(الْمُخَافَتَةِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ) وَمَنْ بِقُرْبِهِ؛ فَلَوْ سَمِعَ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ فَلَيْسَ بِجَهْرٍ، وَالْجَهْرُ أَنْ يَسْمَعَ الْكُلُّ خُلَاصَةٌ (وَيَجْرِي ذَلِكَ) الْمَذْكُورُ (فِي كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِنُطْقٍ، كَتَسْمِيَةٍ عَلَى ذَبِيحَةٍ وَوُجُوبِ سَجْدَةِ تِلَاوَةِ وَعَتَاقٍ وَطَلَاقٍ وَاسْتِثْنَاءٍ) وَغَيْرِهَا؛ فَلَوْ طَلَّقَ أَوْ اسْتَثْنَى وَلَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ؛ وَقِيلَ فِي نَحْوِ الْبَيْعِ يُشْتَرَطُ سَمَاعُ الْمُشْتَرِي.
(وَلَوْ تَرَكَ سُورَةَ أُولَيَيْ الْعِشَاءِ) مَثَلًا وَلَوْ عَمْدًا (قَرَأَهَا وُجُوبًا) وَقِيلَ نَدْبًا
ــ
[رد المحتار]
نَقَلَهُ عَنْ الْفَضْلِيِّ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْفَضْلِيَّ قَائِلٌ بِقَوْلِ الْهِنْدُوَانِيُّ. فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ أَدْنَى الْمُخَافَتَةِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ أَوْ مَنْ بِقُرْبِهِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ مَثَلًا، وَأَعْلَاهَا تَصْحِيحُ الْحُرُوفِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْكَرْخِيِّ، وَلَا تُعْتَبَرُ هُنَا فِي الْأَصَحِّ.
وَأَدْنَى الْجَهْرِ إسْمَاعُ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِقُرْبِهِ كَأَهْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَأَعْلَاهُ لَا حَدَّ لَهُ فَافْهَمْ، وَاغْنَمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَقَامِ فَقَدْ اضْطَرَبَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَفْهَامِ (قَوْلُهُ وَيَجْرِي ذَلِكَ الْمَذْكُورُ) يَعْنِي كَوْنَ أَدْنَى مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْكَلَامُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ أَوْ مَنْ بِقُرْبِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْهِنْدُوَانِيُّ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ فَيَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ لِاكْتِفَائِهِ بِتَصْحِيحِ الْحُرُوفِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْقَاضِي عَلَاءِ الدِّينِ فِي شَرْحِ مُخْتَلِفَاتِهِ: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ يُكْتَفَى بِسَمَاعِهِ، وَفِي بَعْضِهَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُ غَيْرِهِ مَثَلًا فِي الْبَيْعِ لَوْ أَدْنَى الْمُشْتَرِي صِمَاخَهُ إلَى فَمِ الْبَائِعِ وَسَمِعَ يَكْفِي، وَلَوْ سَمَّعَ الْبَائِعُ نَفْسَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ الْمُشْتَرِي لَا يَكْفِي؛ وَفِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَنَادَاهُ مِنْ بَعِيدٍ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ وُجُودُ الْكَلَامِ مَعَهُ وَلَمْ يُوجَدْ اهـ.
قَالَ فِي النَّهْرِ: أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي كُلِّ مَا يَتَوَقَّفُ تَمَامُهُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ غَيْرَ مُبَادَلَةٍ كَالنِّكَاحِ اهـ وَلَمْ يُعَوِّلْ الشَّارِحُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلِ تَبَعًا لِلْفَتْحِ، حَيْثُ قَالَ: قِيلَ الصَّحِيحُ فِي الْبَيْعِ إلَخْ وَكَذَا عَبَّرَ عَنْهُ فِي الْكَافِي إشَارَةً إلَى ضَعْفِهِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ، لَكِنْ الْأَوَّلُ ارْتَضَاهُ فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ، وَهُوَ أَوْجَهُ بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمَنْصُوصَةِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ لِأَنَّ (الْكَلَامَ) مِنْ الْكَلْمِ وَهُوَ الْجُرْحُ؛ سُمَيٌّ بِهِ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي نَفْسِ السَّامِعِ فَتَكْلِيمُهُ فُلَانًا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِسَمَاعِهِ وَكَذَا اشْتِرَاطُ سَمَاعِ الشُّهُودِ كَلَامَ الْعَاقِدِينَ فِي النِّكَاحِ وَسَمَاعِ التِّلَاوَةِ فِي وُجُوبِ السَّجْدَةِ عَلَى السَّامِعِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا اُشْتُرِطَ فِيهِ سَمَاعُ الْغَيْرِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ مَثَلًا) زَادَهُ لِيَعُمَّ مَا لَوْ تَرَكَهَا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَلْ يَأْتِي بِهَا فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ؟ يُحَرَّرُ، وَلِيَعُمَّ غَيْرَ الْعِشَاءِ كَالْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا فِي إحْدَى أُولَيَيْهَا يَأْتِي بِهَا فِي الثَّالِثَةِ، وَلَوْ فِيهِمَا مَعًا أَتَى فِي الثَّالِثَةِ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَفَاتَتْ الْأُخْرَى، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لَوْ سَاهِيًا؛ وَلِيَعُمَّ الرَّبَاعِيَةَ السِّرِّيَّةَ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ أَيْضًا أَفَادَهُ ط، وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الْعِشَاءَ بِالذِّكْرِ لِمَكَانِ قَوْلِهِ جَهْرًا فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ غَيْرِهِ، فَلِذَا أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى التَّعْمِيمِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ عَمْدًا) هَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُتُونِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي النَّهْرِ، وَلَمْ يَعُزْهُ إلَى أَحَدٍ، كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ الْإِطْلَاقِ، وَإِلَّا فَصَنِيعُ الْفَتَاوَى وَالشُّرُوحِ يَقْتَضِي أَنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِي النِّسْيَانِ تَأَمُّلٌ، أَفَادَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْأَصَحَّ الْوُجُوبُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مُحَمَّدًا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، حَيْثُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ قَرَأَهَا بِلَفْظِ الْخَبَرِ، وَهُوَ آكَدُ مِنْ الْأَمْرِ فِي الْوُجُوبِ، وَصَرَّحَ فِي الْأَصْلِ بِالِاسْتِحْبَابِ. قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَالْأَصَحُّ مَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ آخِرُ التَّصْنِيفَيْنِ. وَرَدَّهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ أَصْرَحُ فَيَجِبُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ، وَكَوْنُ الْإِخْبَارِ آكَدَ رَدَّهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ فِي إخْبَارِ الشَّارِعِ لَا فِي غَيْرِهِ، فَكَانَ الْمَذْهَبُ الِاسْتِحْبَابَ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ أَمْرَ الْمُجْتَهِدِ نَاشِئٌ عَنْ أَمْرِ الشَّارِعِ فَكَذَا إخْبَارُهُ، نَعَمْ قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ إنَّمَا يَكُونُ دَلِيلًا إذَا كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي الْأَمْرِ الْإِيجَابِيِّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ. وَأَقُولُ: لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute