للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ مِنْ حَجَرٍ أَوْ حَدِيدٍ (لَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ) كَرَخَاوَةِ الْأَرْضِ

(وَ) يُسَنُّ أَنْ (يُفْرَشَ فِيهِ التُّرَابُ. مَاتَ فِي سَفِينَةٍ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَأُلْقِيَ فِي الْبَحْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا مِنْ الْبَرِّ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَنَ) الْمَيِّتُ (فِي الدَّارِ وَلَوْ) كَانَ (صَغِيرًا) لِاخْتِصَاصِ هَذِهِ السُّنَّةِ بِالْأَنْبِيَاءِ وَاقِعَاتٌ.

(وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ (يُدْخَلَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ) بِأَنْ يُوضَعَ مِنْ جِهَتِهَا ثُمَّ يُحْمَلَ فَيُلْحَدَ (وَ) أَنْ (يَقُولَ وَاضِعُهُ: بِسْمِ اللَّهِ، وَبِاَللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُوَجَّهَ إلَيْهَا)

ــ

[رد المحتار]

نَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ الْإِمَامِ ابْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ جَوَّزَهُ فِي أَرَاضِيِهِمْ لِرَخَاوَتِهَا: وَقَالَ: لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُفْرَشَ فِيهِ التُّرَابُ، وَتُطَيَّنَ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِمَّا يَلِي الْمَيِّتَ، وَيُجْعَلُ اللَّبِنُ الْخَفِيفُ عَلَى يَمِينِ الْمَيِّتِ وَيَسَارِهِ لِيَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ اللَّحْدِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ يَنْبَغِي يُسَنُّ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ، بَلْ فِي الْيَنَابِيعِ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يُفْرَشَ فِي الْقَبْرِ التُّرَابُ، ثُمَّ لَمْ يَتَعَقَّبُوا الرُّخْصَةَ فِي اتِّخَاذِهِ مِنْ حَدِيدٍ بِشَيْءٍ، وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْوَجْهِ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُعْمَلُ إلَّا بِالنَّارِ فَيَكُونُ كَالْآجُرِّ الْمَطْبُوخِ بِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمَيِّتِ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَوْ لِلرَّجُلِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ مُطْلَقًا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ فَقَالَ: وَفِي الْمُحِيطِ: وَاسْتَحْسَنَ مَشَايِخُنَا اتِّخَاذَ التَّابُوتِ لِلنِّسَاءِ، يَعْنِي وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ رَخْوَةً فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إلَى السَّتْرِ وَالتَّحَرُّزِ عَنْ مَسِّهَا عِنْدَ الْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَرَخَاوَةِ الْأَرْضِ) أَيْ وَكَوْنُهَا نَدِيَّةً، فَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ أَوْ فِي الشِّقِّ إنْ كَانَتْ نَدِيَّةً أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلشِّقِّ سَقْفٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ

(قَوْلُهُ أَنْ يُفْرَشَ فِيهِ) أَيْ فِي الْقَبْرِ أَوْ فِي اللَّحْدِ كَمَا بَيَّنَّاهُ (قَوْلُهُ وَأُلْقِيَ فِي الْبَحْرِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَعَنْ أَحْمَدَ يُثْقَلُ لِيَرْسُبَ. وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ كَذَلِكَ إنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَإِلَّا شُدَّ بَيْنَ لَوْحَيْنِ لِيَقْذِفَهُ الْبَحْرُ فَيُدْفَنَ. اهـ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا مِنْ الْبَرِّ) الظَّاهِرُ تَقْدِيرُهُ، بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَرِّ مُدَّةٌ يَتَغَيَّرُ الْمَيِّتُ فِيهَا. ثُمَّ رَأَيْت فِي نُورِ الْإِيضَاحِ التَّعْبِيرَ بِخَوْفِ الضَّرَرِ بِهِ (قَوْلُهُ فِي الدَّارِ) كَذَا فِي الْحِلْيَةِ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَغَيْرِهَا، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْفَتْحِ وَلَا يُدْفَنُ صَغِيرٌ وَلَا كَبِيرٌ فِي الْبَيْتِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْأَنْبِيَاءِ، بَلْ يُنْقَلُ إلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُدْفَنُ فِي مَدْفِنٍ خَاصٍّ كَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَبْنِي مَدْرَسَةً وَنَحْوَهَا، وَيَبْنِي لَهُ بِقُرْبِهَا مَدْفِنًا تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ بِأَنْ يُوضَعَ مِنْ جِهَتِهَا ثُمَّ يُحْمَلَ) أَيْ فَيَكُونَ الْآخِذُ لَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَالَ الْأَخْذِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: يُسْتَحَبُّ السَّلُّ، بِأَنْ يُوضَعَ الْمَيِّتُ عِنْدَ آخِرِ الْقَبْرِ ثُمَّ يُسَلُّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ مُنْحَدِرًا، وَبَيَانُ الْأَدِلَّةِ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَالْفَتْحِ. وَلَا يَضُرُّ عِنْدَنَا كَوْنُ الدَّاخِلِ فِي الْقَبْرِ وِتْرًا أَوْ شَفْعًا وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ الْوِتْرَ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَيُلْحَدُ) وَكَذَا لَوْ كَانَ الْقَبْرُ شِقًّا غَيْرَ مُسْقَفٍ، أَمَّا الْمُسْقَفُ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ السَّلُّ (قَوْلُهُ وَبِاَللَّهِ) زَادَهُ عَلَى مَا فِي الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ، وَهُوَ ثَابِتٌ فِي لَفْظٍ لِلتِّرْمِذِيِّ، وَالْأَوَّلُ فِي لَفْظٍ لِابْنِ مَاجَهْ وَفِي لَفْظٍ لَهُ بِزِيَادَةٍ «وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ» بَعْدَ قَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ، وَذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالُوا: وَالْمَعْنَى بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْنَاك، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ سَلَّمْنَاك، ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ: لَيْسَ هَذَا دُعَاءً لِلْمَيِّتِ لِأَنَّهُ إنْ مَاتَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبَدَّلَ حَالُهُ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُبَدَّلْ أَيْضًا، وَلَكِنْ الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، فَيَشْهَدُونَ بِوَفَاتِهِ عَلَى الْمِلَّةِ، وَعَلَى هَذَا جَرَتْ السُّنَّةُ اهـ حِلْيَةٌ. [تَنْبِيهٌ]

فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْوَارِدِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْأَذَانُ عِنْدَ إدْخَالِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ الْآنَ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهُ بِدْعَةٌ. وَقَالَ: وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ سُنَّةٌ قِيَاسًا عَلَى نَدْبِهِمَا لِلْمَوْلُودِ إلْحَاقًا لِخَاتِمَةِ الْأَمْرِ بِابْتِدَائِهِ فَلَمْ يُصِبْ. اهـ. وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا وَغَيْرُهُمْ بِكَرَاهَةِ الْمُصَافَحَةِ الْمُعْتَادَةِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ مَعَ أَنَّ الْمُصَافَحَةَ سُنَّةٌ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَوْنِهَا لَمْ تُؤْثَرْ فِي خُصُوصِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَالْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا فِيهِ تُوهِمُ الْعَوَّامَ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ فِيهِ، وَلِذَا مَنَعُوا عَنْ الِاجْتِمَاعِ لِصَلَاةِ الرَّغَائِبِ الَّتِي أَحْدَثَهَا بَعْضُ الْمُتَعَبِّدِينَ لِأَنَّهَا لَمْ تُؤْثَرْ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فِي تِلْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>