْ لِمَنْ يُبِيحُهُ مُلْتَقًى؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمُحَاجَّةِ ثَابِتَةٌ
(وَضَمِنَ بِكَسْرِ مِعْزَفٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ آلَةُ اللَّهْوِ وَلَوْ لِكَافِرٍ ابْنُ كَمَالٍ (قِيمَتُهُ) خَشَبًا مَنْحُوتًا
ــ
[رد المحتار]
قَدْرَ وَزْنِ الْمِلْحِ مِنْ الْخَلِّ، فَلَوْ أَتْلَفَهَا الْغَاصِبُ لَا يَضْمَنُ خِلَافًا لَهُمَا مُلْتَقًى (قَوْلُهُ كَقَرَظٍ) بِفَتْحَتَيْنِ وَبِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَرَقُ السَّلَمِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَمَا فِي الْمِنَحِ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ كَقَرْضٍ بِالضَّادِ تَصْحِيفٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ الْجِلْدَ) مَفْعُولُ دَبَغَ (قَوْلُهُ أَخَذَهُ الْمَالِكُ) وَقَوْلُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ: وَإِذَا دَبَغَ بِذِي قِيمَةٍ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ سَهْوٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ الْأَوَّلِ كَمَا بَسَطَهُ الْبَاقَانِيُّ دُرٌّ مُنْتَقًى. قِيلَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخَلِّ وَالْجِلْدِ فِي أَنَّ الْمَالِكَ يَأْخُذُ الْجِلْدَ لَا الْخَلَّ أَنَّ الْجَلْدَ بَاقٍ لَكِنْ أَزَالَ عَنْهُ النَّجَاسَاتِ وَالْخَمْرُ غَيْرُ بَاقِيَةٍ، بَلْ صَارَتْ حَقِيقَةً أُخْرَى وَلِابْنِ الْكَمَالِ فِيهِ كَلَامٌ (قَوْلُهُ وَرَدَّ مَا زَادَ الدَّبْغُ) بِأَنْ يُقَوَّمَ مَدْبُوغًا وَذَكِيًّا غَيْرَ مَدْبُوغٍ وَيَرُدَّ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا مُلْتَقًى قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْجِلْدَ لِلْغَاصِبِ وَيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَدْبُوغٍ لِعَدَمِ تَقَوُّمِهِ قَبْلَ الدَّبْغِ (قَوْلُهُ وَلِلْغَاصِبِ حَبْسُهُ إلَخْ) فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ سَقَطَ عَنْ الْمَالِكِ قِيمَةُ الزِّيَادَةِ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَتْلَفَهُ لَا يَضْمَنُ) أَيْ لَوْ أَتْلَفَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ طَاهِرًا؛ لِأَنَّ تَقَوُّمَ الْجِلْدِ حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَحَقُّهُ قَائِمٌ فِيهِ، وَالْجِلْدُ تَبَعٌ لِفِعْلِهِ فِي حَقِّ التَّقَوُّمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَقَوِّمًا قَبْلَ الدِّبَاغَةِ. وَالْأَصْلُ وَهُوَ الصَّنْعَةُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ بِالْإِتْلَافِ، فَكَذَا تَبِعَهُ بِخِلَافِ الْمَدْبُوغِ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ فِيهِ شَيْءٌ مُتَقَوِّمٌ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ غَيْرُ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَكَذَا التَّبَعُ ابْنُ مَلَكٍ.
وَفِي النِّهَايَةِ: لَوْ جَعَلَهُ الْغَاصِبُ بَعْدَ دِبَاغَتِهِ فَرْوًا فَإِنَّ جَلَدَ ذَكَّى فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ اتِّفَاقًا وَإِنْ جَلَدَ مَيْتَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَدَّلَ اسْمُهُ وَمَعْنَاهُ بِفِعْلِهِ وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ إلَخْ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ لَكِنْ أَعَادَهُ لِيَرْبِطَهُ بِمَا بَعْدَهُ إظْهَارًا لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّا لَمَّا أَمَرْنَا بِتَرْكِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى مَا اعْتَقَدُوهُ مِنْ الْبَاطِلِ وَجَبَ عَلَيْنَا تَرْكُ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ عَلَى مَا اعْتَقَدُوهُ مَعَ احْتِمَالِ الصِّحَّةِ فِيهِ بِالْأَوْلَى، وَالْفَرْقُ أَنَّ وِلَايَةَ الْمُحَاجَّةِ ثَابِتَةٌ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى الْحُرْمَةِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ اعْتِقَادُ الضَّمَانِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُبِحْهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لِمُبِيحِهِ كَشَافِعِيٍّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمُحَاجَّةِ ثَابِتَةٌ) أَيْ بِنَصِّ {وَلا تَأْكُلُوا} [البقرة: ١٨٨]- قَالَ فِي الْعِنَايَةِ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ الدَّالَّ عَلَى تَرْكِ الْمُحَاجَّةِ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ دَالٌّ عَلَى تَرْكِهَا مَعَ الْمُجْتَهِدِينَ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى عَلَى مَا قَرَرْتُمْ وَالْجَوَابُ: أَنَّ الدَّلِيلَ هُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اُتْرُكُوهُمْ وَمَا يَدِينُونَ» وَكَانَ ذَلِكَ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِينَ اهـ.
وَفِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ: وَالْأَوْلَى أَنَّ اسْتِحْلَالَ مَتْرُوكِ التَّمْسِيَةِ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْكِتَابِ وَالْخَصْمُ مُؤْمِنٌ بِهِ فَيُثْبِتُ وِلَايَةَ الْمُحَاجَّةِ
(قَوْلُهُ آلَةُ اللَّهْوِ) كَبَرْبَطٍ وَمِزْمَارٍ وَدُفٍّ وَطَبْلٍ وَطُنْبُورٍ مِنَحٌ وَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْكَمَالِ أَنَّ الْعَزْفَ بِلَا مِيمٍ هُوَ آلَةُ اللَّهْوِ وَأَمَّا الْمِعْزَفُ بِالْمِيمِ فَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الطَّنَابِيرِ يَتَّخِذُهُ أَهْلُ الْيَمَنِ وَكَتَبَ عَلَى الْهَامِشِ أَنَّ صَدْرَ الشَّرِيعَةِ أَخْطَأَ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمِعْزَفِ وَالْعَزْفِ، وَهُوَ كَفَلْسٍ جَمْعُهُ مَعَازِفُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَعَزَفَ كَضَرَبَ سَائِحَانِيٌّ وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِكَافِرٍ) الْأَوْلَى: وَلَوْ لِمُسْلِمٍ لِيُفِيدَ الْكَافِرَ بِالْأَوْلَى لَمَّا قِيلَ إنَّهُ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا يَأْتِي، وَلِأَنَّ خَمْرَ الْمُسْلِمِ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِخِلَافِ خَمْرِ الْكَافِرِ كَمَا مَرَّ، فَإِذَا ضَمِنَ مِعْزَفَ الْمُسْلِمِ مَعَ عَدَمِ ضَمَانِ خَمْرِهِ عَلِمَ ضَمَانَ مِعْزَفِ الْكَافِرِ بِالْأَوْلَى فَتَدَبَّرْ. وَعِبَارَةُ ابْنِ الْكَمَالِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ لِمُسْلِمٍ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِهِ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute