ثُمَّ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لَا يَجِبُ أَيْضًا وَنَقَلَ فِي الدُّرَرِ عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ اشْتِرَاطُ وَطْئِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَذَكَرَ وَجْهَهُ (وَإِنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) فَالْحِيلَةُ (أَنْ يُنْكِحَهَا الْبَائِعُ) أَيْ يُزَوِّجَهَا مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ كَمَا سَيَجِيءُ (قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ) أَنْ يَنْكِحَهَا (الْمُشْتَرِي قَبْلَ قِبْضِهِ) لَهَا فَلَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَسْقُطْ (مِنْ مَوْثُوقٍ بِهِ) لَيْسَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ (أَوْ يُزَوِّجُهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا) أَوْ بِيَدِهِ يُطَلِّقُهَا مَتَى شَاءَ إنْ خَافَ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا (ثُمَّ يَشْتَرِيَ) الْأَمَةَ (وَيَقْبِضَ أَوْ يَقْبِضْ فَيُطَلِّقْ الزَّوْجُ) قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَيَسْقُطَ الِاسْتِبْرَاءُ وَقِيلَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَنَّ زُبَيْدَةَ حَلَّفَتْ الرَّشِيدَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ عَلَيْهَا جَارِيَةً وَلَا يَسْتَوْهِبَهَا فَقَالَ يَشْتَرِي نِصْفَهَا وَيُوهَبُ لَهُ نِصْفَهَا مُلْتَقَطٌ (أَوْ يُكَاتِبُهَا) الْمُشْتَرِي (بَعْدَ الشِّرَاءِ) وَالْقَبْضِ
ــ
[رد المحتار]
مَلَامٌ اهـ (قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لَا يَجِبُ أَيْضًا) أَيْ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ لِمَا مَرَّ، وَيَبْطُلُ النِّكَاحُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ جَمِيعُ الْمَهْرِ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ فِي الدُّرَرِ) حَيْثُ قَالَ وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ: رَأَيْت فِي كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي وَطْؤُهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ تَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَمْلِكُهَا، وَهِيَ فِي عِدَّتِهِ أَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا فَكَمَا اشْتَرَاهَا بَطَلَ النِّكَاحُ، وَلَا نِكَاحَ حَالَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ لِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ، وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ حِلِّ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَقَالَ: هَذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ وَهَذَا دَقِيقٌ حَسَنٌ إلَى هُنَا لَفْظُ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى اهـ كَلَامُ الدُّرَرِ، وَفِيهِ أَنَّ الْمَنَاطَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ وَالْيَدِ وَلَمْ يُوجَدْ الثَّانِي هُنَا تَأَمَّلْ اهـ ح أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ بِالْبَيْعِ إلَّا مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَحِلُّ الْوَطْءِ الثَّابِتِ قَبْلَهُ دَلَّ عَلَى فَرَاغِ الرَّحِمِ شَرْعًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ.
وَلِذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ ظَهِيرِ الدِّينِ لَكِنْ عِنْدِي فِيهِ شُبْهَةٌ اهـ قَالَ ط نَقْلًا عَنْ الْحَمَوِيِّ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ: تَلَخَّصَ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ: قَوْلٌ بِاشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الْقَبْضِ وَالدُّخُولِ، وَقَوْلٌ بِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فَقَطْ وَقَوْلٌ بِالْإِطْلَاقِ وَالِاكْتِفَاءِ بِالْعَقْدِ وَهَذَا أَوْسَعُ وَالثَّانِي أَعْدَلُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ) أَيْ يَثِقُ بِهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا مَتَى أَرَادَ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ بَعْدَ سَطْرٍ وَهُوَ مُسْتَغْنًى بِهِ عَمَّا ذَكَرَهُ هُنَا (قَوْلُهُ فَلَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَسْقُطْ) أَيْ عَلَى الْمُخْتَارِ كَمَا قَدَّمَهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ، لِأَنَّهَا عِنْدَ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ كَانَتْ حَلَالًا لَهُ فَوَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ لِوُجُودِ سَبَبِهِ (قَوْلُهُ أَوْ يُزَوِّجُهَا) أَيْ الْبَائِعُ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ اهـ ح (قَوْلُهُ ثُمَّ يَشْتَرِي وَيَقْبِضُ) رَاجِعٌ لِمَا إذَا زَوَّجَهَا الْبَائِعُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَقْبِضُ رَاجِعٌ لِمَا إذَا زَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى يَشْتَرِي اهـ ح (قَوْلُهُ فَيُطَلِّقُ الزَّوْجُ إلَخْ) وَيَلْزَمُهُ لِمَوْلَى الْجَارِيَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَهُ أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ ذَلِكَ إتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي) أَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ فَعَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ كَمَا فِي الْأَصْلِ، وَفِي كِتَابِ الْحِيَلِ لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الشِّرَاءِ فَإِنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِحَقِّ الْغَيْرِ وَعَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ اُعْتُبِرَ وَقْتُ الْقَبْضِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ فَيَسْقُطُ الِاسْتِبْرَاءُ) لِأَنَّ عِنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ، وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ الْمُؤَكَّدِ بِالْقَبْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ فَرْجُهَا حَلَالًا لَهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنْ حَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوَانُ وُجُودِ السَّبَبِ كَمَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ هِدَايَةٌ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْمَقْدِسِيَّ بِالْمَجُوسِيَّةِ. أَقُولُ: الْمُرَادُ بِالْحِلِّ اسْتِفَادَةُ مِلْكِ الْوَطْءِ بِالشِّرَاءِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا مِنْ رُمُوزِ الشَّارِحِ الْخَفِيَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي حِيَلِ الِاسْتِبْرَاءِ، لَكِنْ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا لَهُ مَدْخَلٌ وَهُوَ مُقَابِلُ هَذَا الْقَوْلِ.
وَمَا حَكَاهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ الرَّشِيدَ أَحْضَرَ أَبَا يُوسُفَ لَيْلًا وَعِنْدَهُ عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ فَقَالَ: طَلَبْت مِنْ هَذَا جَارِيَتَهُ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَهَا وَلَا يَهَبَهَا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: بِعْهُ النِّصْفَ وَهَبْهُ النِّصْفَ فَفَعَلَ فَأَرَادَ الرَّشِيدُ سُقُوطَ الِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ: أَعْتِقْهَا وَأُزَوِّجُكهَا فَفَعَلَ، وَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ دَسْتُ ثِيَابٍ (قَوْلُهُ يَشْتَرِي نِصْفَهَا إلَخْ) فَصَدَقَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ جَارِيَةً أَيْ كَامِلَةً وَلَمْ تُوهَبَ لَهُ كَذَلِكَ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ فِي يَسْتَوْهِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute