للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ (وَيَبْسُطَ ظَهْرَهُ) وَيُسَوِّيَ ظَهْرَهُ بِعَجُزِهِ (غَيْرَ رَافِعٍ وَلَا مُنَكِّسَ رَأْسِهِ وَيُسَبِّحُ فِيهِ) وَأَقَلُّهُ (ثَلَاثًا) فَلَوْ تَرَكَهُ أَوْ نَقَصَهُ كُرِهَ تَنْزِيهًا؛ وَكُرِهَ تَحْرِيمًا

ــ

[رد المحتار]

هَذَا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ لَفْظَ يُسَنُّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَضَعُ يَدَيْهِ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْوَضْعَ وَالِاعْتِمَادَ وَالتَّفْرِيجَ وَالْإِلْصَاقَ وَالنَّصْبَ وَالْبَسْطَ وَالتَّسْوِيَةَ كُلَّهَا سُنَنٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.

قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ مُجَافِيًا عَضُدَيْهِ مُسْتَقْبِلًا أَصَابِعَهُ فَإِنَّهُمَا سُنَّةٌ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ. اهـ. قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ وَفِي الْمُجْتَبَى: هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَتَنْحَنِي فِي الرُّكُوعِ يَسِيرًا وَلَا تُفَرِّجُ وَلَكِنْ تَضُمُّ وَتَضَعُ يَدَيْهَا عَلَى رُكْبَتَيْهَا وَضْعًا وَتَحْنِي رُكْبَتَيْهَا وَلَا تُجَافِي عَضُدَيْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهَا.

وَفِي شَرْحِ الْوَجِيزِ: الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَيَنْصِبُ سَاقَيْهِ) فَجَعْلُهُمَا شِبْهَ الْقَوْسِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ مَكْرُوهٌ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثًا) أَيْ أَقَلُّهُ يَكُونُ ثَلَاثًا أَوْ أَقَلُّهُ تَسْبِيحُهُ ثَلَاثًا، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِ ثَلَاثًا خَبَرًا عَنْ أَقَلِّهِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ: أَيْ فِي ثَلَاثٍ لِأَنَّ نَزْعَ الْخَافِضِ سَمَاعِيٌّ وَمَعَ هَذَا فَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا فَافْهَمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّهُ خَبَرًا لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ وَيُسَبِّحُ فِيهِ ثَلَاثًا وَهُوَ أَقَلُّهُ: أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الثَّلَاثَ أَقَلُّهُ، وَسَوَّغَ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ تَقْدِيمُهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَهَذَا الْوَجْهُ أَفَادَهُ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ كُرِهَ تَنْزِيهًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّسْبِيحِ لِلِاسْتِحْبَابِ بَحْرٌ، وَفِي الْمِعْرَاجِ وَقَالَ أَبُو مُطِيعٍ الْبَلْخِيّ تِلْمِيذُ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّ الثَّلَاثَ فَرْضٌ. وَعِنْدَ أَحْمَدَ يَجِبُ مَرَّةً كَتَسْبِيحِ السُّجُودِ وَالتَّكْبِيرَاتِ وَالتَّسْمِيعِ وَالدُّعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَلَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ، وَلَوْ سَهْوًا لَا.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَقِيلَ يَجِبُ. اهـ. وَهَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ عِنْدَنَا، وَذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ أَنَّ الْأَمْرَ بِهِ وَالْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهِ مُتَظَافِرَانِ عَلَى الْوُجُوبِ، فَيَنْبَغِي لُزُومُ سُجُودِ السَّهْوِ أَوْ الْإِعَادَةِ لَوْ تَرَكَهُ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا، وَوَافَقَهُ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ الْعَلَّامَةُ إبْرَاهِيمُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَيْضًا. وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَذْكُرْهُ لِلْأَعْرَابِيِّ حِينَ عَلَّمَهُ، فَهَذَا صَارِفٌ لِلْأَمْرِ عَنْ الْوُجُوبِ، لَكِنْ اسْتَشْعَرَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وُرُودَ هَذَا فَأَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ أَنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّلَاةِ وَاجِبٌ خَارِجٌ عَمَّا عَلَّمَهُ الْأَعْرَابِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ تَعْيِينُ الْفَاتِحَةِ وَضَمِّ السُّورَةِ أَوْ ثَلَاثِ آيَاتٍ لَيْسَ مِمَّا عَلَّمَهُ لِلْأَعْرَابِيِّ، بَلْ ثَبَتَ بِدَلِيلٍ آخَرَ فَلِمَ لَا يَكُونُ هَذَا كَذَلِكَ؟ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي تَثْلِيثِ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ عِنْدَنَا، أَرْجَحُهَا مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ الْوُجُوبُ تَخْرِيجًا عَلَى الْقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِيَّةِ، فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ كَمَا اعْتَمَدَ ابْنُ الْهُمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ رِوَايَةَ وُجُوبِ الْقَوْمَةِ وَالْجِلْسَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ فَالْأَرْجَحُ السُّنِّيَّةُ لِأَنَّهَا الْمُصَرَّحُ بِهَا فِي مَشَاهِيرِ الْكُتُبِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُنْقِصَ عَنْ الثَّلَاثِ وَأَنَّ الزِّيَادَةَ مُسْتَحَبَّةٌ بَعْدَ أَنْ يَخْتِمَ عَلَى وِتْرِ خَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ مَا لَمْ يَكُنْ إمَامًا فَلَا يُطَوِّلُ وَقَدَّمْنَا فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ عَنْ أُصُولِ أَبِي الْيُسْرِ أَنَّ حُكْمَ السُّنَّةِ أَنْ يُنْدَبَ إلَى تَحْصِيلِهَا وَيُلَامَ عَلَى تَرْكِهَا مَعَ حُصُولِ إثْمٍ يَسِيرٍ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ كَرَاهَةَ تَرْكِهَا فَوْقَ التَّنْزِيهِ وَتَحْتَ الْمَكْرُوهِ تَحْرِيمًا. وَبِهَذَا يَضْعُفُ قَوْلُ الْبَحْرِ إنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا لِلتَّنْزِيهِ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَإِنْ تَبِعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ فَتَدَبَّرْ. [تَنْبِيهٌ]

السُّنَّةُ فِي تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ إلَّا إنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الظَّاءَ فَيُبَدِّلُ بِهِ الْكَرِيمَ لِئَلَّا يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِهِ الْعَزِيمُ فَتَفْسُدُ بِهِ الصَّلَاةُ كَذَا فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ، فَلْيُحْفَظْ فَإِنَّ الْعَامَّةَ عَنْهُ غَافِلُونَ حَيْثُ يَأْتُونَ بَدَلَ الظَّاءِ بِزَايٍ مُفَخَّمَةٍ. مَطْلَبٌ فِي إطَالَةِ الرُّكُوعِ لِلْجَائِي

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَحْرِيمًا) لِمَا فِي الْبَدَائِعِ وَالذَّخِيرَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى عَنْ ذَلِكَ فَكَرِهَاهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَخْشَى عَلَيْهِ أَمْرًا عَظِيمًا يَعْنِي الشِّرْكَ. وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ أَيْضًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>