للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ كَانَ زَوْجَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنْ قَبْلَهُ فَالْمُخْتَارُ وُجُوبُهُ زَيْلَعِيٌّ. قُلْت: وَفِي الْجَلَّالِيَّةِ شَرَى مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ وَقَبَضَهَا ثُمَّ مَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا لِعَدَمِ حِلِّ وَطْئِهَا لِلْبَائِعِ وَقْتَ وُجُودِ السَّبَبِ.

(وَلَا بَأْسَ بِحِيلَةِ إسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَقْرَبْهَا فِي طُهْرِهَا ذَلِكَ وَإِلَّا لَا) يَفْعَلُهَا بِهِ يُفْتَى (وَهِيَ إذَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) أَوْ أَرْبَعُ إمَاءٍ (أَنْ يَنْكِحَهَا) وَيَقْبِضَهَا (ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا) فَتَحِلُّ لَهُ لِلْحَالِ لِأَنَّهُ بِالنِّكَاحِ لَا يَجِبُ

ــ

[رد المحتار]

لَهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَوَطْءِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ كَمَا مَرَّ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ شُبْهَةُ الْخِلَافِ، فَإِنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرَةِ يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَفِي بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ فَلَمَّا جَازَ الْبَيْعُ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ لَمْ يَكُنْ وَطْءُ الْمُشْتَرِي زِنًا فَلِذَا وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْبَائِعِ إذَا اسْتَرَدَّهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ زَوْجَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَلَكَهَا فَاسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ قَبْلَهُ) وَإِنْ كَانَ زَوْجَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَالْمُخْتَارُ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْمَالِكِ بَقِيَ مَا لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ التَّزَوُّجِ هَلْ يُجْتَزَأُ بِهَا الظَّاهِرُ، نَعَمْ كَمَا لَوْ شَرَاهَا فَكَاتَبَهَا فَحَاضَتْ فَعَجَزَتْ كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِلْبَائِعِ) صَوَابُهُ لِلْمُشْتَرِي لِوُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْمُشْتَرَاةِ مِنْ مَحْرَمِهَا أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ: اشْتَرَى أَمَةً وَقَبَضَهَا وَعَلَيْهَا عِدَّةُ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ بَعْدَ الْعِدَّةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ حَالَةَ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ مِلْكَ الْوَطْءِ اهـ فَقَوْلُهُ: لَا يَسْتَفِيدُ أَيْ الْمُشْتَرِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا وَلَوْ مَضَتْ عِدَّتُهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ بِلَحْظَةٍ، وَيُشْكِلُ بِالْمَجُوسِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا عِنْدَ الْبَيْعِ أَوْ الْقَبْضِ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ بِشِرَاءِ الْمَجُوسِيَّةِ اسْتَفَادَ مِلْكَ الْوَطْءِ، لَكِنَّهُ حَرُمَ لِمَانِعٍ كَالْحَائِضِ وَالْمُحْرِمَةِ بِخِلَافِ مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَفِدْهُ أَصْلًا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِمَّا مَرَّ، وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ زَوْجِهَا لَا مِنْ الْمُشْتَرِي تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْتِزَامِ حُكْمِهَا خَوْفًا مِنْ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْ الْوَفَاءِ بِهِ لَوْ لَزِمَهُ، وَكَرِهَهُ مُحَمَّدٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ فِرَارٌ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَأْخُوذُ بِهِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إنْ عَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَقْرَبْهَا وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ إذَا قَرِبَهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَحِلُّ لِرَجُلَيْنِ يُؤْمِنَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ» فَإِذَا لَمْ يَقْرَبْهَا الْبَائِعُ فِي هَذَا الطُّهْرِ لَمْ يَتَحَقَّقْ هَذَا النَّهْيُ. قَالَ أَبُو السُّعُودِ: فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا فَالظَّاهِرُ الْإِفْتَاءُ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ لِتَوَهُّمِ الشَّغْلِ وَرَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْعَلَّامَةِ نُوحٍ أَفَنْدِي مَا يُفِيدُهُ اهـ (قَوْلُهُ فِي طُهْرِهَا ذَلِكَ) فَلَوْ وَطِئَ فِي الْحَيْضِ لَمْ تُكْرَهْ الْحِيلَةُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَرْبَعُ إمَاءٍ) أَيْ بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الْكَمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ مَنْ يَمْنَعُ نِكَاحَهَا لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ أَنْ يَنْكِحَهَا) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْكَافِ، أَوْ فَتْحِهَا مُضَارِعُ نَكَحَ الْمُجَرَّدِ: أَيْ يَتَزَوَّجَهَا بِخِلَافِ يَنْكِحَهَا الْآتِي فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْكَافِ مِنْ الْمَزِيدِ (قَوْلُهُ وَيَقْبِضَهَا) اشْتِرَاطُ الْقَبْضِ قَبْلَ الشِّرَاءِ قَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ وَبِهِ اسْتَدْرَكَ الزَّيْلَعِيُّ عَلَى صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَقَالَ ابْنُ الْكَمَالِ: ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ كَيْ لَا يُوجَدَ الْقَبْضُ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ بَعْدَ فَسَادِ النِّكَاحِ اهـ وَمَا فِي الْهِدَايَةِ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُلْتَقَى وَالْمَوَاهِبِ وَالْوِقَايَةِ.

قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَبِمَا ذَكَرْنَا أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ بِالنِّكَاحِ ثَبَتَ لَهُ الْفِرَاشُ الدَّالُّ شَرْعًا عَلَى فَرَاغِ الرَّحِمِ وَلَمْ يَحْدُثْ بِالْبَيْعِ إلَّا مِلْكُ الرَّقَبَةِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ الَّذِي هُوَ الْإِمَامُ فَلَا عَلَيْهِ بِتَرْكِ قَوْلِ الْحَلْوَانِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>