وَلِلزَّوْجَةِ التَّسْمِينُ لَا فَوْقَ شِبْعِهَا ... وَمِنْ ذِكْرِهَا التَّعْوِيذَ لِلْحُبِّ تُحْظَرُ
وَيُكْرَهُ أَنْ تُسْقَى لِإِسْقَاطِ حَمْلِهَا ... وَجَازَ لِعُذْرٍ حَيْثُ لَا يُتَصَوَّرُ
وَإِنْ أَسْقَطَتْ مَيْتًا فَفِي السِّقْطِ غُرَّةٌ ... لِوَالِدِهِ مِنْ عَاقِلِ الْأُمِّ تُحْضَرُ
وَفِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكْرَهُ كَحْلُهُمْ ... وَلَا بَأْسَ بِالْمُعْتَادِ خَلْطًا وَيُؤْجَرُ
ــ
[رد المحتار]
وَقَدْ كَانَ الصِّدِّيقُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْصَى بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَلِلزَّوْجَةِ التَّسْمِينُ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: امْرَأَةٌ تَأْكُلُ الْفَتِيتَ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ لِأَجْلِ التَّسْمِينِ قَالَ أَبُو مُطِيعٍ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ تَأْكُلْ فَوْقَ شِبَعِهَا قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ فِي الزَّوْجَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يُنْدَبَ لَهَا ذَلِكَ، وَتَكُونُ مَأْجُورَةً. قَالَ الشَّارِحُ وَلَا يُعْجِبُنِي إطْلَاقُ إبَاحَتِهِ ذَلِكَ فَضْلًا عَنْ نَدْبِهِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ يُحِبُّ السِّمَنَ وَإِلَّا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَوْزُورَةً اهـ (قَوْلُهُ لَا فَوْقَ شِبْعِهَا) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذِكْرِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِتُحْظَرُ بِمَعْنَى تُمْنَعُ وَالتَّعْوِيذُ مَفْعُولُ الذِّكْرِ، وَلِلْحُبِّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَالذِّكْرُ يَكُونُ بِاللِّسَانِ، وَالْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ وَمِنْ الْحَمْلِ.
قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: امْرَأَةٌ تَصْنَعُ آيَاتِ التَّعْوِيذِ لِيُحِبَّهَا زَوْجُهَا بَعْدَ مَا كَانَ يُبْغِضُهَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَلَا يَحِلُّ اهـ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبَانَ فِي تَوْجِيهِهِ: أَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ السِّحْرِ وَالسِّحْرُ حَرَامٌ اهـ ط وَمُقْتَضَاة أَنَّهُ لَيْسَ مُجَرَّدَ كِتَابَةِ آيَاتٍ، بَلْ فِيهِ شَيْءٌ زَائِدٌ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتُّوَلَةَ شِرْكٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتُّوَلَةُ أَيْ بِوَزْنِ عِنَبَةٍ ضَرْبٌ مِنْ السِّحْرِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هُوَ تَحْبِيبُ الْمَرْأَةِ إلَى زَوْجِهَا، وَعَنْ «عُرْوَةَ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ نَرْقِي فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد اهـ وَتَمَامُهُ فِيهِ وَقَدَّمْنَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قُبَيْلَ فَصْلِ النَّظَرِ وَبِهِ انْدَفَعَ تَنْظِيرُ ابْنِ الشِّحْنَةِ فِي كَوْنِ التَّعْوِيذِ ضَرْبًا مِنْ السِّحْرِ.
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ إلَخْ) أَيْ مُطْلَقًا قَبْلَ التَّصَوُّرِ وَبَعْدَهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ فِي الْخَانِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَقَالَ إلَّا أَنَّهَا لَا تَأْثَمُ إثْمَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ وَجَازَ لِعُذْرٍ) كَالْمُرْضِعَةِ إذَا ظَهَرَ بِهَا الْحَبَلُ وَانْقَطَعَ لَبَنُهَا وَلَيْسَ لِأَبِي الصَّبِيِّ مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ الظِّئْرَ وَيَخَافُ هَلَاكَ الْوَلَدِ قَالُوا يُبَاحُ لَهَا أَنْ تُعَالِجَ فِي اسْتِنْزَالِ الدَّمِ مَا دَامَ الْحَمْلُ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً وَلَمْ يُخْلَقْ لَهُ عُضْوٌ وَقَدَّرُوا تِلْكَ الْمُدَّةَ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَجَازَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِآدَمِيٍّ وَفِيهِ صِيَانَةُ الْآدَمِيِّ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا يُتَصَوَّرُ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ: وَجَازَ لِعُذْرٍ وَالتَّصَوُّرُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ شَعْرٌ أَوْ أُصْبُعٌ أَوْ رِجْلٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْقَطَتْ مَيْتًا) بِتَخْفِيفِ مَيِّتٍ: أَيْ بِعِلَاجٍ أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ تَتَعَمَّدُ بِهِ الْإِسْقَاطَ، أَمَّا إذَا أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَلَى عَاقِلَتِهَا الدِّيَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، إنْ كَانَتْ لَهَا عَاقِلَةٌ وَإِلَّا فَفِي مَالِهَا وَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ وَلَا تَرِثُ مِنْهُ شَيْئًا ش (قَوْلُهُ فَفِي السِّقْطِ غُرَّةٌ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ تُؤْخَذُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَنَفَاهَا الطَّرْطُوسِيُّ وَهُوَ وَهْمٌ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ لِوَالِدِهِ) الْأَوْلَى لِوَارِثِهِ ط (قَوْلُهُ مِنْ عَاقِلِ الْأُمِّ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَاقِلَةٌ فَفِي مَالِهَا فِي سَنَةٍ ش (قَوْلُهُ تُحْضَرُ) الْجُمْلَةُ صِفَةُ غُرَّةٍ ط (قَوْلُهُ وَفِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ إلَخْ) هُوَ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَالْكَحْلُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ كَحَلَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَحْلَ مُطْلَقًا سُنَّةُ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا كَوْنُهُ سُنَّةً فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَقَدْ قِيلَ بِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا صَارَ عَلَامَةً لِلشِّيعَةِ وَجَبَ تَرْكُهُ، وَقِيلَ إنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّ يَزِيدَ وَابْنَ زِيَادٍ اكْتَحَلَا بِدَمِ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ وَقِيلَ بِالْإِثْمِدِ لِتَقَرَّ عَيْنُهُمَا بِقَتْلِهِ ش بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ إلَخْ) نَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ عَنْ الْوَبَرِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ أَثَرٌ قَوِيٌّ، وَلَا بَأْسَ اهـ، وَرُبَّمَا يُثَابُ قَالَ الشَّارِحُ: وَاَلَّذِي فِي حِفْظِي أَنَّهُ يُثَابُ بِالتَّوْسِعَةِ عَلَى عِيَالِهِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute