للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكَذَا حُكْمُ الْوِتْرِ) وَالصَّوْمِ، وَإِنَّمَا يُعْطِي (مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ) وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا يَسْتَقْرِضُ وَارِثُهُ نِصْفَ صَاعٍ مَثَلًا وَيَدْفَعُهُ لِفَقِيرٍ ثُمَّ يَدْفَعُهُ الْفَقِيرُ لِلْوَارِثِ ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى يَتِمَّ.

ــ

[رد المحتار]

دَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ، أَوْ صَاعِ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ قِيمَتِهِ، وَهِيَ أَفْضَلُ عِنْدَنَا لِإِسْرَاعِهَا بِسَدِّ حَاجَةِ الْفَقِيرِ إمْدَادٌ. ثُمَّ إنَّ نِصْفَ الصَّاعِ رُبُعُ مُدٍّ دِمَشْقِيٍّ مِنْ غَيْرِ تَكْوِيمٍ، بَلْ قَدْرُ مَسْحِهِ كَمَا سَنُوضِحُهُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ وَكَذَا حُكْمُ الْوِتْرِ) لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا ط. وَلَا رِوَايَةَ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَنَّهُ يَجِبُ أَوْ لَا يَجِبُ كَمَا فِي الْحِجَّةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ كَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ إسْمَاعِيلُ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُعْطِي مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ) أَيْ فَلَوْ زَادَتْ الْوَصِيَّةُ عَلَى الثُّلُثِ لَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ إخْرَاجُ الزَّائِدِ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ. وَفِي الْقُنْيَةِ: أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ إلَى صَلَوَاتِ عُمْرِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَجَازَ الْغَرِيمُ وَصِيَّتَهُ لَا تَجُوزُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يَسْقُطْ الدَّيْنُ بِإِجَازَتِهِ. اهـ. وَفِيهَا أَوْصَى بِصَلَوَاتِ عُمْرِهِ وَعُمْرُهُ لَا يُدْرَى فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، ثُمَّ رَمَزَ إنْ كَانَ الثُّلُثُ لَا يَفِي بِالصَّلَوَاتِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَفِي بِغَلَبَةِ الظَّنِّ لِأَنَّ الْمَفْرُوضَ أَنَّ عُمْرَهُ لَا يُدْرَى وَذَلِكَ كَأَنْ يَفِيَ الثُّلُثُ بِنَحْوِ عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا وَعُمْرُهُ نَحْوُ الثَّلَاثِينَ. وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي ظَاهِرٌ لِأَنَّ الثُّلُثَ إذَا كَانَ لَا يَفِي بِصَلَوَاتِ عُمْرِهِ تَكُونُ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ يَقِينًا وَيَلْغُو الزَّائِدُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَفِي بِهَا وَيَزِيدُ عَلَيْهَا فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ لِجَهَالَةِ قَدْرِهَا بِسَبَبِ جَهَالَةِ قَدْرِ الصَّلَوَاتِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا إلَخْ) أَيْ أَصْلًا أَوْ كَانَ مَا أَوْصَى بِهِ لَا يَفِي. زَادَ فِي الْإِمْدَادِ: أَوْ لَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ وَأَرَادَ الْوَلِيُّ التَّبَرُّعَ إلَخْ وَأَشَارَ بِالتَّبَرُّعِ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْوَلِيِّ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ فَقَالَ: لَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ فِعْلُ الدَّوْرِ وَإِنْ أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتَ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ بِالتَّبَرُّعِ، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْمَيِّتِ أَنْ يُوصِيَ بِمَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَضِقْ الثُّلُثُ عَنْهُ، فَإِنْ أَوْصَى بِأَقَلَّ وَأَمَرَ بِالدَّوْرِ وَتَرَكَ بَقِيَّةَ الثُّلُثِ لِلْوَرَثَةِ أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ لِغَيْرِهِمْ فَقَدْ أَثِمَ بِتَرْكِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ. اهـ.

مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِالْخَتَمَاتِ وَالتَّهَالِيلِ

وَبِهِ ظَهَرَ حَالُ وَصَايَا أَهْلِ زَمَانِنَا، فَإِنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ صَلَوَاتٌ كَثِيرَةٌ وَغَيْرُهَا مِنْ زَكَاةٍ وَأَضَاحٍ وَأَيْمَانٍ وَيُوصِي لِذَلِكَ بِدَرَاهِمَ يَسِيرَةٍ، وَيَجْعَلُ مُعْظَمَ وَصِيَّتِهِ لِقِرَاءَةِ الْخَتَمَاتِ وَالتَّهَالِيلِ الَّتِي نَصَّ عُلَمَاؤُنَا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِهَا، وَأَنَّ الْقِرَاءَةَ لِشَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا لَا تَجُوزُ، وَأَنَّ الْآخِذَ وَالْمُعْطِيَ آثِمَانِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْبِهُ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى الْقِرَاءَةِ، وَنَفْسُ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهَا لَا يَجُوزُ، فَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ مِنْ مَشَاهِيرِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ؛ وَإِنَّمَا أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لَا عَلَى التِّلَاوَةِ وَعَلَّلُوهُ بِالضَّرُورَةِ وَهِيَ خَوْفُ ضَيَاعِ الْقُرْآنِ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى التِّلَاوَةِ كَمَا أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي شِفَاءِ الْعَلِيلِ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ يَسْتَقْرِضُ وَارِثُهُ نِصْفَ صَاعٍ مَثَلًا إلَخْ) أَيْ أَوْ قِيمَةَ ذَلِكَ. وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَحْسِبَ مَا عَلَى الْمَيِّتِ وَيَسْتَقْرِضَ بِقَدْرِهِ، بِأَنْ يُقَدِّرَ عَنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ أَوْ يَحْتَسِبَ مُدَّةَ عُمْرِهِ بَعْدَ إسْقَاطِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً لِلذَّكَرِ وَتِسْعِ سِنِينَ لِلْأُنْثَى لِأَنَّهَا أَقَلُّ مُدَّةِ بُلُوغِهِمَا، فَيَجِبُ عَنْ كُلِّ شَهْرٍ نِصْفُ غِرَارَةِ قَمْحٍ بِالْمُدِّ الدِّمَشْقِيِّ مُدِّ زَمَانِنَا لِأَنَّ نِصْفَ الصَّاعِ أَقَلُّ مِنْ رُبْعِ مُدٍّ، فَتَبْلُغُ كَفَّارَةُ سِتِّ صَلَوَاتٍ لِكُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ نَحْوَ مُدٍّ وَثُلُثٍ، وَلِكُلِّ شَهْرٍ أَرْبَعُونَ مُدًّا وَذَلِكَ نِصْفُ غِرَارَةٍ، وَلِكُلِّ سَنَةٍ شَمْسِيَّةٍ سِتُّ غَرَائِرَ، فَيَسْتَقْرِضُ قِيمَتَهَا وَيَدْفَعُهَا لِلْفَقِيرِ ثُمَّ يَسْتَوْهِبُهَا مِنْهُ وَيَتَسَلَّمُهَا مِنْهُ لِتَتِمَّ الْهِبَةُ ثُمَّ يَدْفَعُهَا لِذَلِكَ الْفَقِيرِ أَوْ لِفَقِيرٍ آخَرَ وَهَكَذَا، فَيُسْقِطُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ كَفَّارَةَ سَنَةٍ، وَإِنْ اسْتَقْرَضَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يُسْقِطُ بِقَدْرِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعِيدُ الدَّوْرَ لِكَفَّارَةِ الصِّيَامِ ثُمَّ لِلْأُضْحِيَّةِ ثُمَّ لِلْأَيْمَانِ، لَكِنْ لَا بُدَّ فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ مِنْ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَدْفَعَ لِلْوَاحِدِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ فِي يَوْمٍ لِلنَّصِّ عَلَى الْعَدَدِ فِيهَا، بِخِلَافِ فِدْيَةِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إعْطَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>