بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَصِرْ سِتًّا (لَا) تَظْهَرُ صِحَّتُهَا بَلْ تَصِيرُ نَفْلًا، وَفِيهَا يُقَالُ: صَلَاةٌ تُصَحِّحُ خَمْسًا وَأُخْرَى تُفْسِدُ خَمْسًا.
(وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَوَاتٌ فَائِتَةٌ وَأَوْصَى بِالْكَفَّارَةِ يُعْطَى لِكُلِّ صَلَاةٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ) كَالْفِطْرَةِ
ــ
[رد المحتار]
هَذَا، وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ: كَانَ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ أَدَّى الْخَامِسَةَ ثُمَّ قَضَى الْمَتْرُوكَةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا أَنْ لَا تُفْسِدَ الْمُؤَدَّيَاتِ بَلْ تَصِحُّ لِوُقُوعِهَا غَيْرَ جَائِزَةٍ، وَبِهَا تَصِيرُ الْفَوَائِتُ سِتًّا. وَالْجَوَابُ مَعَ كَوْنِهَا فَائِتَةً مَا بَقِيَ الْوَقْتُ إذْ احْتِمَالُ الْأَدَاءِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ قَائِمٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى دُخُولِ وَقْتِ السَّادِسَةِ وَهِيَ الظُّهْرُ خِلَافًا لِمَا فِي الْفَتْحِ، وَلَا عَلَى أَدَائِهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ مَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ تَصِرْ سِتًّا) أَيْ بِأَنْ قَضَى الْفَائِتَةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْخَامِسَةِ.
(قَوْلُهُ وَفِيهَا يُقَالُ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ كَعَامَّةِ الْكُتُبِ مِنْ اشْتِرَاطِ أَدَاءِ السَّادِسَةِ، فَهَذِهِ السَّادِسَةُ إذَا أَدَّاهَا صَحَّتْ الْخَمْسَةُ الَّتِي قَبْلَهَا، فَهِيَ صَلَاةٌ تُصَحِّحُ خَمْسًا، وَالْفَائِتَةُ إذَا قَضَاهَا قَبْلَ أَدَاءِ السَّادِسَةِ فَسَدَتْ الْخَمْسَةُ الَّتِي قَبْلَهَا، فَهَذِهِ صَلَاةٌ أُخْرَى تُفْسِدُ خَمْسًا أَمَّا عَلَى اعْتِبَارِ خُرُوجِ وَقْتِ الْخَامِسَةِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ فَالْمُصَحِّحُ وَالْمُفْسِدُ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْفَائِتَةُ، فَإِذَا قَضَاهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْخَامِسَةِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا أَفْسَدَتْ الْخَمْسَ الَّتِي قَبْلَهَا، وَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَقْضِ صَحَّتْ الْخَمْسُ أَيْ تَحَقَّقَ بِهَا صِحَّةُ الْخَمْسِ، وَإِلَّا فَالْمُصَحِّحُ حَقِيقَةً هُوَ كَثْرَةُ الْفَوَائِتِ بِخُرُوجِ وَقْتِ الْخَامِسَةِ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ صَلَوَاتٌ فَائِتَةٌ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهَا وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ، فَيَلْزَمُهُ الْإِيصَاءُ بِهَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ قَلَّتْ، بِأَنْ كَانَتْ دُونَ سِتِّ صَلَوَاتٍ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِقَبُولِ الْعُذْرِ مِنْهُ» وَكَذَا حُكْمُ الصَّوْمِ فِي رَمَضَانَ إنْ أَفْطَرَ فِيهِ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ وَمَاتَا قَبْلَ الْإِقَامَةِ وَالصِّحَّةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْإِمْدَادِ. مَطْلَبٌ فِي إسْقَاطِ الصَّلَاةِ عَنْ الْمَيِّتِ.
(قَوْلُهُ يُعْطَى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ: أَيْ يُعْطِي عَنْهُ وَلِيُّهُ: أَيْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ بِوِصَايَةٍ أَوْ وِرَاثَةٍ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَوْصَى، وَإِلَّا فَلَا يُلْزَمُ الْوَلِيُّ ذَلِكَ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الِاخْتِيَارِ، فَإِذَا لَمْ يُوصِ فَاتَ الشَّرْطُ فَيَسْقُطُ فِي حَقِّ أَحْكَامِ الدُّنْيَا لِلتَّعَذُّرِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْعِبَادِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ وُصُولُهُ إلَى مُسْتَحَقِّهِ لَا غَيْرُ، وَلِهَذَا لَوْ ظَفِرَ بِهِ الْغَرِيمُ يَأْخُذُهُ بِلَا قَضَاءٍ وَلَا رِضَا، وَيَبْرَأُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِذَلِكَ إمْدَادٌ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِفِدْيَةِ الصَّوْمِ يُحْكَمُ بِالْجَوَازِ قَطْعًا لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوصِ فَتَطَوَّعَ بِهَا الْوَارِثُ فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ إنَّهُ يُجْزِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَعَلَّقَ الْإِجْزَاءَ بِالْمَشِيئَةِ لِعَدَمِ النَّصِّ، وَكَذَا عَلَّقَهُ بِالْمَشِيئَةِ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِفِدْيَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوهَا بِالصَّوْمِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ كَوْنِ النَّصِّ فِيهِ مَعْلُولًا بِالْعَجْزِ فَتَشْمَلُ الْعِلَّةُ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُولًا تَكُونُ الْفِدْيَةُ بِرًّا مُبْتَدَأً يَصْلُحُ مَاحِيًا لِلسَّيِّئَاتِ فَكَانَ فِيهَا شُبْهَةٌ كَمَا إذَا لَمْ يُوصِ بِفِدْيَةِ الصَّوْمِ فَلِذَا جَزَمَ مُحَمَّدٌ بِالْأَوَّلِ وَلَمْ يَجْزِمْ بِالْأَخِيرَيْنِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوصِ بِفِدْيَةِ الصَّلَاةِ فَالشُّبْهَةُ أَقْوَى.
وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّ الْمَذْكُورَ فِيمَا رَأَيْته مِنْ كُتُبِ عُلَمَائِنَا فُرُوعًا وَأُصُولًا إذَا لَمْ يُوصِ بِفِدْيَةِ الصَّوْمِ يَجُوزُ أَنْ يَتَبَرَّعَ عَنْهُ وَلِيُّهُ. وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْوَلِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ. وَنَظِيرُهُ مَا قَالُوهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِحَجَّةِ الْفَرْضِ فَتَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِالْحَجِّ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ فَتَبَرُّعُ الْوَارِثِ إمَّا بِالْحَجِّ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْإِحْجَاجِ عَنْهُ رَجُلًا يُجْزِيهِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ غَيْرُ الْوَارِثِ لَا يُجْزِيهِ، نَعَمْ وَقَعَ فِي شَرْحِ نُورِ الْإِيضَاحِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ التَّعْبِيرُ بِالْوَصِيِّ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ فَتَأَمَّلْ، وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي آخِرِ رِسَالَتِنَا الْمُسَمَّاةِ شِفَاءَ الْعَلِيلِ فِي بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِالْخَتَمَاتِ وَالتَّهَالِيلِ.
(قَوْلُهُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ) أَيْ أَوْ مِنْ