للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمُفْتَى بِهِ لَا لِخُصُوصِ الصَّلَاةِ بَلْ لِتَأْخِيرِ الْقِيَامِ. وَلَوْ فَرَغَ الْمُؤْتَمُّ قَبْلَ إمَامِهِ سَكَتَ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ فَيَتَرَسَّلُ لِيَفْرُغَ عِنْدَ سَلَامِ إمَامِهِ، وَقِيلَ يُتِمُّ، وَقِيلَ يُكَرِّرُ كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ

(وَاكْتَفَى) الْمُفْتَرِضُ (فِيمَا بَعْدَ الْأُولَيَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ) فَإِنَّهَا سُنَّةٌ عَلَى الظَّاهِرِ، وَلَوْ زَادَ لَا بَأْسَ بِهِ (وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قِرَاءَةِ) الْفَاتِحَةِ وَصَحَّحَ الْعَيْنِيُّ وُجُوبَهَا (وَتَسْبِيحٍ ثَلَاثًا) وَسُكُوتِ قَدْرِهَا، وَفِي النِّهَايَةِ قَدْرُ تَسْبِيحَةٍ، فَلَا يَكُونُ مُسِيئًا بِالسُّكُوتِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِثُبُوتِ التَّخْيِيرِ

ــ

[رد المحتار]

وَذَكَرَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَاخْتَارَهُ فِي الْخَانِيَّةِ. اهـ. وَصَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ فِي السَّهْوِ بِأَنَّهُ الْأَصَحُّ، وَكَلَامُ الْحَلَبِيِّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْكَبِيرِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ أَيْضًا، لَكِنْ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ كَمَا تَرَى، وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ. اهـ. تَأَمَّلْ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِلَّا فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْحَاوِي أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَجِبُ السَّهْوُ مَا لَمْ يَبْلُغْ إلَى قَوْلِهِ " حَمِيدٌ مَجِيدٌ " (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُفْتَى بِهِ) لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَذَا اللَّفْظِ سِوَى الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ، وَإِنَّمَا الَّذِي رَأَيْته مَا عَلِمْته آنِفًا (قَوْلُهُ بَلْ لِتَأْخِيرِ الْقِيَامِ) فَيَجِبُ عَلَيْهِ السَّهْوُ وَلَوْ سَكَتَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ سَكَتَ اتِّفَاقًا) لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى التَّشَهُّدِ فِي الْقُعُودِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ كَمَا مَرَّ؛ فَلَا يَأْتِي بِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَالدُّعَاءِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ تَأْخِيرُ الْقِيَامِ عَنْ مَحَلِّهِ، إذْ الْقُعُودُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مُتَابَعَةً لِإِمَامِهِ (قَوْلُهُ فَيَتَرَسَّلُ) أَيْ يَتَمَهَّلُ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ فِي بَحْثِ الْمَسْبُوقُ مِنْ بَابِ السَّهْوِ وَبَاقِي الْأَقْوَالِ مُصَحَّحٌ أَيْضًا.

قَالَ فِي الْبَحْرِ وَيَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ كَمَا فِي النَّهْرِ أَنَّهُ يَقْضِي آخِرَ صَلَاتِهِ فِي حَقِّ التَّشَهُّدِ وَيَأْتِي فِيهِ بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ، وَهَذَا لَيْسَ آخِرًا. قَالَ ح: وَهَذَا فِي قَعْدَةِ الْإِمَامِ الْأَخِيرَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِ لِيَفْرُغَ عِنْدَ سَلَامِ إمَامِهِ، وَأَمَّا فِيمَا قَبْلَهَا مِنْ الْقَعَدَاتِ فَحُكْمُهُ السُّكُوتُ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْحِلْيَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُكَرِّرُ كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ) كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. وَاَلَّذِي فِي الْبَحْرِ وَالْحِلْيَةِ وَالذَّخِيرَةِ يُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَاكْتَفَى الْمُفْتَرِضُ) قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّهُ فِي النَّفْلِ وَالْوَاجِبِ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ وَالسُّورَةُ أَوْ نَحْوِهَا (قَوْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ لَا بَأْسَ) أَيْ لَوْ ضَمَّ إلَيْهَا سُورَةً لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مَشْرُوعَةٌ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَاتِحَةِ مَسْنُونٌ لَا وَاجِبٌ فَكَانَ الضَّمُّ خِلَافَ الْأَوْلَى وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْمَشْرُوعِيَّةَ، وَالْإِبَاحَةُ بِمَعْنَى عَدَمِ الْإِثْمِ فِي الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي أَوَائِلِ بَحْثِ الْوَاجِبَاتِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ فِي النَّهْرِ هُنَا عَلَى الْبَحْرِ مِنْ دَعْوَى الْمُنَافَاةِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الْعَيْنِيُّ وُجُوبَهَا) هَذَا مُقَابِلُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ وَصَحَّحَهَا ابْنُ الْهُمَامِ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ.

وَمَشَى عَلَيْهَا فِي الْمُنْيَةِ فَأَوْجَبَ سُجُودَ السَّهْوِ بِتَرْكِ قِرَاءَتِهَا سَاهِيًا وَالْإِسَاءَةُ بِتَرْكِهَا عَمْدًا، لَكِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُهُ لِتَعَارُضِ الْأَخْبَارِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَاعْتَمَدَهُ فِي الْحِلْيَةِ (قَوْلُهُ وَسُكُوتُ قَدْرِهَا) أَيْ قَدْرُ ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ (قَوْلُهُ وَفِي النِّهَايَةِ قَدْرُ تَسْبِيحَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ أَلْيَقُ بِالْأُصُولِ حِلْيَةٌ: أَيْ لِأَنَّ رُكْنَ الْقِيَامِ يَحْصُلُ بِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الرُّكْنِيَّةَ تَتَعَلَّقُ بِالْأَدْنَى (قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ مُسِيئًا بِالسُّكُوتِ عَلَى الْمَذْهَبِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ أَفْضَلُ، وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّسْبِيحِ لَا يَكُونُ مُسِيئًا. وَأَمَّا لَوْ سَكَتَ فَصَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ بِالْإِسَاءَةِ وَقَالَ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا شُرِعَتْ عَلَى سَبِيلِ الذِّكْرِ وَالثَّنَاءِ، وَلِهَذَا تَعَيَّنَتْ الْفَاتِحَةُ لِلْقِرَاءَةِ لِأَنَّ كُلَّهَا ذِكْرٌ وَثَنَاءٌ، وَإِنْ سَكَتَ عَمْدًا أَسَاءَ لِتَرْكِ السُّنَّةِ، وَلَوْ سَاهِيًا لَا سَهْوَ عَلَيْهِ؛ وَصَرَّحَ غَيْرُهُ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَدَمِ الْإِسَاءَةِ بِالسُّكُوتِ. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَالصَّحِيحُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا رَوَيْنَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ الْمُصَلِّي بِالْخِيَارِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، إنْ شَاءَ قَرَأَ، وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ، وَإِنْ شَاءَ سَبَّحَ، وَهَذَا بَابٌ لَا يُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ، فَالْمَرْوِيُّ عَنْهُمَا كَالْمَرْوِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَفِي الذَّخِيرَةِ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَةِ. وَرَجَّحَ ذَلِكَ فِي الْحِلْيَةِ بِمَا لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ فَارْجِعْ إلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>