للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَ) قَرَأَ بَعْدَهَا وُجُوبًا (سُورَةً أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ) وَلَوْ كَانَتْ الْآيَةُ أَوْ الْآيَتَانِ تَعْدِلُ ثَلَاثَ آيَاتٍ قِصَارًا انْتَفَتْ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ، وَلَا تَنْتَفِي التَّنْزِيهِيَّةُ إلَّا بِالْمَسْنُونِ

(وَأَمَّنَ) بِمَدٍّ وَقَصْرٍ وَإِمَالَةٍ وَلَا تَفْسُدُ بِمَدٍّ مَعَ تَشْدِيدٍ أَوْ حَذْفِ يَاءٍ بَلْ بِقَصْرٍ مَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ بِمَدٍّ مَعَهُمَا، وَهَذَا مِمَّا تَفَرَّدْت بِتَحْرِيرِهِ (الْإِمَامُ سِرًّا كَمَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ) وَلَوْ فِي السِّرِّيَّةِ إذَا سَمِعَهُ

ــ

[رد المحتار]

عَنْ إنْكَارِ مَالِكٍ أَيْضًا قُرْآنِيَّتَهَا لِأَنَّ الشُّبْهَةَ لَمْ تَثْبُتْ بِإِنْكَارِهِ، بَلْ هِيَ ثَابِتَةٌ قَبْلَهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَقَرَأَ بَعْدَهَا وُجُوبًا) الْوُجُوبُ يَرْجِعُ إلَى الْقِرَاءَةِ وَالْبَعْدِيَّةِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ بِتَرْكِهَا الْإِعَادَةُ لَوْ عَامِدًا كَالْفَاتِحَةِ خِلَافًا لِمَا فِي التَّبْيِينِ وَالدُّرَرِ لِأَنَّ الْفَاتِحَةَ وَإِنْ كَانَتْ آكَدُ لِلِاخْتِلَافِ فِي رُكْنِيَّتِهَا إلَّا أَنَّهُ يَظْهَرُ فِي الْإِثْمِ لَا فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ بَحْثِ الْوَاجِبَاتِ (قَوْلُهُ سُورَةً) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ قِرَاءَةُ سُورَةٍ وَاحِدَةٍ؛ فَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى: رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا أُحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ سُورَتَيْنِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْمَكْتُوبَاتِ، وَلَوْ فَعَلَ لَا يُكْرَهُ، وَفِي النَّوَافِلِ لَا بَأْسَ بِهِ (قَوْلُهُ إلَّا بِالْمَسْنُونِ) وَهُوَ الْقِرَاءَةُ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ فِي الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ، وَأَوْسَاطِهِ فِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ، وَقِصَارِهِ فِي الْمَغْرِبِ ط

(قَوْلُهُ وَأَمَّنَ) هُوَ سُنَّةٌ لِلْحَدِيثِ الْآتِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَغَيْرِهِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْقُرْآنِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ بِمَدٍّ) هِيَ أَشْهَرُهَا وَأَفْصَحُهَا وَقَصْرٍ وَهِيَ مَشْهُورَةٌ، وَمَعْنَاهُ اسْتَجِبْ ط (قَوْلُهُ وَإِمَالَةٍ) أَيْ فِي الْمَدِّ لِعَدَمِ تَأَتِّيهَا فِي الْقَصْرِ ح، وَحَقِيقَةُ الْإِمَالَةِ أَنْ يُنَحِّيَ بِالْفَتْحَةِ نَحْوَ الْكَسْرِ فَتَمِيلُ الْأَلِفُ إنْ كَانَ بَعْدَهَا أَلِفٌ نَحْوُ الْيَاءِ أَشْمُونِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا تَفْسُدُ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي نَفْيِ الْفَسَادِ لَا فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ، فَإِنَّ السُّنَّةَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ كَمَا أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ بِمَدٍّ مَعَ تَشْدِيدٍ أَوْ حَذْفِ يَاءٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْمَدِّ مُصَاحِبًا لِأَحَدِهِمَا لَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَفِيهِ صُورَتَانِ:

الْأُولَى: الْمَدُّ، مَعَ التَّشْدِيدِ بِلَا حَذْفٍ، فَلَا يَفْسُدُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ لُغَةً فِيهَا حَكَاهَا الْوَاحِدِيُّ وَلِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ وَلِأَنَّ لَهُ وَجْهًا، كَمَا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: إنَّ مَعْنَاهُ نَدْعُوك قَاصِدِينَ إجَابَتَك لِأَنَّ مَعْنَى آمِينَ قَاصِدِينَ. وَأَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِنَا كَوْنَهَا لُغَةً وَحُكِمَ بِفَسَادِ الصَّلَاةِ بَحْرٌ.

وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: الْمَدُّ مَعَ حَذْفِ الْيَاءِ بِلَا تَشْدِيدٍ لِوُجُودِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَيْلَكَ آمِنْ} [الأحقاف: ١٧] كَمَا فِي الْإِمْدَادِ، فَأَوْفَى كَلَامَهُ لِمَنْعِ الْجَمْعِ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالْمَدِّ جَامِعًا بَيْنَ التَّشْدِيدِ وَالْحَذْفِ تَفْسُدُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْدُ، وَلَوْ كَانَتْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ أَيْضًا بِأَنْ أَتَى بِالْمَدِّ خَالِيًا عَنْ التَّشْدِيدِ وَالْحَذْفِ لَزِمَ التَّكْرَارُ لِأَنَّهُ اللُّغَةُ الْفُصْحَى الْمُتَقَدِّمَةُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بَلْ يَقْصُرُ مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ مَعَ التَّشْدِيدِ بِلَا حَذْفِ الْيَاءِ وَهُوَ آمِينَ لِعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الْقُرْآنِ أَوْ مَعَ حَذْفِ الْيَاءِ بِلَا تَشْدِيدٍ وَهُوَ أَمِنَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِوُجُودِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَمِنَ} [البقرة: ٢٨٣] ح أَيْ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. هَذَا. وَذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ الْأَوَّلَ. لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ فَقَالَ: وَقَصْرُهَا وَتَشْدِيدُ الْمِيمِ حَكَاهَا بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَاسْتُضْعِفَتْ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْأَشْبَهَ فَسَادُ الصَّلَاةِ بِهَا اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ بِمَدٍّ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ التَّشْدِيدِ وَحَذْفِ الْيَاءِ وَهُوَ آمِنَ فَإِنَّهُ مُفْسِدٌ لِعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الْقُرْآنِ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ ثَمَانِيَةُ أَوْجُهٍ: خَمْسَةٌ صَحِيحَةٌ، وَثَلَاثَةٌ مُفْسِدَةٌ، وَبَقِيَ تَاسِعٌ وَهُوَ أَمِّنْ بِالْقَصْرِ مَعَ التَّشْدِيدِ وَالْحَذْفِ، وَهُوَ مُفْسِدٌ لِعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَبِمَدٍّ أَوْ قَصْرٍ مَعَهُمَا لَاسْتَوْفَى ح. قُلْت: وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا التَّاسِعُ مَعَ الثَّامِنِ فِي الْبَحْرِ، وَقَالَ: وَلَا يَبْعُدُ فَسَادُ الصَّلَاةِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ الْإِمَامُ سِرًّا) أَشَارَ بِالْأَوَّلِ إلَى خِلَافِ مَالِكٍ فِي تَخْصِيصِ الْمُؤْتَمِّ بِالتَّأْمِينِ دُونَ الْإِمَامِ.

وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ، وَبِالثَّانِي إلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا كُلٌّ مِنْهُمَا جَهْرًا، وَقَوْلُهُ كَمَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ فَلِذَا أَتَى بِالْكَافِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي السِّرِّيَّةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>