للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُعْزَلُ بِهِ إلَّا لِفِتْنَةٍ. وَيَجِبُ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِالصَّلَاحِ وَتَصِحُّ سَلْطَنَةُ مُتَغَلِّبٍ لِلضَّرُورَةِ، وَكَذَا صَبِيٌّ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَوِّضَ أُمُورَ التَّقْلِيدِ عَلَى وَالٍ تَابِعٍ لَهُ وَالسُّلْطَانُ فِي الرَّسْمِ هُوَ الْوَلَدُ، وَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْوَالِي لِعَدَمِ صِحَّةِ إذْنِهِ بِقَضَاءٍ وَجُمُعَةٍ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَفِيهَا لَوْ بَلَغَ السُّلْطَانُ أَوْ الْوَالِي يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ:

وَالصُّغْرَى رَبْطُ صَلَاةِ الْمُؤْتَمِّ بِالْإِمَامِ

ــ

[رد المحتار]

ثُمَّ قَالَ: وَزَادَ كَثِيرٌ الِاجْتِهَادَ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ؛ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَلَا الشَّجَاعَةُ لِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي وَاحِدٍ وَيُمْكِنُ تَفْوِيضُ مُقْتَضَيَاتِ الشَّجَاعَةِ وَالْحُكْمِ إلَى غَيْرِهِ أَوْ بِالِاسْتِفْتَاءِ لِلْعُلَمَاءِ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَيْسَتْ الْعَدَالَةُ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ فَيَصِحُّ تَقْلِيدُ الْفَاسِقِ الْإِمَامَةَ مَعَ الْكَرَاهَةِ؛ وَإِذَا قُلِّدَ عَدْلًا ثُمَّ جَارَ وَفَسَقَ لَا يَنْعَزِلُ؛ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْعَزْلُ إنْ لَمْ يَسْتَلْزِمْ فِتْنَةً؛ وَيَجِبُ أَنْ يُدْعَى لَهُ؛ وَلَا يَجِبُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ؛ كَذَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَلِمَتُهُمْ قَاطِبَةً فِي تَوْجِيهِهِ هُوَ أَنَّ الصَّحَابَةَ صَلَّوْا خَلْفَ بَعْضِ بَنِي أُمَيَّةَ وَقَبِلُوا الْوِلَايَةَ عَنْهُمْ. وَفِي هَذَا نَظَرٌ؛ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ أُولَئِكَ كَانُوا مُلُوكًا تَغَلَّبُوا وَالْمُتَغَلِّبُ تَصِحُّ مِنْهُ هَذِهِ الْأُمُورُ لِلضَّرُورَةِ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ إمَامِ عَدَالَتُهُ؛ وَصَارَ الْحَالُ عِنْدَ التَّغَلُّبِ كَمَا لَمْ يُوجَدْ أَوْ وُجِدَ وَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى تَوْلِيَتِهِ لِغَلَبَةِ الْجَوَرَةِ اهـ كَلَامُ الْمُسَايَرَةِ لِلْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ (قَوْلُهُ وَيُعْزَلُ بِهِ) أَيْ بِالْفِسْقِ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ؛ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ كَمَا عَمِلْت آنِفًا. وَلِذَا لَمْ يَقُلْ يَنْعَزِلُ (قَوْلُهُ وَتَصِحُّ سَلْطَنَةُ مُتَغَلِّبٍ) أَيْ مَنْ تَوَلَّى بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ بِلَا مُبَايَعَةِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَإِنْ اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ الْمَارَّةَ. وَأَفَادَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا أَنْ تَكُونَ بِالتَّقْلِيدِ. قَالَ فِي الْمُسَايَرَةِ: وَيَثْبُتُ عَقْدُ الْإِمَامَةِ إمَّا بِاسْتِخْلَافِ الْخَلِيفَةِ إيَّاهَا كَمَا فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِمَّا بِبَيْعَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ. وَعِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ: يَكْفِي الْوَاحِدُ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمَشْهُورِينَ مِنْ أُولِي الرَّأْيِ، بِشَرْطِ كَوْنِهِ بِمَشْهَدِ شُهُودٍ لِدَفْعِ الْإِنْكَارِ إنْ وَقَعَ. وَشَرَطَ الْمُعْتَزِلَةُ خَمْسَةً.

وَذَكَرَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ اشْتِرَاطَ جَمَاعَةٍ دُونَ عَدَدٍ مَخْصُوصٍ. اهـ. (قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ) هِيَ دَفْعُ الْفِتْنَةِ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَلَوْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ أَجْدَعُ» ح (قَوْلُهُ وَكَذَا صَبِيٌّ) أَيْ تَصِحُّ سَلْطَنَتُهُ لِلضَّرُورَةِ، لَكِنْ فِي الظَّاهِرِ لَا حَقِيقَةً. قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: تَصِحُّ سَلْطَنَتُهُ ظَاهِرًا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: مَاتَ السُّلْطَانُ وَاتَّفَقَتْ الرَّعِيَّةُ عَلَى سَلْطَنَةِ ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ تُفَوَّضَ أُمُورُ التَّقْلِيدِ عَلَى وَالٍ، وَيُعِدُّ هَذَا الْوَالِي نَفْسَهُ تَبَعًا لِابْنِ السُّلْطَانِ لِشَرَفِهِ وَالسُّلْطَانُ فِي الرَّسْمِ هُوَ الِابْنُ، وَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْوَالِي لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِذْنِ بِالْقَضَاءِ وَالْجُمُعَةِ مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ اهـ أَيْ لِأَنَّ هَذَا الْوَالِيَ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ السُّلْطَانَ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَصِحَّ إذْنُهُ بِالْقَضَاءِ وَالْجُمُعَةِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّهُ سُلْطَانٌ إلَى غَايَةٍ وَهِيَ بُلُوغُ الِابْنِ، لِئَلَّا يَحْتَاجَ إلَى عَزْلِهِ عِنْدَ تَوْلِيَةِ ابْنِ السُّلْطَانِ إذَا بَلَغَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَنْ يُفَوَّضَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَالْفَاعِلُ: هُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ، لَا الصَّبِيُّ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ وَضُمِّنَ يُفَوَّضُ مَعْنَى يُلْقَى فَعُدِّيَ بِعَلَى وَإِلَّا فَهُوَ يَتَعَدَّى بِإِلَى (قَوْلُهُ فِي الرَّسْمِ) أَيْ فِي الظَّاهِرِ وَالصُّورَةِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ) أَيْ فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ، وَعَلِمْت عِبَارَتَهُ (قَوْلُهُ وَفِيهَا) أَيْ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا، وَذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا مَرَّ بِنَحْوِ وَرَقَةٍ فَافْهَمْ.

وَذَكَرَ الْحَمَوِيُّ أَنَّ تَجْدِيدَ تَقْلِيدِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا عَزَلَ ذَلِكَ الْوَالِي نَفْسَهُ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِعَزْلِ نَفْسِهِ وَهَذَا غَيْرُ وَاقِعٍ. اهـ.

قُلْت قَدْ يُقَالُ: إنَّ سَلْطَنَةَ ذَلِكَ الْوَلِيِّ لَيْسَتْ مُطْلَقَةً بَلْ هِيَ مُقَيَّدَةٌ بِمُدَّةِ صِغَرِ ابْنِ السُّلْطَانِ، فَإِذَا بَلَغَ انْتَهَتْ سَلْطَنَةُ ذَلِكَ الْوَلِيِّ كَمَا قُلْنَاهُ آنِفًا

(قَوْلُهُ رَبْطُ إلَخْ) هَكَذَا نَقَلَهُ صَاحِبُ النَّهْرِ عَنْ أَخِيهِ صَاحِبِ الْبَحْرِ، وَلَا يَظْهَرُ إلَّا تَعْرِيفًا لِلِاقْتِدَاءِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ مَصْدَرُ الْمَبْنِيِّ لِلْمَجْهُولِ لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الْمُتَّبَعُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَعْرِيفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>