للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَرْضهَا) بِلَا كَرَاهَةٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَبِهِ يُفْتَى عَيْنِيٌّ وَقَدْ مَرَّ فِي الشُّفْعَةِ وَفِي الْبُرْهَانِ فِي بَابِ الْعَشْرِ وَلَا يُكْرَهُ بَيْعُ أَرْضِهَا كَبِنَائِهَا وَبِهِ يُعْمَلُ وَفِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ بِنَائِهَا وَإِجَارَتِهَا لَكِنْ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ يُكْرَهُ إجَارَتُهَا وَفِي آخِرِ الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة وَإِجَارَةِ الْوَهْبَانِيَّةِ قَالَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَكْرَهُ إجَارَةَ بُيُوتِ مَكَّةَ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ وَكَانَ يُفْتِي لَهُمْ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَيْهِمْ فِي دُورِهِمْ - {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: ٢٥]- وَرَخَّصَ فِيهَا فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْمَوْسِمِ اهـ فَلْيُحْفَظْ. قُلْت: وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ وَالتَّوْفِيقُ وَهَكَذَا كَانَ يُنَادِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيَّامَ الْمَوْسِمِ وَيَقُولُ يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَتَّخِذُوا لِبُيُوتِكُمْ أَبْوَابًا لِيَنْزِلْ الْبَادِي حَيْثُ شَاءَ ثُمَّ يَتْلُو الْآيَةَ فَلْيُحْفَظْ.

(وَ) جَازَ (قَيْدُ الْعَبْدِ) تَحَرُّزًا عَنْ التَّمَرُّدِ وَالْإِبَاقِ وَهُوَ سُنَّةُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْفُسَّاقِ (وَقَبُولُ هَدِيَّتِهِ تَاجِرًا وَإِجَابَةُ دَعْوَتِهِ وَاسْتِعَارَةُ دَابَّتِهِ) اسْتِحْسَانًا (وَكُرِهَ كِسْوَتُهُ) أَيْ قَبُولُ هَدِيَّةِ الْعَبْدِ (ثَوْبًا وَإِهْدَاؤُهُ النَّقْدَيْنِ) لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ.

(وَاسْتِخْدَامُ الْخَصِيِّ) ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَقِيلَ بَلْ دُخُولُهُ عَلَى الْحُرُمِ.

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَأَرْضِهَا) جَزَمَ بِهِ فِي الْكَنْزِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ، لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِأَهْلِهَا لِظُهُورِ آثَارِ الْمِلْكِ فِيهَا وَهُوَ الِاخْتِصَاصُ بِهَا شَرْعًا وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَقَدْ مَرَّ فِي الشُّفْعَةِ) وَمَرَّ أَيْضًا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي دُورِ مَكَّةَ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى مِلْكِيَّةِ أَرْضِهَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِجَارَتُهَا (قَوْلُهُ قَالَا) أَيْ صَاحِبَا الْكِتَابَيْنِ (قَوْلُهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَخْ) أَقُولُ: فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَوْلُهُمَا أَيْضًا حِينَ نَقَلَ عَنْ تَقْرِيبِ الْإِمَامِ الْكَرْخِيِّ مَا نَصُّهُ، وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَرِهَ إجَارَةَ بُيُوتِ مَكَّةَ فِي الْمَوْسِمِ، وَرَخَّصَ فِي غَيْرِهِ وَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ هِشَامٌ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَانَ يُكْرَهُ كِرَاءُ بُيُوتِ مَكَّةَ فِي الْمَوْسِمِ وَيَقُولُ لَهُمْ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَيْهِمْ فِي دُورِهِمْ إذَا كَانَ فِيهَا فَضْلٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ اهـ فَأَفَادَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْإِجَارَةِ وِفَاقِيَّةٌ وَكَذَا قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى صَرَّحُوا بِكَرَاهَتِهَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ اهـ (قَوْلُهُ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ) أَيْ بِحَمْلِ الْكَرَاهَةِ عَلَى أَيَّامِ الْمَوْسِمِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ جَوَازِ الْبَيْعِ دُونَ الْإِجَارَةِ، وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ، حَيْثُ نَقَلَ كَرَاهَةَ إجَارَةِ أَرْضِهَا عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَالْكَافِي وَالْهِدَايَةِ ثُمَّ قَالَ: فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ جَوَازِ الْبَيْعِ، وَبَيْنَ عَدَمِ جَوَازِ الْإِجَارَةِ اهـ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ كَرَاهَةَ الْإِجَارَةِ لِحَاجَةِ أَهْلِ الْمَوْسِمِ (قَوْلُهُ وَالتَّوْفِيقُ) بَيْنَ مَا فِي النَّوَازِلِ وَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ بِحَمْلِ الْكَرَاهَةِ عَلَى أَيَّامِ الْمَوْسِمِ وَعَدَمِهَا عَلَى غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ كَمَا كَانَ الْإِمَامُ يُفْتِي ط.

(قَوْلُهُ وَاسْتِعَارَةُ دَابَّتِهِ) فَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ لَوْ عَطِبَتْ تَحْتَهُ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) لِأَنَّ «النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَبِلَ هَدِيَّةَ سَلْمَانَ حِينَ كَانَ عَبْدًا وَقَبِلَ هَدِيَّةَ بَرِيرَةَ وَكَانَتْ مُكَاتَبَةً، وَأَجَابَ رَهْطٌ مِنْ الصَّحَابَةِ دَعْوَةَ مَوْلَى أَبِي أَسِيد وَكَانَ عَبْدًا» ، وَلِأَنَّ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ضَرُورَةً وَلَا يَجِدُ التَّاجِرُ بُدًّا مِنْهَا هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ قَبُولُ هَدِيَّةِ الْعَبْدِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ كِسْوَتَهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ

(قَوْلُهُ وَاسْتِخْدَامُ الْخَصِيِّ) لِأَنَّ فِيهِ تَحْرِيضَ النَّاسِ عَلَى الْخِصَاءِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ الطَّحَاوِيِّ وَيُكْرَهُ كَسْبُ الْخُصْيَانِ وَمِلْكُهُمْ وَاسْتِخْدَامُهُمْ اهـ قَالَ الْحَمَوِيُّ: لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ كَرَاهَةِ كَسْبِهِ.

أَقُولُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ كَرَاهَةُ كَسْبِهِ عَلَى مَوْلَاهُ بِأَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهِ ضَرِيبَةً أَوْ مُطْلَقًا لِأَنَّ كَسْبَهُ عَادَةً فِي اسْتِخْدَامِهِ وَدُخُولِهِ عَلَى الْحُرُمِ تَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْت الثَّانِيَ فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ وَنَصُّهُ لِأَنَّ كَسْبَهُ يَحْصُلُ بِالْمُخَالَطَةِ مَعَ النِّسْوَانِ اهـ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بَلْ دُخُولُهُ) الْأَوْلَى بَلْ فِي دُخُولِهِ وَعَلَى الْقِيلِ اقْتَصَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ وَالْحَدِيثُ وَالْعِلَّةُ يُفِيدَانِ الْإِطْلَاقَ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ ط وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُتُونِ (قَوْلُهُ عَلَى الْحُرَمِ) جَمْعُ حُرْمَةٍ بِمَعْنَى الْمَرْأَةِ مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ حَمَوِيٌّ، فَيَكُونُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى الْحَرِيمِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>