وَفِي الْمُجْتَبِي: مَنْ جَهِلَ فَرْضِيَّةَ التَّرْتِيبِ يُلْحَقُ بِالنَّاسِي وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ بُخَارَى، وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ مَا فِي الْقُنْيَةِ: صَبِيٌّ بَلَغَ وَقْتَ الْفَجْرِ وَصَلَّى الظُّهْرَ مَعَ تَذَكُّرِهِ جَازَ، وَلَا يَلْزَمُ التَّرْتِيبُ بِهَذَا الْعُذْرِ (وَلَا يَعُودُ) لُزُومُ التَّرْتِيبِ (بَعْدَ سُقُوطِهِ بِكَثْرَتِهَا) أَيْ الْفَوَائِتِ (بِعَوْدِ الْفَوَائِتِ إلَى الْقِلَّةِ ب) سَبَبِ (الْقَضَاءِ) لِبَعْضِهَا عَلَى الْمُعْتَمِدِ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ (وَكَذَا لَا يَعُودُ) التَّرْتِيبُ (بَعْدَ سُقُوطِهِ بِبَاقِي الْمُسْقِطَاتِ) السَّابِقَةِ مِنْ النِّسْيَانِ وَالضِّيقِ؛ حَتَّى لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ فِي خِلَالِ الْوَقْتِيَّةِ لَا تُفْسِدُ وَهُوَ مُؤَدٍّ، هُوَ الْأَصَحُّ مُجْتَبِي، لَكِنْ فِي النَّهْرِ وَالسِّرَاجِ عَنْ الدِّرَايَةِ: لَوْ سَقَطَ لِلنِّسْيَانِ وَالضِّيقِ ثُمَّ تَذَكَّرَ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ يَعُودُ اتِّفَاقًا، وَنَحْوُهُ فِي الْأَشْبَاهِ فِي بَيَانِ السَّاقِطِ لَا يَعُودُ فَلْيُحَرَّرْ
(وَفَسَادُ) أَصْلِ (الصَّلَاةِ بِتَرْكِ التَّرْتِيبِ مَوْقُوفٌ)
ــ
[رد المحتار]
أَيْ يُبْتَنَى عَلَى الْمُجْتَهَدِ فِيهِ ابْتِدَاءً، وَهُوَ جَوَازُ الظُّهْرِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ عَنْ الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ وَفِي الْمُجْتَبَى إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مُسْقِطًا خَامِسًا، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الظَّنَّ السَّابِقَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ مِنْ الْجَاهِلِ، بَلْ إنَّمَا نَقَلَ كَلَامَ الْمُجْتَبَى لِيُشِيرَ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الظَّنَّ الْمُعْتَبَرَ لَيْسَ مُسْقِطًا رَابِعًا، لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالنِّسْيَانِ، وَإِنَّمَا الْمُسْقِطَاتُ هِيَ الثَّلَاثُ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا أَصْحَابُ الْمُتُونِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ مَا فِي الْقُنْيَةِ) إنَّمَا حُكِمَ عَلَى الصَّبِيِّ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الْجَهْلُ كَمَا فِي النَّهْرِ ح.
قُلْت: لَكِنْ فِي هَذَا التَّخْرِيجِ خَفَاءٌ فَإِنَّ الْفَجْرَ فَائِتَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَكَيْفَ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّرْتِيبُ اعْتِبَارًا لِجَهْلِهِ مَعَ أَنَّهَا نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى السَّابِقَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا مُعْتَبَرًا: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ ظَنِّ الْجَاهِلِ مُطْلَقًا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا.
(قَوْلُهُ بِكَثْرَتِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِسُقُوطِهِ، وَقَوْلُهُ بِعَوْدِ الْفَوَائِتِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَا يَعُودُ، وَقَوْلُهُ بِالْقَضَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِعَوْدِ الْفَوَائِتِ إلَى الْقِلَّةِ ط.
(قَوْلُهُ بِسَبَبِ الْقَضَاءِ لِبَعْضِهَا) كَمَا إذَا تَرَكَ رَجُلٌ صَلَاةَ شَهْرٍ مَثَلًا ثُمَّ قَضَاهَا إلَّا صَلَاةً ثُمَّ صَلَّى الْوَقْتِيَّةَ ذَاكِرًا لَهَا فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ اهـ بَحْرٌ وَقُيِّدَ بِقَضَاءِ الْبَعْضِ لِأَنَّهُ لَوْ قَضَى الْكُلَّ عَادَ التَّرْتِيبُ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) هُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا فِي الْكَافِي وَالْمُحِيطِ، وَفِي الْمِعْرَاجِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَقِيلَ يَعُودُ التَّرْتِيبُ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَرَدَّهُ فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ، وَأَطَالَ فِيهِ الْبَحْرُ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ) وَأَمَّا إذَا قَضَى الْكُلَّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَرْتِيبٌ جَدِيدٌ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ عَادَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ مُجْتَبَى) عِبَارَتُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ لِضِيقِ الْوَقْتِ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ لَا يَعُودُ عَلَى الْأَصَحِّ، حَتَّى لَوْ خَرَجَ فِي خِلَالِ الْوَقْتِيَّةِ لَا تَفْسُدُ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ مُؤَدٍّ عَلَى الْأَصَحِّ لَا قَاضٍ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ مَعَ النِّسْيَانِ ثُمَّ تَذَكَّرَ لَا يَعُودُ اهـ بِاخْتِصَارٍ.
(قَوْلُهُ عَنْ الدِّرَايَةِ) اقْتِصَارٌ عَلَى بَعْضِ اسْمِ الْكِتَابِ لِلِاخْتِصَارِ، فَإِنَّ اسْمَهُ مِعْرَاجُ الدِّرَايَةِ، وَهُوَ شَرْحُ الْهِدَايَةِ لِلْكَاكِيِّ؛ وَكَثِيرًا مَا يُطْلِقُونَ عَلَيْهِ لَفْظَ الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ فَلْيُحَرَّرْ) التَّحْرِيرُ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ فِي ضِيقِ الْوَقْتِ، فَإِنَّ مَا فِي الْمُجْتَبَى مُصَرِّحٌ بِأَنَّ عَدَمَ الْعَوْدِ فِيمَا إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ. وَمَا فِي الدِّرَايَةِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْعَوْدَ فِيمَا إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَيْ ظَهَرَ أَنَّ فِيهِ سَعَةً فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا فِي التَّذَكُّرِ بَعْدَ النِّسْيَانِ، فَإِنَّ مَا فِي الْمُجْتَبَى مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا فِي الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً وَهُوَ يُصَلِّي، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ بَطَلَتْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ قَبْلَ السَّلَامِ بَطَلَتْ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا. وَمَا فِي الدِّرَايَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَذَكَّرَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا كَذَا أَفَادَهُ ح.
ثُمَّ قَالَ: وَفِي التَّحْقِيقِ ضِيقُ الْوَقْتِ لَيْسَ بِمُسْقِطٍ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْوَقْتِيَّةُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِقُوَّتِهَا مَعَ بَقَاءِ التَّرْتِيبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّبْيِينِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي النِّسْيَانِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ بَيْنَ فَائِتَةٍ وَوَقْتِيَّةٍ لِضِيقِ وَقْتٍ أَوْ نِسْيَانٍ يَبْقَى فِيمَا بَعْدَ تِلْكَ الْوَقْتِيَّةِ.
(قَوْلُهُ أَصْلُ الصَّلَاةِ) تَبِعَ فِيهِ النَّهْرَ. وَالصَّوَابُ وَصْفُ الصَّلَاةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقُيِّدَ بِفَسَادِ الْفَرِيضَةِ فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ