للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ قَضَاهَا وَرَثَتُهُ بِأَمْرِهِ لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ (بِخِلَافِ الْحَجِّ) لِأَنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، وَلَوْ أَدَّى لِلْفَقِيرِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ لَمْ يَجُزْ؛ وَلَوْ أَعْطَاهُ الْكُلَّ جَازَ، وَلَوْ فَدَى عَنْ صَلَاتِهِ فِي مَرَضِهِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الصَّوْمِ.

(وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الْفَوَائِتِ) وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَى الْفَوْرِ (لِعُذْرِ السَّعْيِ عَلَى الْعِيَالِ؛ وَفِي الْحَوَائِجِ عَلَى الْأَصَحِّ) وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ

ــ

[رد المحتار]

فِدْيَةِ صَلَوَاتٍ لِوَاحِدٍ كَمَا يَأْتِي. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِدُونِ وَصِيَّةٍ لِتَعْلِيلِهِمْ، لِعَدَمِ وُجُوبِهَا بِدُونِ وَصِيَّةٍ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهَا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْفِعْلِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، بِأَنْ يُوصِيَ بِإِخْرَاجِهَا فَلَا يَقُومُ الْوَارِثُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ. ثُمَّ رَأَيْت فِي صَوْمِ السِّرَاجِ التَّصْرِيحَ بِجَوَازِ تَبَرُّعِ الْوَارِثِ بِإِخْرَاجِهَا، وَعَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِإِدَارَةِ الْوَلِيِّ لِلزَّكَاةِ، ثُمَّ يَنْبَغِي بَعْدَ تَمَامِ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ بِمَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ إنْ كَانَ أَوْصَى.

(قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ الْإِجْزَاءِ؛ بِمَعْنَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَسْقُطُ عَنْ الْمَيِّتِ بِذَلِكَ وَكَذَا الصَّوْمُ؛ نَعَمْ لَوْ صَامَ أَوْ صَلَّى وَجَعَلَ ثَوَابَ ذَلِكَ لِلْمَيِّتِ صَحَّ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ ثَوَابُ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ عِنْدَنَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ) لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْبَدَنِ وَالْمَالِ، فَإِنَّ الْعِبَادَةَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: مَالِيَّةٌ، وَبَدَنِيَّةٌ، وَمُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا؛ فَالْعِبَادَةُ الْمَالِيَّةُ كَالزَّكَاةِ تَصِحُّ فِيهَا النِّيَابَةُ حَالَةَ الْعَجْزِ وَالْقُدْرَةِ. وَالْبَدَنِيَّةُ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ لَا تَصِحُّ فِيهَا النِّيَابَةُ مُطْلَقًا. وَالْمُرَكَّبَةُ مِنْهُمَا كَالْحَجِّ، إنْ كَانَ نَفْلًا تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ فَرْضًا لَا تَصِحُّ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ الدَّائِمِ إلَى الْمَوْتِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) هَذَا ثَانِي قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِدُونِ تَرْجِيحٍ. وَظَاهِرُ الْبَحْرِ اعْتِمَادُهُ، وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ.

(قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَالْإِفْطَارِ تَتَارْخَانِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ فَدَى عَنْ صَلَاتِهِ فِي مَرَضِهِ لَا يَصِحُّ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ التَّتِمَّةِ: سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ الْفِدْيَةِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ هَلْ تَجُوزُ؟ فَقَالَ لَا. وَسُئِلَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ الشَّيْخِ الْفَانِي هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ عَنْ الصَّلَوَاتِ كَمَا تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ الصَّوْمِ وَهُوَ حَيٌّ؟ فَقَالَ لَا. اهـ. وَفِي الْقُنْيَةِ: وَلَا فِدْيَةَ فِي الصَّلَاةِ حَالَةَ الْحَيَاةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ. اهـ.

أَقُولُ: وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ النَّصَّ إنَّمَا وَرَدَ فِي الشَّيْخِ الْفَانِي أَنَّهُ يُفْطِرُ وَيَفْدِي فِي حَيَاتِهِ، حَتَّى إنَّ الْمَرِيضَ أَوْ الْمُسَافِرَ إذَا أَفْطَرَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إذَا أَدْرَكَ أَيَّامًا أُخَرَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَدْرَكَ وَلَمْ يَصُمْ يَلْزَمُهُ الْوَصِيَّةُ بِالْفِدْيَةِ عَمَّا قَدَرَ، هَذَا مَا قَالُوهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ غَيْرَ الشَّيْخِ الْفَانِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْدِيَ عَنْ صَوْمِهِ فِي حَيَاتِهِ لِعَدَمِ النَّصِّ وَمِثْلُهُ الصَّلَاةُ؛ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالْقَضَاءِ إذَا قَدَرَ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ إلَّا بِتَحْقِيقِ الْعَجْزِ عَنْهُ بِالْمَوْتِ فَيُوصِي بِهَا، بِخِلَافِ الشَّيْخِ الْفَانِي فَإِنَّهُ تَحَقَّقَ عَجْزُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ عَنْ أَدَاءِ الصَّوْمِ وَقَضَائِهِ فَيَفْدِي فِي حَيَاتِهِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ عَجْزُهُ عَنْ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ يُصَلِّي بِمَا قَدَرَ وَلَوْ مُومِيًا بِرَأْسِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ سَقَطَتْ عَنْهُ إذَا كَثُرَتْ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا إذَا قَدَرَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ، وَبِمَا قَرَّرْنَا ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ أَيْ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَفْدِيَ عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ خَاصٌّ بِالشَّيْخِ الْفَانِي تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الْفَوَائِتِ) أَيْ الْكَثِيرَةِ الْمُسْقِطَةِ لِلتَّرْتِيبِ.

(قَوْلُهُ لِعُذْرِ السَّعْيِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ ط أَيْ فَيَسْعَى وَيَقْضِي مَا قَدَرَ بَعْدَ فَرَاغِهِ ثُمَّ وَثُمَّ إلَى أَنْ تَتِمَّ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْحَوَائِجِ) أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ أَيْ مَا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ مِنْ جَلْبِ نَفْعٍ وَدَفْعِ ضُرِّهِ وَأَمَّا النَّفَلُ فَقَالَ فِي الْمُضْمَرَاتِ: الِاشْتِغَالُ بِقَضَاءِ الْفَوَائِتِ أَوْلَى وَأَهَمُّ مِنْ النَّوَافِلِ إلَّا سُنَنَ الْمَفْرُوضَةِ وَصَلَاةَ الضُّحَى وَصَلَاةَ التَّسْبِيحِ وَالصَّلَاةَ الَّتِي رُوِيَتْ فِيهَا الْأَخْبَارُ. اهـ. ط أَيْ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَالْأَرْبَعَ قَبْلَ الْعَصْرِ وَالسِّتَّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ.

(قَوْلُهُ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ) أَيْ فِي خَارِجِ الصَّلَاةِ؛ أَمَّا فِيهَا فَعَلَى الْفَوْرِ وَفِي الْحِلْيَةِ مِنْ بَابِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ عَنْ شَرْحِ الزَّاهِدِيِّ أَدَاءُ هَذِهِ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْفَوْرِ، وَكَذَا خَارِجَهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى التَّرَاخِي، وَكَذَا الْخِلَافُ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنُّذُورِ الْمُطْلَقَةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>