شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنِ الْمُخَدَّجِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ. . .» إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِمَعْنَاهُ قَرِيبًا مِنْ لَفْظِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ رِجَالَ هَذِهِ الْأَسَانِيدِ ثِقَاتٌ مَعْرُوفُونَ إِلَّا الْمُخَدَّجِيَّ الْمَذْكُورَ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَبِتَوْثِيقِهِ تَعْلَمُ صِحَّةَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَلَهُ شَوَاهِدُ يَعْتَضِدُ بِهَا أَيْضًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاسِطِيُّ، ثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ هَارُونَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ: زَعَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ، فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ.» إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ بِمَعْنَاهُ، وَعَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ الْمَذْكُورُ قِيلَ إِنَّهُ صَحَابِيٌّ مَدَنِيٌّ، وَقِيلَ: هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عُسَيْلَةَ الْمُرَادِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ، وَهُوَ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ، مَاتَ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فَرِوَايَةُ الصُّنَابِحِيِّ الْمَذْكُورِ إِمَّا رِوَايَةُ صَحَابِيٍّ أَوْ تَابِعِيٍّ ثِقَةٍ، وَبِهَا تَعْتَضِدُ رِوَايَةُ الْمُخَدَّجِيِّ الْمَذْكُورِ، وَرِجَالُ سَنَدِ أَبِي دَاوُدَ هَذَا غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ ثِقَاتٌ، مَعْرُوفُونَ لَا مَطْعَنَ فِيهِمْ، وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ صِحَّةَ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْمَذْكُورِ.
وَقَالَ الزُّرْقَانِيُّ) فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ (: وَفِيهِ يَعْنِي حَدِيثَ عُبَادَةَ الْمَذْكُورَ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا يَكْفُرُ وَلَا يَتَحَتَّمُ عَذَابُهُ، بَلْ هُوَ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ بِنَصِّ الْحَدِيثِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَجَاءَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُبَادَةَ بِنَحْوِهِ فِي أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ، وَالْبَيْهَقِيِّ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. انْتَهَى مِنْهُ.
وَقَالَ الْعَلَامَةُ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي) نَيْلِ الْأَوْطَارِ (: وَلِهَذَا الْحَدِيثِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَمِنْ حَدِيثٍ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ. انْتَهَى مَحِلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ) فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (بَعْدَ أَنْ سَاقَ حَدِيثَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتَ الْمَذْكُورَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ، لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ صَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَعَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْمُخَدَّجِيَّ الْمَذْكُورَ فِي سَنَدِهِ مَجْهُولٌ؟ فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ جِهَتَيْنِ: الْأُولَى: أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute