للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَلْ طُولُ قِيَامِ الْأَخْرَسِ أَفْضَلُ كَالْقَارِئِ؟ لَمْ أَرَهُ.

(وَيُسَنُّ تَحِيَّةُ) رَبِّ (الْمَسْجِدِ، وَهِيَ رَكْعَتَانِ، وَأَدَاءُ الْفَرْضِ) أَوْ غَيْرُهُ، وَكَذَا دُخُولُهُ بِنِيَّةِ فَرْضٍ أَوْ اقْتِدَاءٍ (يَنُوبُ عَنْهَا) بِلَا نِيَّةٍ،

ــ

[رد المحتار]

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ طُولَ الْقِيَامِ أَحَبُّ، وَمَعْنَاهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ شَغْلَ حِصَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ الزَّمَانِ بِصَلَاةٍ فَإِطَالَةُ الْقِيَامِ مَعَ تَقْلِيلِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ أَفْضَلُ مِنْ عَكْسِهِ، فَصَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا فِي تِلْكَ الْحِصَّةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَرْبَعٍ فِيهَا، وَهَكَذَا الْقِيَاسُ.

(قَوْلُهُ وَهَلْ إلَخْ) الْبَحْثُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ كَثْرَةَ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ أَفْضَلُ لِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْقِيَامِ إنَّمَا كَانَتْ بِاعْتِبَارِ الْقِرَاءَةِ وَلَا قِرَاءَةَ لَهُ. اهـ. ح عَنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ. وَخَالَفَهُ الرَّحْمَتِيُّ بِأَنَّ الْأَخْرَسَ قَارِئٌ حُكْمًا وَلَهُ ثَوَابُ الْقَارِئِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِيمَنْ قَصَدَ عِبَادَةً وَعَجَزَ عَنْهَا مَعَ أَنَّ الطَّرِيقَةَ أَنَّ الْعِلَّةَ إذَا وُجِدَتْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ تَطَّرِدُ فِي بَاقِيهَا تَأَمَّلْ.

مَطْلَبٌ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ.

(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ تَحِيَّةُ) كَتَبَ الشَّارِحُ فِي هَامِشِ الْخَزَائِنِ أَنَّ هَذَا رَدٌّ عَلَى صَاحِبِ الْخُلَاصَةِ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ.

(قَوْلُهُ رَبِّ الْمَسْجِدِ) أَفَادَ أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا إلَى الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا دَخَلَ بَيْتَ الْمَلِكِ يُحَيِّي الْمَلِكَ لَا بَيْتَهُ بَحْرٌ عَنْ الْحِلْيَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ حُكِيَ الْإِجْمَاعَ عَلَى سُنِّيَّتِهَا، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَنَا يَكْرَهُونَهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ تَقْدِيمًا لِعُمُومِ الْحَاظِرِ عَلَى عُمُومِ الْمُبِيحِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ رَكْعَتَانِ) فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَرَكْعَتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ، وَهِيَ أَفْضَلُ لِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا دَخَلَ فِيهِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ الْعَصْرِ، فَإِنَّهُ يُسَبِّحُ وَيُهَلِّلُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُؤَدِّي حَقَّ الْمَسْجِدِ كَمَا إذَا دَخَلَ لِلْمَكْتُوبَةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهَا حِينَئِذٍ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَدَاءُ الْفَرْضِ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَنُوبُ عَنْهَا كُلُّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا عِنْدَ الدُّخُولِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ سُنَّةً. وَفِي الْبِنَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى مُخْتَصَرِ الْمُحِيطِ أَنَّ دُخُولَهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ أَوْ الِاقْتِدَاءِ يَنُوبُ عَنْهَا وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِهَا إذَا دَخَلَهُ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ اهـ كَلَامُ النَّهْرِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ تَحِيَّةً لِرَبِّهِ تَعَالَى: وَالظَّاهِرُ أَنَّ دُخُولَهُ بِنِيَّةِ صَلَاةِ الْفَرْضِ لِإِمَامٍ أَوْ مُنْفَرِدٍ أَوْ بِنِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ يَنُوبُ عَنْهَا إذَا صَلَّى عَقِبَ دُخُولِهِ، وَإِلَّا لَزِمَ فِعْلُهَا بَعْدَ الْجُلُوسِ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا يَأْتِي، فَلَوْ كَانَ دُخُولُهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ مَثَلًا لَكِنْ بَعْدَ زَمَانٍ يُؤْمَرُ بِهَا قَبْلَ جُلُوسِهِ كَمَا لَوْ كَانَ دُخُولُهُ لِغَيْرِ صَلَاةٍ كَدَرْسٍ أَوْ ذِكْرٍ. وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّ مَا نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ الْبِنَايَةِ لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ، غَايَتُهُ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ الصَّلَاةِ بِنِيَّتِهَا بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَنَّ مَنْ دَخَلَ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ يُصَلِّي، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ النِّيَّةَ الْمَذْكُورَةَ تَكْفِيهِ عَنْ التَّحِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ كَمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ كَمَا أَفَادَهُ ح، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ يَنُوبُ عَنْهَا بِلَا نِيَّةٍ) قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: لَوْ اشْتَغَلَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ بِالْفَرِيضَةِ غَيْرَ نَاوٍ لِلتَّحِيَّةِ قَامَتْ تِلْكَ الْفَرِيضَةُ مَقَامَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِحُصُولِ تَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ، كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ نَوَى التَّحِيَّةَ مَعَ الْفَرْضِ فَظَاهِرُ مَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ نَوَى الدُّخُولَ فِي الظُّهْرِ وَالتَّطَوُّعِ يَجُوزُ عَنْ الْفَرْضِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَرَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ دَاخِلًا لِأَنَّ الْفَرْضَ مَعَ النَّفْلِ فِي الصَّلَاةِ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ لَا رُجْحَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي التَّحْرِيمَةِ. فَمَتَى نَوَاهُمَا تَعَارَضَتْ النِّيَّتَانِ فَلَغَتَا. وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْفَرْضَ أَقْوَى فَتَنْدَفِعُ نِيَّةُ الْأَدْنَى كَمَنْ نَوَى حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَالتَّطَوُّعِ اهـ مُلَخَّصًا، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>