بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَقِيلَ النِّصْفِ نَدْبًا؛ فَلَوْ فَحُشَ لَا بَأْسَ بِهِ (فَقَطْ) وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَلِي الْكُلُّ حَتَّى التَّرَاوِيحُ؛ قِيلَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (وَإِطَالَةُ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى يُكْرَهُ) تَنْزِيهًا (إجْمَاعًا إنْ بِثَلَاثِ آيَاتٍ) إنْ تَقَارَبَتْ طُولًا وَقِصَرًا، وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الْحُرُوفُ وَالْكَلِمَاتُ.
ــ
[رد المحتار]
إجْمَاعًا إعَانَةً عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِأَنَّ وَقْتَ الْفَجْرِ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْإِمَامِ وَمِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يُسَوِّي بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْجَمِيعِ اتِّفَاقًا شَرْحُ الْمُنْيَةِ.
أَقُولُ: وَبِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْإِطَالَةَ الْمَذْكُورَةَ مَسْنُونَةٌ إجْمَاعًا، وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عُلِمَ أَنَّ مَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْبَهْنَسِيِّ مِنْ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ إجْمَاعًا غَرِيبٌ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ. وَقَالَ تِلْمِيذُهُ الْبَاقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى: لَمْ أَجِدْهُ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ) بِأَنْ تَكُونَ زِيَادَةُ مَا فِي الْأُولَى عَلَى مَا فِي الثَّانِيَةِ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَجْمُوعِ مَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ كَمَا فِي الْكَافِي حَيْثُ قَالَ الثُّلُثَانِ فِي الْأُولَى وَالثُّلُثُ فِي الثَّانِيَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ وَالدُّرَرِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ النِّصْفُ) كَذَا فِي الْحِلْيَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَحْبُوبِيِّ؛ وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْخُلَاصَةِ لَا تُفِيدُهُ لِأَنَّ عِبَارَتَهَا هَكَذَا وَحَدُّ الْإِطَالَةِ فِي الْفَجْرِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ عِشْرِينَ إلَى ثَلَاثِينَ وَفِي الْأُولَى مِنْ ثَلَاثِينَ إلَى سِتِّينَ. اهـ.
وَأَرْجَعَ الْمُحَشِّي الْقَوْلَ بِالنِّصْفِ إلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ نِصْفُ الْمَقْرُوءِ فِي الْأُولَى وَهُوَ ثُلُثُ الْمَجْمُوعِ، فَلَا وَجْهَ لِعَدِّهِ مُقَابِلًا لَهُ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ مُرَادَ الْخُلَاصَةِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ جَعْلِ الزِّيَادَةِ بِقَدْرِ نِصْفِ مَا فِي الْأُولَى أَوْ نِصْفِ مَا فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي الْأُولَى ثَلَاثِينَ وَفِي الثَّانِيَةِ عِشْرِينَ فَالزِّيَادَةُ بِقَدْرِ نِصْفِ مَا فِي الثَّانِيَةِ. وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَى سِتِّينَ وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثِينَ فَالزِّيَادَةُ بِقَدْرِ نِصْفِ مَا فِي الْأُولَى، وَبِهَذَا يُغَايِرُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ نَدْبًا) رَاجِعٌ لِلْقَوْلَيْنِ يَعْنِي أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ فِي كُلٍّ بَيَانٌ لِلْأَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يُرَاعِهِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا بَأْسَ بِهِ ح (قَوْلُهُ فَلَوْ فَحُشَ) بِأَنْ قَرَأَ فِي الْأُولَى بِأَرْبَعِينَ وَفِي الثَّانِيَةِ بِثَلَاثِ آيَاتٍ لَا بَأْسَ بِهِ، وَبِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَقَطْ) لِمَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْفَجْرُ مُجَرَّدَ مِثَالٍ لَا لِلتَّقْيِيدِ أَرْدَفَهُ بِقَوْلِهِ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ حَتَّى التَّرَاوِيحُ) عَزَاهُ فِي الْخَزَائِنِ إلَى الْخَانِيَّةِ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا فِي جَامِعِ الْمَحْبُوبِيِّ، لَكِنْ فِي نَظْمِ الزندويستي الِاتِّفَاقُ عَلَى تَسْوِيَةِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا، وَأَيَّدَهُ فِي الْحِلْيَةِ بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِعَدَمِ إطَالَةِ الْأُولَى عَلَى؛ الثَّانِيَةِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ قِيلَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) قَائِلُهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُجْتَبَى. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْحُجَّةِ: وَهُوَ الْمَأْخُوذُ لِلْفَتْوَى.
وَفِي الْخُلَاصَةِ إنَّهُ أَحَبُّ، وَجَنَحَ إلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى: أَيْ مِنْ الظُّهْرِ مَا لَا يُطَوِّلُ فِي الثَّانِيَةِ وَهَكَذَا فِي الْعَصْرِ، وَهَكَذَا فِي الصُّبْحِ» وَنَازَعَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِطَالَةِ مِنْ حَيْثُ الثَّنَاءُ وَالتَّعَوُّذُ، وَبِمَا دُونَ ثَلَاثِ آيَاتٍ، ضَرُورَةَ التَّوْفِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حَيْثُ قَالَ: فَحُزِرَ قِيَامُهُ فِي الظُّهْرِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً فَإِنَّهُ أَفَادَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ اهـ. وَقَالَ فِي الْحِلْيَةِ بَعْدَ أَنْ حَقَّقَ دَلِيلَهُمَا: فَيَظْهَرُ عَلَى هَذَا أَنَّ قَوْلَهُمَا أَحَبُّ لَا قَوْلُهُ، وَأَنَّ الْأَوْلَى كَوْنُ الْفَتْوَى عَامَّةَ قَوْلِهِمَا لَا قَوْلِهِ، وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ والشرنبلالية، وَاعْتَمَدَ قَوْلَهُمَا فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى وَالْمُخْتَارِ وَالْهِدَايَةِ فَلِذَا اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا (قَوْلُهُ إنْ تَقَارَبَتْ إلَخْ) ذَكَرَ هَذَا فِي الْكَافِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ، وَاعْتَبَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي فِي عِبَارَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute