وُجُوبًا، وَيَنْبَغِي كَوْنُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَلَا يُنْبَشُ لِيُوَجَّهَ إلَيْهَا (وَتُحَلُّ الْعُقْدَةُ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا (وَيُسَوَّى اللَّبِنُ وَالْقَصَبُ لَا الْآجُرُّ) الْمَطْبُوخُ وَالْخَشَبُ لَوْ حَوْلَهُ، أَمَّا فَوْقَهُ فَلَا يُكْرَهُ ابْنُ مَالِكٍ.
[فَائِدَةٌ]
عَدَدُ لَبِنَاتِ لَحْدِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تِسْعٌ بَهْنَسِيٌّ (وَجَازَ) ذَلِكَ حَوْلَهُ (بِأَرْضٍ رَخْوَةٍ) كَالتَّابُوتِ (وَيُسَجَّى) أَيْ يُغَطَّى (قَبْرُهَا) وَلَوْ خُنْثَى (لَا قَبْرُهُ) إلَّا لِعُذْرٍ كَمَطَرٍ (وَيُهَالُ التُّرَابُ عَلَيْهِ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ) مِنْ التُّرَابِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ وَيُسْتَحَبُّ حَثْيُهُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ثَلَاثًا،
ــ
[رد المحتار]
اللَّيَالِي الْمَخْصُوصَةِ وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ خَيْرَ مَوْضُوعٍ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْهِدَايَةِ: بِذَلِكَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَكِنْ لَمْ يَجِدْهُ الْمُخْرِجُونَ. وَفِي الْفَتْحِ أَنَّهُ غَرِيبٌ، وَاسْتُؤْنِسَ لَهُ بِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: هِيَ تِسْعٌ، فَذَكَرَ مِنْهَا اسْتِحْلَالَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتَكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» . اهـ.
قُلْت: وَوَجْهُهُ أَنَّ ظَاهِرَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ فِي وُجُوبِ اسْتِقْبَالِهِ، لَكِنْ صَرَّحَ فِي التُّحْفَةِ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ كَمَا يَأْتِي عَقِبَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْبَشُ لِيُوَجَّهَ إلَيْهَا) أَيْ لَوْ دُفِنَ مُسْتَدْبِرًا لَهَا وَأَهَالُوا التُّرَابَ لَا يُنْبَشُ لِأَنَّ التَّوَجُّهَ إلَى الْقِبْلَةِ سُنَّةٌ وَالنَّبْشَ حَرَامٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَعْدَ إقَامَةِ اللَّبِنِ قَبْلَ إهَالَةِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ يُزَالُ وَيُوَجَّهُ إلَى الْقِبْلَةِ عَنْ يَمِينِهِ حِلْيَةٌ عَنْ التُّحْفَةِ، وَلَوْ بَقِيَ فِيهِ مَتَاعٌ لِإِنْسَانٍ فَلَا بَأْسَ بِالنَّبْشِ ظَهِيرِيَّةٌ (قَوْلُهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا) لِأَنَّهَا تُعْقَدُ لِخَوْفِ الِانْتِشَارِ عِنْدَ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَيُسَوَّى اللَّبِنُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى اللَّحْدِ بِأَنْ يُسَدَّ مِنْ جِهَةِ الْقَبْرِ وَيُقَامَ اللَّبِنُ فِيهِ حِلْيَةٌ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ: وَالْقَصَبُ) قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَتُسَدُّ الْفُرَجُ الَّتِي بَيْنَ اللَّبِنِ بِالْمَدَرِ وَالْقَصَبِ كَيْ لَا يَنْزِلَ التُّرَابُ مِنْهَا عَلَى الْمَيِّتِ، وَنَصُّوا عَلَى اسْتِحْبَابِ الْقَصَبِ فِيهَا كَاللَّبِنِ. اهـ. (قَوْلُهُ لَا الْآجُرُّ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَالتَّشْدِيدِ أَشْهَرُ مِنْ التَّخْفِيفِ مِصْبَاحٌ. وَقَوْلُهُ الْمَطْبُوخُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لِلزِّينَةِ وَلَا حَاجَةَ لِلْمَيِّتِ إلَيْهَا وَلِأَنَّهُ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، فَيُكْرَهُ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى الْمَيِّتِ تَفَاؤُلًا كَمَا يُكْرَهُ أَنْ يُتْبَعَ قَبْرُهُ بِنَارٍ تَفَاؤُلًا (قَوْلُهُ: لَوْ حَوْلَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَكَرِهُوا الْآجُرَّ وَأَلْوَاحَ الْخَشَبِ. وَقَالَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ: هَذَا إذَا كَانَ حَوْلَ الْمَيِّتِ، فَلَوْ فَوْقَهُ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ يَكُونُ عِصْمَةً مِنْ السَّبُعِ. وَقَالَ مَشَايِخُ بُخَارَى: لَا يُكْرَهُ الْآجُرُّ فِي بَلْدَتِنَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ لِضَعْفِ الْأَرَاضِي (قَوْلُهُ: عَدَدُ لَبِنَاتِ إلَخْ) نَقَلَهُ أَيْضًا فِي الْأَحْكَامِ عَنْ الشُّمُنِّيِّ عَنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ يُقَالُ عَدَدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَازَ ذَلِكَ) أَيْ الْآجُرُّ وَالْخَشَبُ (قَوْلُهُ: وَيُسَجَّى قَبْرُهَا) أَيْ بِثَوْبٍ وَنَحْوِهِ اسْتِحْبَابًا حَالَ إدْخَالِهَا الْقَبْرَ حَتَّى يُسَوَّى اللَّبِنُ عَلَى اللَّحْدِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَالْإِمْدَادِ. وَنَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ صَرَّحَ فِي كِتَابِ الْخُنْثَى أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ.
قُلْت: وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ ظُهُورُ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَمَطَرٍ) أَيْ وَبَرْدٍ وَحَرٍّ وَثَلْجٍ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ عَلَى الْمَيِّتِ، وَهُوَ أَقْرَبُ لَفْظًا، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ مَعْنًى (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ) لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ» زَادَ أَبُو دَاوُد «أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ» حِلْيَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ) كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ، وَهُوَ مُقْتَضَى النَّهْيِ الْمَذْكُورِ، لَكِنْ نَظَرَ صَاحِبُ الْحِلْيَةِ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ وَقَالَ: وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَشَّ عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ حَصْبَاءَ» وَهُوَ مُرْسَلٌ صَحِيحٌ، فَتُحْمَلُ الْكَرَاهَةُ عَلَى الزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ، وَعَدَمُهَا عَلَى الْقَلِيلَةِ الْمُبَلِّغَةِ لَهُ مِقْدَارَ شِبْرٍ أَوْ مَا فَوْقَهُ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ حَثْيُهُ) أَيْ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا جَوْهَرَةٌ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: حَثَيْت التُّرَابَ حَثْيًا وَحَثَوْته حَثْوًا: إذَا قَبَضْته وَرَمَيْته. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْقَامُوسِ، فَهُوَ وَاوِيٌّ وَيَائِيٌّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ثَلَاثًا) لِمَا فِي ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ فَحَثَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute